تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تطور علوم الفضاء والفلك وانعكاساته على البيئة الاجتماعية والعلمية

مجتمع
الثلاثاء 17-11-2009م
يحيى موسى الشهابي

لقد شهدت سورية منذ الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد الخالد حافظ الاسد قفزات علمية جبارة في جميع العلوم وخاصة في مجال المعلوماتية،

وهذا بدوره انعكس إيجاباً على العديد من المجالات الهامة الكبرى ويكفي ملاحظة ومتابعة المناهج التدريسية في المدارس والجامعات لنعرف مدى التطور والمحاولة الحثيثة على اللحاق بالقطار العالمي في مجال التكنولوجيا.‏

ولما كانت الجمهورية العربية بعد الحركة التصحيحية المجيدة قد رأت أن علم الفلك والفضاء هو العلم المستقبلي لحياة أفضل واستكمالاً للكثير من العلماء السوريين والعرب الذين ارتبط اسمهم بتطوير هذا العلم وكان لهم بصمتهم الواضحة في مسيرته ومنهم على سبيل المثال أولاد موسى بن شاكر في عهد المأمون والذين قاموا بقياس محيط الكرة الأرضية وكذلك البتاني عالم الفلك السوري الذي بنى له مرصد في الرقة واستطاع قياس السنة الشمسية وكذلك الصوفي والخوارزمي وغيرهم والذين اعتمد عليهم الغرب في نهضته فكان لابد من إعادة الاعتبار لهذا العلم حيث بدأ الاهتمام بالفضاء في السبعينات عن طريق مراكز البحث العلمي والمركز الوطني للاستشعار عن بعد الذين تبع بعد ذلك/ للهيئة العامة للاستشعار عن بعد وإقامة العديد من الجمعيات مثل الجمعية الكونية السورية وكذلك جمعية هواة الفلك السورية فضلاً عن شعبة لعلوم الفلك والفضاء في قسم الرياضيات بجامعة دمشق مروراً بتدريس مادة الفلك في قسم الجغرافية وانتهاء بالثمانينات حيث تمت زيادة التعاون مع الاتحاد السوفييتي في مجال الفضاء والاتفاق بينهم على إطلاق رحلة فضائية مشتركة بين البلدين بتاريخ 22 تموز 1987م.‏

الاستاذ الدكتور علي موسى مدرس مادة الفلك في قسم الجغرافية بجامعة دمشق يقول عن علاقة الجغرافية بعلم الفلك والفضاء:‏

لا يمكن فصل الجغرافية عن العلوم المرتبطة بها والتي تشكل كائناً عضوياً متكاملاً، ونظراً للعلاقة الحيوية ما بين هذه العلوم فقد انبرت جامعة دمشق عبر قسم الجغرافية بعمل رائد في العالم العربي، وذلك بإحداث مقرر دراسي في علم الفلك منذ العام 1986م وحتى الآن حيث يقوم على تدريسه أساتذة أكفاء ذوي خبرات مشهود لها وعشرات المؤلفات في هذا المجال،‏

فالجغرافي لايكون جغرافياً إلا بعد أن يسبر طبقات الجو المحيطة بالأرض والتعرف على خصائصها ومكوناتها وتغيراتها في الزمان والمكان وانطلاقاً من ذلك فقد شهد علم الفلك تطوراً في هذه المرحلة عبر الأجهزة والتقنيات المستخدمة فبعد أن كان يقف هذا السبر في بعض المحطات الخاصة بالأرصاد الجوية/ الراديوصاند/ كما في مطار حلب ودمشق عند حدود هذه الطبقات أصبح يتجاوزها عبر العديد من الأقمار الصناعية المخصصة لدراسة أحوال الجو وتقلباته والتي تقدم لنا صورة دقيقة عن الظواهر الحركية الجوية خاصة الأعاصير العنيفة.‏

إذن فالجغرافية علم يتناول في دائرته كل ما له تأثير مباشر أوغير مباشر على هذا الكوكب/ الأرض/ فهاهم إخوان الصفا قد قالوا في رسائلهم الانسان هو الكون الصغير والعالم المحيط به الكون الكبير وكذلك فقد اكتشف العلماء بأن جسم الانسان يحتوي على كل ما هو موجود بالكون من ذرات معدنية وسواها وهنا لابد من معرفة حقيقة مفادها أن الجغرافي ليس فضاء وإنما هو العالم الذي يأخذ من رائد الفضاء ما قام بقياسه وما صوره وما رصده ليستنبط من ذلك الأفكار وليضع الفرضيات وصولاً إلى البرهان عليها مما يقوده إلى وضع نظريات علمية وفلكية والاسهام في تطور المعرفة الفلكية وصولاً لظهور علم الفلك.‏

ويرى المهندس محمد العصيري رئيس جمعية هواة الفلك السورية أنه للحقيقة فقد شهدت جميع العلوم في سورية قفزات واضحة غير أن علوم الفضاء والفلك ما زالت تلقى اهتماماً ضعيفاً جداً مقارنة بباقي العلوم، والانجازات ما زالت قليلة مقارنة بالتاريخ العريق لبلدنا في هذا المجال فسورية التي أخرجت للعالم ابن الشاطر والبتاني والعديد من العلماء وما زال اسمهم يتردد في جامعات الغرب وتدرس أفكارهم علماً بأننا من أوائل الدول العربية التي أطلقت رائد فضاء ولدينا الهيئة العامة للاستشعار عن بعد ولدينا جمعيتنا ولكن ليس لدينا مرصد أو قبة فلكية ثابتة ولكي ندرك أهمية هذا الموضوع لابد أن نعترف بأن الدعم الذي تتلقاه الجمعية من الدولة ما زال دعماً بسيطاً يتجلى بمحاولة مواكبة نشاطنا، وقد قدمت لنا السيدة الأولى أسماء الأسد دعمها المعنوي من خلال مشاركتها معنا في القبة الفلكية المتنقلة التي تمتلكها وتشرف على عملها جمعيتنا ومن خلال مشاركتهافي رصد كشوف الشمس والتي كانت بادرة شجاعة ورائعة وكانت هذه المشاركة تتويجاً لنشاطنا وتحدينا لجميع الظروف وبحق هذه المشاركة وسام شرف على صدر الجمعية وإثبات بأننا على الطريق الصحيح.‏

إسهامات تكنولوجيا الفضاء على حياتنا البشرية‏

-في مجال الاستشعار عن بعد.‏

تطلق هذه التسمية على العلم والتقنية التي تجمع المعطيات والمعلومات المأخوذة عن بعد تفسرها، باستخدام طرق متعددة، للنظر وللدراسة لظواهر أو لأهداف معينة، من مسافات بعيدة، دون الحاجة إلى الاقتراب من هذه الظواهر أو الأهداف أو ملامستها ويكون ذلك تحت ظروف لا يمكن للعين البشرية أن تصل إليها، سواء كان ذلك نهاراً أو ليلاً.‏

من هنا كان لإنشاء الهيئة العامة للاستشعار عن بعد في سورية دور في التطور العلمي والتي تعد بحق من أهم الإنجازات العلمية للحركة التصحيحية المباركة في مجال الفضاء والفلك. خرج منها علماء رفعوا اسم سورية في المحافل الدولية والعلمية كان آخرهم الدكتور حسين ابراهيم المدير العام السابق للهيئة .‏

الرحلة الفضائية السورية - السوفياتية‏

واستكمالاً لكل ما سبق ذكره وضمن إطار التعاون العلمي بين سورية والاتحاد السوفياتي برزت خطوة جريئة نحو غزو سورية الفضاء عن طريق رحلة فضائية سورية روسية مشتركة إلى المحطة الروسية/ مير/ وإجراء تجارب علمية تهم سورية الأبية فانطلقت للفضاء الخارجي بتاريخ 22 تموز 1987م في سياق تعاون علمي في مجال الفضاء بين سورية والاتحاد السوفييتي هذه الخطوة جعلت من سورية من أوائل الدول العربية التي تدخل هذا الميدان.‏

لمحة عن الرحلة:‏

بدأ التجهيز للرحلة في سورية عبر مراكز الأبحاث السورية ووضعت البرامج المطلوبة للمشاركة في الرحلة سافر رواد الفضاء السوريين إلى الاتحاد السوفياتي والتحقوا بدورة تدريبية في مدينة النجوم لمدة قاربت السنتين وتم اعتماد رائد الفضاء محمد فارس كرائد فضاء أساسي ومنير حبيب كرائد فضاء احتياطي.‏

تم الإطلاق في يوم 22 تموز 1987 الساعة السادسة صباحاً بتوقيت دمشق على متن مركبة الفضاء الروسية سويوز T.M3إلى الفضاء الخارجي وعلى متنها رائد الفضاء السوري محمد فارس ورائد الفضاء الروسي فيكتور نيكو سيتالوفيتش ورائد الفضاء الروسي اليكساندروف بافلوفيتش والتحمت المركبة مع محطة الفضاء الروسية مير بعد يومين من الإطلاق وعلى ارتفاع 400 كم عن سطح الأرض والموجودة بميلان ثابت عن خط الاستواء وهو 51،2 درجة أجريت خلالها عدد من التجارب العلمية والأبحاث والصور الفضائية...‏

التجارب العلمية:‏

قام رائد الفضاء محمد فارس بـ/13 تجربة علمية كان قد تم الإعداد لها عبر فريق من العلماء السوريين، هي عبارة عن تجارب كيميائية وفيزيائية وطبية واستشعار عن بعد تمت في الفضاء على متن المركبة الفضائية.‏

أ- الطب الفضائي يشمل إجراء البحوث في سبع تجارب.‏

ب- التجارب التكنولوجية/ التعدين الفضائي/ شملت ثلاث تجارب / أفاميا- قاسيون-، تدمر/‏

ج- بحوث الغلاف الجوي/ التجارب الجيوفيزيائية والفيزياء الفلكية/ تجربة بصرى‏

د- دراسة الموارد الطبيعية للأرض /الاستشعار عن بعد/ تجربة الفرات/‏

وتم الحصول على نتائج جيدة للتجارب العلمية المذكورة أعلاه لصالح الانسانية وحماية البيئة.‏

وقد تابع إطلاق الرحلة الفضائية السورية السوفيتية المشتركة من مطار الإطلاق الفضائي. تابعها لحظة بلحظة الرئيس الراحل/ حافظ الأسد/ رحمه الله من قاعة خاصة بدمشق تم ربطها عبر الأقمار الصناعية وبالمحطة الفضائية الرئيسية وتحدث مع رائد الفضاء السوري محمد فارس وهو في الفضاء على متن مركبة الفضاء سويوز‏

T.M3‏

وتابع ملايين البشر في سورية والعالم من على شاشات التلفزيون أخبار الرحلة.‏

عادت المركبة الفضائية سويوز T.M3 إلى الأرض بعد أن قضت في الفضاء مدة /7أيام و23 ساعة و4 دقائق/‏

إذن تاريخ سورية العريق بعلمائها و بحضارتها رسخته الحركة التصحيحية المجيدة بتطوير علومها سعياً وراء التطور العلمي والتقني في ظل قيادة حكيمة رأت أن سورية الحضارة والعلوم والإنسانية يجب أن تبقى هي سورية الماضي المجيد والمستقبل المشرق إن توفرت الإمكانيات المادية والمعنوية فالخبرات موجودة والنية صادقة وعلى أرض الواقع خير برهان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية