يقصد ضرورة كبحها لدى الدول والحكومات الأخرى، من أجل بسط الهيمنة الأميركية الكاملة عليها وكان رؤساء أميركيون أمثال جورج دبليو بوش قد لجأ إلى ما دعوها (القوة الخشنة) للوصول إلى الغايات بينما استخدم أمثال بيل كلينتون (القوة الناعمة) أي الحرب الثقافية والدبلوماسية والسلطة الأخلاقية وهوليوود الحملات من أجل كسب قلوب وعقول سكان البلدان الخصمة أما الرئيس أوباما، فقد اختار التأرجح بين هذين الخيارين والمزج في الاستخدام بين القوة العسكرية والديبلوماسية، والسياسية والاقتصادية مع التغلغل الثقافي بالإضافة إلى مناورات ذات طابع قضائي، ودعوها (السلطة الذكية) ومن خلال تطبيقها في الهندوراس يمكن أن نجزم أنها تعمل بشكل جيد.
خلال تسميتها وزيرة للخارجية أكدت السيدة كلينتون خلال جلسة استماع لها أمام الكونغرس علينا استخدام (القوة الذكية) SMART POWER من خلال الوسائل المتاحة لدينا الديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والقضائية والثقافية.
والوضع في الدولة هو الذي يفرض الوسيلة الواجب استخدامها مع استخدام القوة الذكية تصبح الديبلوماسية هي قاذفة رماحنا في السياسة الخارجية واعطت تعريفاً لهذا المفهوم (الاقناع هوالطريق الأكثر حكمة للمضي به).
فما الذكاء في هذا المفهوم؟ إنه الشكل السياسي الصعب تصنيفه، الصعب استبيانه والصعب كشفه.
ولدينا الهندوراس مثالاً على ذلك: أدان الرئيس أوباما الانقلاب ضد الرئيس الشرعي زيلايا في وقت كان سفيره في العاصمة الهندوراسية يعقد اجتماعاته مع الانقلابيين بانتظام، ولماكانت وزيرة خارجيته كلينتون تكرر في مناسبات عدة لأربعة أشهر حلت عدم رغبة بلادها التأثير على مجريات الأوضاع في الهندوراس، وحل الأزمة تقع على الشعب، كانت على اطلاع وتدخل في الوساطة التي عهدت إلى رئيس كوستاريكا، وواصلت تمويل النظام الانقلابي ومؤيديه، ونصبت القوى العسكرية الهندوراسية المسؤولة عن قمع الشعب نظاماً قمعياً بمساعدة القاعدة العسكرية الأميركية في سوتوكانو.
وأخيراً جاءت قوى الضغط (اللوبي) في واشنطن لتصيغ الاتفاق الأخير الذي دعي (سان خوسيه) وأقنع وفد جاء من وزارة الخارجية والبيت الأبيض الشعب الهندوراسي بقبول هذا الاتفاق.
لقد أفلح تكتيك (القوة الذكية) في خداع الرأي العام، وإظهار إدارة أوباما المنتصر الأكبر في (التعددية القطبية) والتي مررت من خلالها نزعة أحادية القطبية المفضلة لدى واشنطن رغم تدخل واشنطن ودعمها مادياً لأحداث الانقلاب في الهندوراس وهذا ما أكد عليه ناطقون باسم الخارجية الأميركية الذين أكدوا في مؤتمرات صحفية أن واشنطن كانت على اطلاع بقرب وقوع الانقلاب، وأضافوا أن اثنين من كبار موظفي الخارجية هما توماس شانان وجيمس ستينبرغ كانا في الهندوراس قبل أسبوع من الانقلاب للقاء مجموعات مدنية وعسكرية متورطة فيه.
وأكدوا أن هدفهم كان في وقف الانقلاب، ولكن كيف يمكن تفسير توجيه الطائرة التي كانت تقل الرئيس زيلايا إلى المنفى وارغامها بالقوة على الهبوط في قاعدة سوتوكانو بحضور ضباط عسكريين أميركيين.
تفضح الحقائق دور واشنطن في الانقلاب، كماوتكشف عن فعالية (القوة الذكية) وبعد كل ذلك استخدمت الإدارة الأميركية منظمة الدول الأميركية، وهي في النزع الأخير كغطاء للوصول إلى مبتغاها واستخدمت الخارجية الأميركية خطاباً يؤيد الانقلابيين من خلال دعوتهم للطرفين..
حل الصراع السياسي بصورة سلمية وبالحوار ومنذ متى كان يستولي على السلطة بشكل غير شرعي (طرف شرعي) ومعني بالحوار؟ ومن خلال هذا المنطق الأميركي يجب على العالم أن يشجع واشنطن على حل صراعها مع القاعدة بطرق سلمية وبالحوارلا بالحرب!.
لقد أفلحت (القوة الذكية) التي تبناها أوباما /كلينتون، عن طريق المناورة واللعب على عامل الوقت عندما طلبت انتظار 72 ساعة، لكي يفكر الانقلابيون حول ماذا سيفعلون؟ ثم فرضت الوساطة الكوستاريكية، كانت خلال هذا الوقت كله ترتب الأمور،لغاية تجريد زيلايا من أي سلطة، في حال عاد إلى البلاد.. وقد أكد مساعد وزيرة الخارجية توماس شانان خلال التوقيع على الاتفاق أن الوضع في الهندوراس تم حله (دون عنف).
وكان الشعب الهندوراسي قد خضع لشهور خلت إلى كل أشكال القمع والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.
وعقب التوقيع على المعاهدة المذكورة التي تم أواخر الشهر المنصرم، رفعت واشنطن القيود التي فرضتها على النظام بزعم ممارسة ضغوط على الانقلابيين.
وبات للانقلابيين حرية الحركة والسفر إلى واشنطن كما ويمكن للعسكريين الأميركيين في قاعدة سوتوكانو استئناف نشاطهم.
كانت القوة الذكية حاذقة أن انطلت وخدعت أولئك الذين حيوا وباركوا (نهاية الأزمة) في الهندوراس، ولكن وبالنسبة للغالبية العظمى في أميركا اللاتينية يمثل انتصار أوباما في الهندوراس فأل شر وخطير، وقبلها كانت منظمة ALBA الأميركية اللاتينية طالبت بتعزيز الاستقلال حيال القوة المهيمنة الشمالية وأثبتت شعوب وحكومات هذه الدول عزمها على الحفاظ على سيادتها لبناء مستقبلها بنفسها ولكن مع (قوة أوباما الذكية) وضرب ALBA بانقلاب الهندوراس وتضعضع التكاملية الأميركية اللاتينية من خلال التمدد الأميركي في كولومبيا يبدو أن الكفاح من أجل استقلال وسيادة دول الحديقة الخلفية للبيت الأبيض بدأت تخضع لآلة السحق الأميركية ويجري الحديث الآن عن انقلابات تتحضر لدول أخرى مثل البراغواي ونكاراغوا والاكوادور وفنزويلا ولكن الشعب الهندوراسي لم يلقِ سلاحه في المقاومة، رغم التوقيع على الاتفاق بين رجال السلطة، لأن الوسيلة الوحيدة لدحر الإمبريالية سواء منها الناعمةأم الخشنة أم الذكية هي وحدة وتكافل الشعوب.