وإذا كنا قد عرضنا لهذا الواقع في تحقيق سابق في هذه الصفحة نعود مرة اخرى في محاولة لتسليط الضوء على بعض التطورات في هذه المشكلة لعل وعسى ان نجد الحلقة أو الأضعف لإعادة وصلها مع الحلقات والقرارات المؤيدة لتثبيت هؤلاء وتسوية أوضاعهم كونهم على رأس عملهم فترة من الزمن.
هناك مايقارب 40 عاملا تم التعاقد معهم بعقود موسمية اعتبارا من تاريخ 2001 وحتى تاريخه وكانت ادارة مشفى التوليد تجدد لهؤلاء العقود بشكل متواصل دون انقطاع بسبب نقص الكادر الاداري في المشفى والحاجة الماسة لخدماتهم «مكتب المدير العام - المحاسبة- العقود- الهندسية- الديوان..» وبتاريخ 19/8/2008 وحسب ماورد بمذكرة العمال فقد حصل هؤلاء على موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء على الاستمرار باستخدامهم واستثنائهم من الدور المتسلسل في مكاتب التشغيل وذلك لمن تمّ استخدامهم قبل عام 2005 بالتنسيق مع وزارة العمل والجهاز المركزي للرقابة المالية.
وبتاريخ 22/10/2008 حصل العمال على موافقة وزارة العمل لمعالجة مشكلتهم وبتاريخ 14/1/2009 وجه المعاون الاداري في المشفى كتابا الى السيد المدير العام بالموافقة على اجراء عقود سنوية للعمال الموسمين الذين تم استثناؤهم من مكتب الدور كل وفق شهادته مع وجود الاعتماد المالي للتعاقد معهم جميعا وتم تحويل الكتاب كما يقولون في مذكرتهم منذ تاريخه الى رئيس الذاتية مع الموافقة لاجراء اللازم والتعاقد معهم الا انه حتى تاريخه لم يرد على جميع الموافقات بحجة الانظمة والقوانين علما انه تم استثناؤهم صراحة بموجب الكتب المتداولة حسب تأكيدهم.
ولتحقيق ذلك قامت ادارة المشفى بمراسلة وزارة التعليم العالي لتنفيذ مضمون كتاب السيد رئيس مجلس الوزراء بتسوية اوضاعهم بالتعاقد معهم بعقود سنوية وكان رد الوزارة الموافقة على التعاقد معهم شرط ان تكون الوظائف فنية او مهنية على سبيل الحصر ، مخالفين بذلك موافقة مجلس الوزراء غير المشروطة الصريحة والواضحة بتسوية اوضاعهم جميعا دون تحديد الفئة او المهنة بل حاجة المشفى لجميع المتعاقدين.
وللوقوف على التفاصيل ومعرفة خطوط التجاذب تشير الوثائق ومنها الوثيقة رقم 2898 الموجهة من وزارة التعليم العالي الى رئاسة مجلس الوزراء وذلك بناء على كتاب ادارة مشفى التوليد والذي شرح فيه حاجة المشفى للتعاقد مع هؤلاء العمال وتجديد عقودهم حتى تاريخه بسبب نقص الكادر الاداري في المشفى.
وبناء عليه قامت الوزارة والمشفى بارسال العديد من الكتب المتعلقة بهذا الشأن الى رئاسة مجلس الوزراء واتحاد نقابات العمال ومكتب العمال القطري ووزارة العمل والجهاز المركزي للرقابة المالية من أجل ايجاد حل عادل ومنصف لهؤلاء العمال.. إلاّ أن الرد كان دائما هو التقيد بالقوانين والانظمة وعلى مبدأ لايضيع حق وراءه مطالب فإن مناقشة هذا الواقع وضرورة معالجته استمر على جميع المستويات حيث تمنت وزارة التعليم العالي من الجهات المختصة التفضل بالاطلاع والتوجه مع اقتراح أن يتم التعاقد معهم بعقود سنوية ريثما تتم تسوية وضعهم وتعيينهم على الملاك إن تعذر تعيينهم على الملاك حاليا نظرا لوضعهم المادي.
موافقة الرئاسة
هذه المطالب والمقترحات وجدت طريقها الى رئاسة مجلس الوزراء حيث أشارت الوثيقة رقم 66 74 الصادرة عن مجلس الوزراء تاريخ 19/8/2008 والتي تضمنت بناء على كتاب الجهاز المركزي للرقابة المالية تاريخ 20/5/2008 وكتاب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم 13526بشأن التدقيق بموضوع العمال المتعاقدين مع مشفى التوليد وامراض النساء، تضمنت الموافقة على الاستمرار باستخدام الموما اليهم واستثنائهم من الدور المتسلسل في مكاتب التشغيل وذلك لمن تم استخدامهم قبل عام 2005 وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهاز المركزي للرقابة المالية بهذا الصدد.
وفيما ورد بالوثيقة الصادرة عن الجهاز المركزي للرقابة المالية تاريخ 20/5/2008 والتي شملت في بنودها جملة من النصوص القانونية والحلول المقترحة حول الموضوع ذاته فقد أشارت ملاحظات الجهاز المركزي لما نصت عليه المادة 146 من القانون الاساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 مايلي:«يجوز للجهة العامة وضمن حدود الاعتمادات المرصدة في الموازنة لهذا الغرض استخدام عمال مؤقتين على اعمال مؤقتة بطبيعتها أو موسمية أو عرضيين. وبينت الحلول المقترحة للجهاز أنه في حال حاجة المشفى لهؤلاء العاملين في توفر الاعتمادات اللازمة نرى ضرورة تسوية وضعهم لدى مكاتب التشغيل من حيث حصول هؤلاء العمال على ترشيحات أصولية واستثنائهم من الدور المتسلسل على اعتبار ان بعضهم مسجل لدى مكاتب التشغيل المختصة وجرى استخدام اغلبهم منذ عام 2001 واستمروا حتى تاريخه.
والأمر الثاني من الحلول المقترحة هو تعيينهم بصفة دائمة في حال توفر الشواغر اللازمة لدى المشفى لاستقرار أوضاعهم الوظيفية مع مراعاة أحكام القانون الاساسي للعاملين في الدولة ولاسيما المادة العاشرة منه.
لايعتبرون من المتعطلين
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أوضحت وجهة نظرها في كتابها الموجه الى ادارة مشفى التوليد الجامعي بناء على موافقة مجلس الوزراء واستثنائهم من الدور المتسلسل لدى مكتب التشغيل كما ورد آنفا بينت أن هؤلاء لايعتبرون من المتعطلين عن العمل بمفهوم المادة 11 من قانون العمل رقم 91 لعام 1959 وتعديلاته بالقانون رقم 3 لعام 2006 الذي اعتبر أن قانون التشغيل تسري احكامه على كل متعطل عن العمل ويرغب فيه ويبحث عنه في الجهات العامة والقطاعين الخاص والمشترك والتعاوني داخل سورية وخارجها.
وعليه فإنه لايمكن لهم كعمال متعاقدين مع المشفى سابقا الترشيح مجدداً من مكتب التشغيل بهدف الاستمرار بالتعاقد معهم، إلا أنه وبعد أن يتم الاستمرار بالتعاقد معهم بموجب موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء يتم موافاتنا بأسمائهم تقول الوزارة وهنا يعالج الموضوع وفق حالتين: الأولى في حال كانوا من المسجلين في مكتب التشغيل تقوم بترقين قيودهم لدينا كونهم من غير المتعطلين عن العمل، والثانية في حال كانوا من غير المسجلين فإنه يتم بموافاتنا بأسمائهم ومن ثم نطلب إليهم التسجيل في مكتب التشغيل ونقوم ايضا بترقين قيودهم باعتبار أنهم أصبحوا من غير المتعطلين عن العمل.
في مرمى إدارة المشفى
أمام هذه المؤشرات والوقائع يبدو أن الكرة اصبحت في مرمى ادارة مشفى التوليد وامراض النساء الجامعي خاصة وأن العثرة الاساسية قد أزاحتها موافقات رئاسة مجلس الوزراء والجهاز المركزي للرقابة المالية ووزارة العمل وكتاب معاون وزير التعليم العالي للشؤون الصحية تاريخ 22/6/2009 المتضمن طلب الموافقة على اجراء عقود سنوية لهؤلاء العمال بالمشفى والذين تم استخدامهم قبل عام 2005 وبناء على القرار رقم 1437 ت 4/6/2006 المتضمن تفويضاً ببعض صلاحيات السيد وزير التعليم العالي وكما ورد في نص الكتاب «لانرى مايمنع من اجراء عقود سنوية للعاملين المذكورين اعلاه ضمن الشروط الواردة في موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء ووفق الاصول القانونية المتبعة شريطة ان تكون الوظائف فنية او مهنية على سبيل الحصر.
وهنا يؤكد بعض العاملين في المشفى انه عندما راجع مسؤول العمال معاون وزير التعليم العالي الدكتور نزار الضاهر بشأن العقود الموسمية فكان جوابه لهم شفهيا.. ان تتخذ الاجراءات اللازمة في المشفى من ناحية اجراء عقود سنوية للعاملين ريثما يتم اجراء اختبار لتثبيتهم، موضحا انه من درجة الشهادة الثانوية ومادون وتجديد عقودهم هي من صلاحية آمر الصرف اي المدير العام للمشفى ولانحتاج بالتالي الى وزارة التعليم العالي، وهذا البيان برأي البعض يفند حجج من يدعي أويقول انه لايجوز ولاسيما بعض دوائر المشفى.
رأي صريح
ومن خلال عرض ماتقدم يؤكد السيد ناهي بحصاص معاون المدير العام للشؤون الادارية بمشفى التوليد بأن المشكلة الأساسية في هذه القضية تكمن حقيقة بمديرية بالشؤون القانونية بوزارة التعليم العالي خاصة وأن جميع القرارات والوثائق الصادرة عن الجهات المعنية صاحبة العلاقة تؤيد تسوية اوضاع الموسميين، وبالتالي لماذا المماطلة مادام الاستثناء بيدنا منذ عام ونصف ولم نستثمره حتى الآن؟؟
إشارات
مانلاحظه من خلال الوثائق والوقائع أن لدى ادارة المشفى استثناءً واضحا بإجراء اللازم ولصالح العمال الموسميين منذ عام كامل تقريبا ومع ذلك لم يستفد منه لغاية الآن، ولم يتخذ اي اجراء بشأن انهاء هذه المشكلة.. رغم امكانية حلها كون جميع الجهات المعنية اعطت الضوء الاخضر لحلها؟؟
اذا كان السيد رئيس مجلس الوزراء لم يضع شروطا في استثنائه ولم يذكر أن تتم معالجة الموضوع وفق الاصول القانونية المتبعة ولم يحدد ان تكون الوظائف فنية او مهنية على سبيل الحصر.. فلماذا لاتراعي الجهات ذات العلاقة مثل الشؤون القانونية في وزارة التعليم العالي خصوصية هذا الاستثناء لاسيما وأن الاستثناء بحد ذاته أصبح قانونا.