تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هكذا تتمدد الاستراتيجية الأميركية من الشرق الأوسط إلى المحيط الهادئ

عن موقع The 4th Media
ترجمة
الأثنين 18-6-2012م
ترجمة: دلال ابراهيم

كشف الموقف المتضارب للولايات المتحدة في الأزمة السورية عن عمق التناقضات التي تعيشها حالياً الزعامة الأميركية للعالم . ففي حين تسعى الخارجية الأميركية إلى توريط البلاد في أزمات الشرق الأوسط ,

يعلن البنتاغون عن رغبته في الانكفاء عن المنطقة وتوجيه استراتيجيته نحو جنوب آسيا والصين . وقد وضع الخط الأحمر الذي فرضته كل من روسيا والصين في سورية الولايات المتحدة أمام خيار تاريخي : إما التلاشي بوصفها امبراطورية العالم في حرب عالمية أو البقاء كأمة ضمن عالم متعدد الأقطاب .‏

خلال أول مؤتمر عالمي للتفوق العلمي دعت إليه جامعة UAM – Xochimilco تحت إدارة هانز ديتريتش , الذي دعي إليه باحثون من 60 دولة , تم إنشاء مبادرة القارات الثلاث بين آسيا وأوروبا وأميركا ( المشروع العالمي للبحث المتقدم ) الخاص بالمواضيع الثلاثة ( الدولة , السوق وتطور الكائن الإنساني في القرن الواحد والعشرين ) . وكان التحالف الاستراتيجي مع الصين النقطة الأقوى . وسوف يجري في هذا المقال فقط استعراض التنافس الجيوستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة .‏

يعكس التقرير الصادر عن البنتاغون حول النزعة العسكرية الصينية نجاح الحوار الثالث الذي عقد مؤخراً والتوتر الكامن في النظام المتعدد الأقطاب الجديد على حد سواء .‏

وتعتبر قضية مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان القضية الشائكة التي تعمل على تسميم العلاقات الثنائية بين البلدين . وعندما تحاول إدارة الرئيس اوباما التنديد بسباق التسلح الذي تسعى إليه الصين كنتيجة لفشلها العسكري على الأرض في منطقة الشرق الأوسط فهذا معناه التركيز على منطقة آسيا – الهادي , حيث تتطلع واشنطن إلى تشكيل تحالف أمني فيه .‏

ويقول التقرير « تواصل الصين في تايوان من خلال جيش التحرير الشعبي القيام بمهمة محفوفة بالمخاطر »‏

وفي هذا الصدد أشار نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشرق آسيا, أن الصين تأخذ على محمل الجد بعض المطالب الإقليمية البحرية سواء على الساحل الجنوبي للصين أو الساحل الشرقي . وتعتبر تلك مؤشرات إيجابية تشجع البلدين على تطوير علاقات سليمة على الصعيد العسكري . والسؤال هل يبقى هذا ضمن إطار هدف استراتيجي أميركي للهيمنة على آسيا – الهادي واحتواء الصين ؟‏

خلف لهجتها الدبلوماسية , ترى الصحافة الصينية أن الاتهامات التي يلقيها البنتاغون جزافاً حول النزعة التوسعية العسكرية الصينية ومسيرة عملية التحديث المتسارعة فيها يمكن أن يؤدي إلى إفشال العلاقات العسكرية الثنائية الحساسة .‏

بينما اعترضت الحكومة الصينية من جانبها وبقوة على التقرير الصادر في وقت تسعى فيه الأصوات المعادية لها داخل مجلس النواب على إرغام الرئيس اوباما السماح ببيع 66 طائرة مقاتلة حديثة إلى تايوان . والولايات المتحدة سينتهي بها الأمر إلى إشعال الحرب في أنحاء العالم كافة طالما ترأست الأمازونية البرية إليانا روزليهتنين ( من أصل كوبي في المنفى ) رئاسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب . ووصفت صحيفة جيش التحرير الشعبي الادعاءات الأميركية بوجود تهديدات صينية بالخيالية وتأتي نتيجة انغراس عقلية الحرب الباردة في ذهن البنتاغون .‏

والغريب أن التقرير صدر خلال زيارة وزير الدفاع الصيني ليانغ غوانغلي إلى الولايات المتحدة , وهي أول زيارة منذ انقطاع استمر تسع سنوات . وفي اليوم نفسه كشفت فيه صحيفة (بيبولز ديلي ) عن الأهداف الحقيقية للمناورات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط , وبالتحديد مناورة ( الأسد المتأهب 2012 ) التي جرت في منتصف شهر آيار المنصرم في الأردن بمشاركة 12000 جندي من الولايات المتحدة و15 دولة أخرى . ويجدر القول أن الأردن يعيش على شريان المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية , وقد تلقى في غضون الخمس أعوام المنصرمة مساعدات بلغت 2,4 مليار دولار .‏

وتشير الصحيفة إلى أن العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت تغييرات في رأس هرم النظام وفي نفس الوقت الوقت شهد المشهد الجيوسياسي في المنطقة هزات وصدمات لا سابق لها . وزاد من توتير الوضع الإقليمي في تلك المنطقة المعقدة أوضاعها في الأصل النزاع على الملف النووي الإيراني والوضع في سورية وكذلك المناورات العسكرية المتكررة للولايات المتحدة . والمعني فيها مناوراتها في البحرين خلال شهر نيسان مع تسع بلدان من المنطقة , ومناورة الأسد المتأهب بعد مرور 20 يوماً على مناوراتها البحرينية, أي مناورتين خلال شهر. والهدف من تلك المناورات تشكيل تحالف إقليمي بزعامة أميركية .‏

وترى الصين أن الولايات المتحدة قد عدلت من استراتيجيتها في الشرق الأوسط من أجل احتواء الصين وتعزيز الضغوط على سورية . وعلى الرغم من المفاوضات التي جرت في اسطنبول وفي بغداد لم تخف وطأة العقوبات الاقتصادية على إيران من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية , وقد طالبوا بعض الدول خفض وارداتها من النفط الإيراني . علاوة على ذلك قررت الولايات المتحدة إرسال طائرات F22 رابتورز إلى القاعدة الجوية في الضفرة في الإمارات العربية بغية تعزيز قوة الردع ضد إيران .‏

وتشير صحيفة بيبولز ديلي أن المملكة السعودية المشاركة في المناورات لعبت دوراً مثيراً في موجة تغيير أنظمة بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا , واتخذت موقفاً متشدداً ضد سورية تجلى في دعم المعارضة بالمال والسلاح . ولكي تحفظ لنفسها موقعها كقوة إقليمية, اشترت السعودية أسلحة ومعدات عسكرية, إلى جانب التشجيع على تطوير صناعة السلاح بشكل دائم .‏

ومن وجهة نظر كاتب المقال , تهدف هذه المناورات الأميركية إلى هدفين :‏

الحفاظ على أمن حدود الأردن , حيث الاحتمال الكبير يتمثل في انهيار الملكية المصطنعة فيها في أي لحظة ليحل محلها كيان فلسطيني جديد وكذلك الضغط على سورية.‏

ووفق نفس الصحيفة, اعتمدت الولايات المتحدة مقاربة ( متعددة الأوجه ) بهدف تعزيز سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط , مع سعيها إلى تضخيم التهديد النووي الإيراني المزعوم, في وقت تدخلت في الحرب على ليبيا وتتدخل الآن في تأجيج الأزمة السورية , ويترافق هذا مع إجرائها المناورات العسكرية , وبيعها السلاح بكميات كبيرة إلى بلدان المنطقة , بالإضافة إلى انتشارها العسكري فيها .‏

وللحقيقة إن الولايات المتحدة وبعد انسحابها من العراق وإعداد العدة للانسحاب من أفغانستان نقلت مركز استراتيجيتها نحو المحيط الهادي من أجل إعادة التوازن العالمي . وأشارت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون أن الولايات المتحدة تسعى إلى نصب نظام صاروخي دفاعي مضاد للصواريخ في آسيا والشرق الأوسط , يحاكي الدرع الصاروخي في أوروبا , وذلك بالتعاون مع اليابان وكوريا الجنوبية واسترالية والسعودية والبحرين وقطر ودول أخرى لمواجهة التهديدات الصاروخية الإيرانية والكورية الشمالية . الأمر الذي يجعل من أمن منطقة آسيا والشرق الأوسط معقداً على كف عفريت .‏

ونتساءل هنا : هل يمكن للقاءات الأكاديمية البديلة , مثل المؤتمر المذكور المنعقد مؤخراً على المستوى العالمي إفشال الأجندة التي يمليها من جانب واحد البنتاغون ؟ هنا يكمن نجاح تلك المحاولات .‏

 بقلم : الفريدو جاليف- راهم‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية