وتعتبر السياسة السعرية بمثابة القلب بالنسبة للسياسات الاقتصادية لأنه عضو مشترك ما بين السياسات الثلاث المالية والنقدية والتجارية، فإذا كانت القيمة والسعر يقومان على التكاليف والندرة والعرض والطلب، فإن تحركات السعر ترتبط بالانفاق العام والخاص والعرض النقدي واسعار الفائدة وسعر الصرف وسياسة الاستيراد والتصدير و الرسوم الجمركية و مختلف القيود الجمركية لذلك فإن معالجة مشكلة التضخم أو الركود أو الانكماش لا يمكن عملياً نجاحها، اذا لم نأخذ هذه النظرة الشمولية بعين الاعتبار حيث يرى الدكتور زياد زنبوعة استاذ الاقتصاد بجامعة دمشق أن السعر وبشكل ادق هو ميزان حرارة الجسم الاقتصادي الذي يجب مراقبته بشكل دائم.
قيمة فردية
أم اجتماعية؟؟!
وعندما نتحدث عن سياسة الاسعار ترد الى ذهننا اسئلة كثيرة منها على سبيل المثال: هل الاساس الذي يبنى عليه السعر يجب أن يكون القيمة الفردية أن القيمة الاجتماعية؟ ولماذا تبيع بعض البلدان منتجاتها في السوق الدولية بأقل من تكلفتها المحلية؟ ولماذا تجلب بعض الاسعار دخلاً عالياً في حين تجلب الاخرى دخلاً منخفضاً وأحيانا تجلب الخسارة؟
ويفرق علم الاقتصاد الحديث بين سياسة الاسعار في اقتصاد السوق اذ تغلب على السوق شروط العرض والطلب، ويفعل قانوناهما مفعوله كاملاً، وتبقى الاسعار بحالة من التغير المستمر وفق شروط العرض والطلب، وسياسة تشكل الاسعار في الاقتصاد المخطط، اذ يعد تشكل الاسعار عملية اقتصادية مخططة وواعية تقوم بها الأجهزة التخطيطية المركزية والمحلية المنتشرة في القطاعات الاقتصادية والمؤسسات والوزارات والاسعار هنا تتصف بالاستقرار والثبات مدداً طويلة.
السلع المعروضة
لكن حسب رأي الاستاذ غسان القلاع رئيس اتحاد غرف التجارة السورية السياسة السعرية سواء أكانت باقتصاد مخطط ام اقتصاد السوق حجم الكتلة المطروحة أو البضائع المطروحة هي التي تحدد السعر انخفاضاً أو ارتفاعاً، فالطلب على السلعة حتى ولو كانت محصورة بالقطاع العام وسيرتفع سعرها والعكس صحيح.
الدكتور عابد فضلية استاذ الاقتصاد بجامعة دمشق يقول أن الأسعار تتحدد عندما يكون هناك سياسة سعرية، وهذا يحدث عندما يكون هناك تدخل تخطيطي سواء أكان من القطاع العام أم الخاص، أو من قبل جهات حكومية لوضع أسس وأطر لكيفية وضع الاسعار.
اذاً السياسات السعرية لاتتعلق بالحكومة فقط بل بسياسات المؤسسات الخاصة، وبكل الاحوال فإن السياسة السعرية تخضع للعديد من العوالم سواء أكانت للقطاع الحكومي أم الخاص، من أهمها العرض والطلب والتكلفة، وحجم السوق وطبيعة السلعة.
التكلفة
محدد أساسي
ويضيف فضلية إن التكلفة لها دور اساسي في مستوى السعر كما يلعب دورها في تحديد الاسعار ندرة السلعة المنافسة، طبيعة السلعة من عمر السلعة ويشير فضلية أن الدول النامية غالباً وفي مرحلة التحول لاقتصاد السوق تسيطر على السوق أهم السلع منها الغذائية ومواد العلف والبناء وتبدأ الارتفاعات بأسعارها، حيث لا تكون الاسعار حقيقية بل هي اسعار احتكارية هذا ما يسمى بالاقتصاد (احتكار اسعار القلة).
ما سبب بيع بأقل التكاليف
ويعزو فضلية بيع بعض البلدان منتجاتها في السوق الدولية بأقل من تكلفتها المحلية لعدة أسباب، منها أن معظم الدول الأوروبية وغيرها اسعارها تتضمن الضريبة على القيمة المضافة والتي تتراوح ما بين 5-20٪ وهذه الضريبة تفرض على الاستهلاك المحلي داخل تلك الدول لذلك عندما تباع السلع خارج الحدود، يسترد المنتج الضريبة على القيمة المضافة، وهذا مايجعلها أرخص بنسبة 5-20٪ بالمقارنة مع اسعار السوق الداخلية في تلك الدول ومن ناحية أخرى، قد تبيع الكثير من الشركات الكبرى منتجاتها في الاسواق الخارجية بسعر التكلفة بهدف تنويع الاسواق ويعتبر ذلك سياسة حكيمة في حال حصول أزمات تسويق في السوق الداخلية حينها تكون الشركة بجعبتها اسواق خارجية لاستمرار العملية الانتاجية.
تحرير الأسعار
بينت مديرة الاسعار في وزارة الاقتصاد والتجارة وفاء غزي أنه في ضوء ظهور متغيرات اقتصادية اعتباراً من أواسط الثمانينات ودخول العديد من منتجات القطاع الخاص ومستورداته الى السوق المحلية وعدم ابراز فواتير حقيقية أعيد النظر باسلوب التسعير المركزي المتبع ووضعت السياسة العامة للاسعار بموافقة رئاسة مجلس الوزراء والتي اعتمدت على تحرير اسعار معظم السلع الغذائية وغير الغذائية المنتجة أو المستوردة من قبل القطاع الخاص من نسب الارباح المحددة لها بشكل تدريجي وحسب أهمية السلعة وطبيعتها مع متابعة منعكساتها على المستهلك مع الاقتصار على تحديد الاسعار للسلع الحياتية الاساسية أو بتحديد السعر النهائي للمستهلك فقط ( تحرير جزئي) للسلع التي تعتبر ضرورية للمواطن مثل الالبسة واللوازم المدرسية الالبان والاجبان - اللحوم-الاسمدة- الاعلاف حليب الاطفال.