|
الكماليات تنهش 60٪ من دخلنا.. وموانع الادخار تسفر عن ثقافة استهلاكية موازية! اقتصاديات صور ومظاهر قد تكون أكثر انتشاراً في دول لطالما طغت عليها ثقافة الاستهلاك لكن هذا لا يمنع من وجود بعض مظاهرها في مجتمعنا مؤخراً بعد أن سيطرت عليه ثقافة الادخار لعقود طويلة. في دراسة لجمعية حماية المستهلك تشير الى أن نسبة الانفاق على الكماليات لدى الاسر السورية المقتدرة تزيد عن 30 في المئة من الدخل بينما تستأثر الطبقة الاكثر غنى بما يزيد على 60٪ من الانفاق الاستهلاكي هذا الخلل يقود الى استنتاج مفاده نمو ثقافة الاستهلاك تدفع احياناً للتضحية بالضروريات لصالح الكماليات مايدفعنا للتساؤل عن حجم الاموال التي ينفقها السوريون في أوجه غير مبررة؟! ثقافة الأعباء! يعتبر الاستهلاك أحد أهم مكونات الناتج الوطني الاجمالي فهو يأتي على جانبي المعادلة حيث يعتبر دخلاً وانفاقاً عند قياس الناتج الوطني الاجمالي ومن هذا المنطلق فإن استهلاك فرد يعتبر دخلاً لفرد آخر ويعتمد الاستهلاك بشكل كبير على عوامل عدة لعل من أهمها الدخل وفي هذه الحالة فإن الدخل يقسم الى استهلاك وادخار وفي الحالات التي يكون فيها الدخل منخفضاً يستهلك الفرد أو العائلة مجمل هذا الدخل أو كله أما عند زيادة الدخل فإن النسبة الموجهة من هذا الدخل تبدأ في الانخفاض. وقد بينت الدراسات الاحصائية أن نسبة الاستهلاك الاجمالي لبعض المجتمعات تصل الى مايقارب 90٪ من الدخل وتختلف نسبة الاستهلاك من مجتمع الى أخر فبعض المجتمعات يميل اكثر الى الاستهلاك وبعضها ترتفع نسبة الادخار لديها. فيما يتعلق بالاستهلاك الكمالي فهو من وجهة نظر استهلاكية السلع والخدمات التي بالامكان الاستغناء عنها لكن في حياتنا أصبحت الكماليات جزءاً من الاساسيات وهذا يعود الى تطور الحياة والاقتصاد وزيادة انتاجية السلع الكمالية وتدني اسعارها مع العلم أن المستهلك السوري تزيد اعباؤه اليومية نتيجة الانفاق على هذه الكماليات. والسؤال :كيف افرز الانفتاح الاقتصادي ثقافة استهلاك موازية ؟ مفرزات السوق بعد 45 سنة من اتباع النظام الاقتصادي المركزي بدأت الحالة الجديدة للاقتصاد السوري تعزز تبعات ومستلزمات خاصة بها منها تحرير الاسواق والعديد من السلع والخدمات وتركها للمنافسة بين العرض والطلب لكن السوق السورية بحسب رئيس جمعية المستهلك عدنان دخاخني لم تتهيأ لتداعيات التحرير بعد عقود طويلة من الحصر والدعم والاغلاق ما أحدث خللاً دافعه الرئيسي المستهلك البسيط ذوي الدخل المحدود حيث تأثر تأثراً كبيراً نتيجة فتح الاسواق وتنوع السلع وتحرير اسعارها فالبائع على سبيل المثال لم يفهم أن التحرير هو لجهة عرض السلع الجيدة بأسعار منافسة بل أحكم مزاجه على اسعار السلع والخدمات بغض النظر عن جودتها أو عدمها. كما أن دخول كميات هائلة من البضائع بسبب اتفاقيات التجارة على منافسة البضائع الوافدة ما أفرز سلوكيات من الاستهلاك الخاطئ. ويضيف دخاخني: أن الانفاق الاستهلاكي غير المبرر بات اليوم يقض مضاجع الكثير من الاسر من ذوي الدخل المحدود حول ما طرح في الاسواق من كماليات ليس المواطن السوري بحاجة لها انما نتيجة مفرزات اقتصاد السوق أصبح هناك العديد من السلع الكمالية التي يمكن تناولها دون تفكير في مدى أهميتها من حيث الوفرة أو الصرف على هذه المواد. مبالغ تكفي ويتحدث الواقع مؤخراً عن تجاوز معدلات الانفاق الاستهلاكي غير المبرر نسبة 30-60٪ من دخل السوريين في وقت تبدو فيه الحاجة ملحة الى آليات تضبط الانفاق على الكماليات وتفرز زمن ثقافة الادخار التي تؤمن للأسر دخلاً اضافياً وللشباب مزيداً من فرص العمل. ويرى رئيس جمعية حماية المستهلك ( أن الخليوي استنزف الكثير من دخل الاسر السورية وهذه الاسر ليست بحاجة لهذا التطور في الاتصالات فالخلوي وجد لقضاء حاجات بعض الناس الذين لديهم أعمال بمعنى أننا بحاجة الى اعادة النظر بطريقة تعاملنا مع الادوات العصرية الحديثة التي وفدت علينا فهي لقضاء حوائج الناس وليست للتسلسة والترفيه غير المبرر. هناك أيضاً ظاهرة جديدة للانفاق غير المبرر- يضيف دخاخني- هي اقبال الكثير من الشباب والشابات على التدخين وخاصة الارجيلة وهذه لها مصاريف اضافية تستهلك وتستنزف الكثير من دخل الاسر التي هي بحاجة اليها لتعيش بوضع مريح علماً أن هناك نحو 520 مليون دولار ينفقها أكثر من خمسة ملايين مدخن سوري سنوياً وهي مبالغ تكفي لو وظفت بشكل مدروس الى بناء مئات الوحدات السكنية. مؤشر ما في الجيب قد يتسبب الانفاق غير المبرر في ازمة اقتصادية أكثر خطورة خاصة في ظل الازمةالمالية العالمية اذ حذر صندوق النقد الدولي من حدوث ازمة غذاء عالمية وعربية نتيجة نقص الاموال الموجهة للانفاق على الزراعة ( هي أموال يمكن تدبيرها بالفعل اذا رشدنا انفاقنا) فضلاً عن ثقافة التبذير الشديد الذي يمثل هدراً للامكانيات الاقتصادية. ويبدو من المفارقة بالرغم من وجود موانع الادخار تلك أن ترتفع في مجتمعاتنا معدلات الانفاق على الكماليات لتصل الى 60٪ من دخل السوريين في وقت تبرز الحاجة ملحة لآليات تضبط هذا الانفاق ما يستدعي دوراً أكبر للمجتمع المحلي والجمعيات والدولة والمؤسسات الاعلامية لتثقيف من نوع آخر لانفاق الميزانيات.
|