قبيل السادسة قام زوجها وأبناؤها بالاتصال ببيت أخيها أبو حمد للاستفهام عن سبب تأخرها وبعد اتصالات بالأقارب في الحي، قاموا بالاتصال بمشفى الشهيد زيد الشريطي، فأبلغوا بوجود امرأة متوفاة بحادث سير مجهولة الهوية منذ حوالي الساعتين، ولهول المفاجأة كانت الجثة هي للأم التي غادرت بيت أخيها عند الساعة الخامسة والنصف معتذرة برؤية ابنها الذي يعمل في صلخد قبل سفره بحيث لم تنتظر تقديم الضيافة، كما لم تنتظر نداء ابن أخيها وابنته الدكتورة مي بإيصالها بالسيارة، فقد كان أبناؤها وأحفادها الذين لا يطيقون بعدها عنهم ولم يألفوا تأخرها ينتظرونها على أحر من الجمر.
في التفاصيل:
تم الإبلاغ عند السادسة مساء يوم الخميس في5/11/2009 عن وجود جثة امرأة في حوالي الستين من عمرها ملقاة فوق الجزيرة المنصفة للشارع المحوري، وعندما حضرت لجنة الكشف ورئيس قسم التحقيق المروري النقيب جهاد غانم الداود إلى مكان الحادث، وجد حذاء المرحومة عند مدخل الممر في المنصف، بينما جثتها ملقاة على الجزيرة على بعد11متراً. وبعد نقل المرأة إلى المشفى بين تقرير الطبيب الشرعي أن سبب الوفاة توقف قلب وتنفس مع تهشم كامل لمحتويات القحف العظمية والدماغية، ورغم وقوع الحادث في أهم شارع في المدينة المحوري مقابل مساكن حي الجلاء ووجود العديد من المحلات التجارية على بعد أمتار قليلة غربي الشارع مباشرة، إلا أن أحداً لم ينتبه ساعة وقوعه، كما لم يفد أحد بأية معلومة تفيد بمعرفة الفاعل أو مواصفات الآلية المتسببة بالحادث به أو أية آثار تدل عليه... حتى أن الشخص الذي أخبر، أفاد أنه لم ير الحادث لحظة وقوعه، لكنه سمع صوت ارتطام قوي، قاده إليه... وعندما تلاشى الأمل بورود أية معلومة تفيد التحقيق وجه العميد قائد شرطة المحافظة ورئيس فرع المرور، بمتابعة التحقيق في الحادث الغامض لمعرفة المتسبب حيث تم رسم التصور التالي: أثناء قطع السيدة المسار الشرقي للأتوستراد المحوري، وعند وصولها مدخل المشاة في الجزيرة المنصفة، تعرضت للدهس من قبل سيارة، والسبب السرعة الزائدة، لا تقل عن 100كم في الساعة وعدم وجود إنارة كافية بسبب تعطل مصباح الشارع...
اتصال مجهول
لم تكن بشاعة الحادث المؤلم الذي أودى بحياة السيدة أم أشرف، الأم والجدة والإنسانة المعروفة بمحبتها للناس وتفانيها في عمل الخير، كافية لحرق قلوب أبنائها وذويها ... وإذا كان هناك من يحتمل ضميره هدر دم إنسان وتركه في الشارع فإن هناك آخرين لن يرتاح لهم ضمير قبل أن يكشفوا من ارتكب هذه الجريمة المستنكرة وحتى لو لو يكن هناك أية معلومات توجه التحقيق أو ترشده، فقد كان رهانهم الوحيد، على خطأ لابد للمجرم أن يرتكبه... فيؤدي إلى معرفة هويته، وكان النقيب جهاد قد قام بإجراء تحقيق دقيق في مكان الحادث فطلب من المكاتب والمحال المساعدة في إيصال أية معلومة، وبالفعل ففي اليوم ذاته جاء اتصال من شخص مجهول الهوية يسأل عن الحادث، فقام رئيس قسم التحقيق المروري، بالبحث في ملفات قسم المرور، عن صاحب الرقم الذي ورد منه الاتصال، فتبين وجود خمسة أشخاص يحملون نفس الاسم، ولكن واحداً منهم فقط يملك سيارة، فتم التعرف على منزله... وقبل الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الجمعة أي بعد مرور أقل من 24 ساعة على الحادث، كان رئيس قسم التحقيق وعناصره عند باب المشتبه به، فوجدوا سيارة متسيوبيشي لونها خمري تحمل الرقم 735544 أمام المنزل، وتبين وجود ضربة على الضوء الأمامي اليساري وطبون السيارة الأمامي وآثار بلور متناثر بداخلها وتبين أنه تم تبديل حديث لبلور السيارة بالكامل. عندها تم استدعاء السائق فادعى بأنه ضرب بالرصيف ، وخلال التحقيق اعترف بقيامه بدهس المرحومة مبرراً محاولة إخفاء جريمته بالخوف من العواقب وعندما تم إحضار الكومجي الذي بدل بلور السيارة ادعى الآخر بأن السائق اشترى منه البلور ليقوم بتركيبه بنفسه، ولكن أمام إفادة واعتراف السائق عاد واعترف بقيامه بتركيب بلور السيارة مقابل مبلغ مالي مدعياً بعدم معرفته بطبيعة الحادث... وادعى السائق وأنه أحس بأنه ضرب بشيء وقذفه ونظراً للسرعة والظلمة لم يعرف ما ارتكب حتى اليوم الثاني ويعتقد بأن جثة المرأة اصطدمت بالبلور فتحطم وبقيت مسافة فوق طبون السيارة مسافة 11 متراً قبل أن تسقط فوق الجزيرة المنصفة!
سلوك مدان
ليس بوسع أحد أن يمنع الخطأ البشري أحياناً من الوقوع، ولكن الحفاظ على ما نشأنا عليه من قيم إنسانية ودينية وعلى أخلاق مجتمعنا واجب والتهرب منه جريمة... فقد لا تساعد ظروف مرتكب الحادث النفسية لحظة وقوعه على القيام بنقل المصاب ولكن اعترافه بالخطأ وإظهاره الأسف والندم والمشاركة وتحمله المسؤولية يخفف من مصاب الأهل أما أن يلوذ الفاعل بالفرار معتقداً بأنه ربما ينجو بفعلته وبأن ضميره المعطل سيبقيه بمنأى عن المسؤولية، فهذه سابقة لم تحدث من قبل وبالفعل فقد تم استنكار سلوك الشخص المتسبب ونبذه من قبل ذويه وعائلته فعبروا عن مشاركتهم وقدموا خالص عزائهم لأسرة المرحومة ، ومن وجهة نظرنا فإن سرعة الكشف عن الفاعل وتقديمه لينال جزاءه جراء ما اقترفت يداه وفقاً للقوانين والأنظمة ضروري لمحاكمة هذا السلوك الشاذ والذي يلحق أشد الضرر بقيمنا الإنسانية والاجتماعية.