|
دعه يغرق عزف منفرد فإننا بالمقابل نشهد شعاراً مخفياً يتم العمل به تجاه القطاع العام ملخصه «دعه يخسر .. دعه يغرق»!! قبل أيام سمعت كلاماً من مسؤول معني ومتابع لأحوال القطاع العام الصناعي قال لي : ان المؤسسات الصناعية العامة «تنهار» وان كل ماقيل سابقا كان تحذيرات جدية لكننا وصلنا الى الحافة التي لم تعد التحذيرات معها ذات معنى. ولن ادخل في ارقام تعبر عن واقع الحال مكتفيا بالقول ان 22 مليار ل.س هي مخازين هذه المؤسسات ولولا اضافة مؤسستي التبغ والقطن «الحصريتين» لكانت الارقام مؤلمة اكثر. وربما من المفيد ان نذكر انه خلال السنوات الاخيرة انخفض عدد العاملين في هذا القطاع من مئة الف الى حوالي 80 الف عامل والحبل على الجرار. لنكن واضحين : في مسألة القطاع العام ثمة طريقان لاثالث لهما: إما ان نقول ان القطاع العام فشل وبغض النظر عن الاسباب التي اوصلته الى ماهو عليه فإنه لم يعد من الممكن اصلاحه وان اي دواء نقدمه له هو اولا هدر لافائدة منه وثانيا هو تكلفة اكبر من احتمالها . وبالتالي ليس علينا الا ان نعلن القطاع العام مريض «ميئوس» من شفائه وبالتالي يصبح مبررا الطريقة التي نتعامل بها معه . وفوق ذلك نكون قد أوقفنا نزيفا دائما لرأسمال الدولة وكنا بذلك نعبر عن انسجام بين مانفكر به وما نعلنه ومانقوم به على ارض الواقع . الطريق الثاني: ان نتصرف كما ندعي وان نفعل كما نقول، فعلى الاقل ثمة أقوال كثيرة عن الحفاظ على القطاع العام والرغبة والنية في اصلاحه، لكننا ومنذ فترة ليست قصيرة ونحن نسمع افكارا ومشاريع افكار فيما الامور تسير في سياق لايأخذنا الى الاصلاح. فالطريق الذي نسلكه حاليا ليس اكثر من «نفاق فكري» نتغنى بالقطاع الذي كان يوما ما «رائداً» ثم نتركه لقدره ليواجه الفساد والاهمال والإنهاك. والمسألة لاتقف عند حدود القطاع العام الصناعي ،فهذا القطاع لم يعد من الممكن اصلاحه حتى ولو اردنا فعلا وليس من باب التشاؤم ان نقول انه قطاع بلا أمل، لكن المشكلة عندما ينسحب الامر على المؤسسات العامة الاخرى. فنحن نتابع احوال مدارس عامة ذات سمعة غير طيبة وجامعات عامة لاتقدم الكثير ومشاف عامة ليست لها ميزة إلا انها مجانية وتتيح لقاء الاطباء بالمرضى ليعطونهم عناوين عياداتهم ، ونقل داخلي مبعدة .. والقائمة تطول وتتسع تلقي بظلال مخيفة. وبالمحصلة: اذا كان هذا نتاج سياسة ممنهجة فإن ماينقصه هو الاعلان فقط فالنتائج تبدو مضمونة . واذا كان الامر غير ذلك والمسألة لاتتعدى عدم التماس الطريق الى اصلاح مؤسسات الخدمة العامة ناهيك عن المؤسسات الاقتصادية فان الامر يأخذ منحى آخر. المهم .. ألاتتحول مقولة «دعه يغرق» الى شعار ناجح !!
|