ازدادت وتزداد اتساعاً كل يوم، بدءاً من اليوم الذي شهدت فيه سان بطرسبورغ لقاء روسياً تركياً.
لماذا اتسعت مساحة التفاؤل؟ هل لأنّ دور تركيا مُهم جداً؟ أم لأنّ انسحابها التدريجي المُحتمل من معادلة تسليح وتدريب ودعم وتمرير الإرهابيين إلى سورية سيترك أثراً كبيراً بالمشهد تتسع معه مساحة التفاؤل بتحقيق إنجازات تلجم الدواعش وظاهرة الإرهاب والتطرف؟ وهل تعتقد أنقرة أن ذلك سيُعفيها يوماً من المحاسبة اللاحقة على ما قامت به؟
إذا كان انسحاب تركيا التدريجي المحتمل هذا، انعطافتها أو استدارتها، سيترك هذا المقدار الكبير من الأثر الإيجابي، وسيولد مساحات كبيرة من التفاؤل، فإن في ذلك ما يؤكد جرمها، ويضيف مزيداً من الأدلة القاطعة على دورها التخريبي الذي لعبته بإسناد الإرهاب ودعمه بالتحالف والتعاون مع قوى دولية، وأخرى إقليمية، سماها يلدريم مؤخراً ودعاها لفتح صفحة جديدة ولعدم إضاعة الوقت.
أميركا المدعوة تركياً لفتح صفحة جديدة ولعدم إضاعة الوقت، فتحت فعلياً صفحة تعقيد وتسخين جديدة بالحسكة، ويبدو أنها معنية بفتح جولة تصعيد جديدة خلافاً لإعلانها عن قرب انتهاء محادثاتها للتعاون العسكري مع روسيا.
السعودية التي تلقت الدعوة ذاتها، فضلاً عن انشغالها بالعدوان على اليمن والبحرين، وبتعميق شراكتها مع إسرائيل، باتت واقعياً غير مؤهلة لأي فعل بهذا الاتجاه خاصة بعد أن أحرقت مراكبها ولم تترك طريقاً للعودة.
أما صاحبة الدعوة ذاتها فينبغي عليها التعرف أولاً على الاستحقاقات التي يقتضيها فعل طي صفحة قديمة قبل الشروع بفتح أي صفحة جديدة، ويجب عليها أن تقدم الدليل على أنها تعلمت من الدرس وفهمته، كما يجب عليها أن تستعد للمرحلة المقبلة، إذ لا يمكن لرموز دعم الإرهاب ودعاته أن يحاربوه، ولا أن يتحولوا لخصوم له، حتى لو اكتووا بناره.
باختصار شديد يُمكننا الجزم بأنّ فتح الصفحات الجديدة التي تستدعي انقلابات سياسية وإجرائية جذرية تحتاج إلى ذهنيات وإدارات جديدة، وإنه من غير المسموح لكل اللاعبين، ولا يجوز بالمطلق لأيّ من المتفائلين، مُنفردين أو مُجتمعين أن يسهموا بتظهير أنقرة كما لو أنها تلعب دور البطولة في المشهدية الكلية التي يُقَدّمُ لها على نحو غير مقبول في كل القواميس، فتركيا الأخوانية المُخادعة لن تتغير مع بقاء أردوغان على رأس سلطتها، وكما فشلت مشاريعها وتحطمت أحلامها العثمانية، ستفشل باحتواء المخاطر التي تُهددها، ففكرها الإلغائي، ومخزونها من التطرف، وخزان الإرهاب فيها، سيأكلها من الداخل.