تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أخبار سارة من جنوب آسيا!!

لوموند
ترجمة
الأثنين 18-6-2012م
ترجمة: سهيلة حمامة

هذه المرة وعلى نحو غير اعتيادي تقريباً تنبثق من جنوب آسيا بشائر سارة.. هذا الإقليم الذي يشهد ومنذ سنين عديدة حروباً ساخنة ونزاعات فضية وصراعات عدة انطلق لهيبها في سماء أفغانستان الواقعة على تخوم الهند والصين،

الدولتين الناميتين والقويتين النووييتين حيث الصراع المرير على النفوذ ، وتفشي بؤر توتر يغذيها على الدوام طموحهما في السباق إلى التسلح النووي..‏

تستحوذ باكستان على مئة سلاح نووي.. الهند فرضت نفسها كمستورد أول في العالم، للأسلحة وكتعبير صارخ عن ضيقها الشديد من جارتها الصين القابعة في شمال هيمالايا، راحت في نيسان الماضي تطلق صاروخاً طويل المدى كتجربة ذات مغزى.. الرسالة واضحة بالطبع، وهي موجهة إلى خصمها القوي، أي الصين..‏

في خضم هذا السياق المشحون ثمة انفراج نسبي يرتسم على الجبهة الهندية- الباكستانية.. رئيس الباكستان آصف علي زرداري قام مؤخراً بزيارة خاصة إلى نيودلهي التقى فيها رئيس وزراء الهند.. وهي مع ذلك الزيارة الأولى من نوعها منذ 7 سنين وأكثر إذ لم يحصل طيلة هذه المدة أن اجتاز رئيس باكستاني حدود بلاده بسبب القطيعة القاصمة التي أحدثها الاستعمار البريطاني وتقسيمه الدامي للمنطقة منذ عام 1947، هي بالتحديد الزيارة الأولى منذ هجوم الجهاديين الباكستانيين على « بومبي» عام 2008/166 قتيل/ والتي وضعت كل من الهند والباكستان على حافة مواجهة جديدة....‏

حروب أربعة واجهت هذين البلدين الخصمين، الهند والباكستان،/1999-1971-1965-1947/ ولعل أهم وأخطر نزاع حدث بينهما بتمثل بوضوح في قضية« كشمير» لكن الأمر لم يصل إلى حد الصدام بينهما..‏

جميع المحاولات الرامية، حتى هذه اللحظة، لتسوية القضية المذكورة باءت بالفشل حيث تمضي باكستان في محاولة استرداد من المسلمين فيه، والهند بدورها غير جاهزة بالتأكيد للنأي بنفسها عن هذه استراتيجيات هيمالايا الرفيعة والشرعية.. وبالرغم من هذا التناقض المذهبي أو العقائدي فقد شهدت سنوات 2005- 2006 جرأة دبلوماسية واضحة تحت تأثير خاص من الجنرال برويز مشرف الذي كان آنذاك على رأس السلطة في باكستان .‏

وكان الحديث آنذاك يدور حول زيادة الروابط الإنسانية والعلاقات التجارية على جانبي إقليم الكشمير بهدف حل وتحرير حدوده، لكن المحفز القوي للحل السلمي إياه لم يلبث أن انهاء بعد وقت قصير بسبب سقوط الجنرال الباكستاني في عام 2007 والهجوم على بومبي وبالتالي استيقاظ الصقور على ضفتي « الكشمير».‏

عندما تعمق المأزق بينهما سارعت الهند و الباكستان لابتكار حيلة تكتيكية لإعادة اللحمة ببينهما سميت بـ« دبلوماسية الكريكت» نسبة للعبة الكربكت الشهيرة.. وفي هذه المرة اكتشف الرئيس زرداري دبلوماسية أخرى سميت بـ« دبلوماسية المكان المقدس» إذ تم استقبال الرئيس الباكستاني في رارجستان الهندية في معبد صوفي إسلامي ومنه يستهلم السلفيون والوهابيون وطالبان باكستان أفكارهم، إذا الرمز قوي وقوي جداً..‏

فهل نحن الآن بصدد العودة للدبلوماسية الجريئة و الشهيرة لسنوات 2005- 2006 الوقت مازال مبكراً للحكم على ذلك لكن ثمة نقطة مشتركة بين الهند وباكستان. تتمثل في تبينهما الموحدة لإطلاق حوار على أسس براغماتية فمن جهة إسلام آباد لم تعد قضية كشمير تمثل الأولوية المطلقة ومن جانب نيودلهي ، لم تعد مسألة المطالبة« بتفكيك البنية الإرهابية» في باكستان والتي طالما كانت تهيمن على الخطاب الهندي بعد الهجوم على مدينة بومبي، لم تعد تمثل خطراً مسبقاً للحوار مع خصمها الأمر الذي يجول دون استمرار الهنود المطالبة بالاقتصاص من حافظ سعيد رئيس منظمة باكستانية إسلامية في لاهور والشريك المتهم في الاعتداء على بومبي مؤخراً.‏

في هذه الآونة بات الحديث بين الهند و الباكستان يدور حول كيفية تأسيس تجارة ثنائية بينهما مع سعيهما المشترك لتحقيق رغبتهما في التخفيف من عوائق التصدير والاستثمارات عبر الحدود وطالبت باكستان ذلك بإلحاح لاسيما وأن اقتصادها يترنح بقوة بسبب العقوبات الدولية الجائرة ونظراً لعزلتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة بالدرجة الأولى لكن ثمة مشكلة تتمثل في عدم تمتع الرئيس زرداري بنقاط مؤثرة على السلطات في بلاده.. فالجيش مازال منتشراً في طول البلاد وعرضها رغم انقساماته وعدم تجانسه فهل يرتضى الجيش بإعادة تسخين العلاقة مع الهند الخصم حيث التهديد المأساوي يستخدم على الدوام لتبرير امتيازات الطبقة الحاكمة؟ هنا مربط الفرس والتساؤل الحقيقي.‏

في آواخر نيسان الماضي صرح رئيس الأركان الباكستاني أنه « ليس بوسعنا الإنفاق على الشؤون الدفاعية وحسب ، بل ينبغي الإلتفات إلى مسار التطوير والتنمية في البلاد» المهم أن الإنفراج يلوح في سماء الهند وباكستان معاً وأركان الخصومات تذوي وإن ببطء ولابد أن يتسع الإنفراج صوب أفغانستان ودول آسيوية أخرى.. ونحن بانتظار ذلك..!!‏

 بقلم: فريدريك بوبين - مراسل إقليمي في نيودلهي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية