تعرف جيداً تفاصيل تلك النية المركبة من خلطات المصالح السياسية، وتعرف أيضاً أن تحريك جندي أميركي واحد في رقعة اللعب هو لحماية الإدارة الأميركية من خلفه، فكيف الحال اذا حام جون كيري في المنطقة وحط الرحال على ضرورة التسوية السياسية وحكومة الانتقال إلى حيث تريد واشنطن أن تذهب باكمال اللعبة الدبلوماسية، بينما تحوم بأفق المنطقة طائرات بلده في محاولات لقصف الإرهاب على ذمة اللسان «الأوباماوي» ليكون الهجوم الثلاثي الأبعاد سياسياً وعسكرياً وداعشياً على ارض العراق وكل منهم يدعم الآخر بشكل أو بآخر..
إذا فرضنا والبرهان بلغ الاستحالة ان أميركا قررت ضرب مواقع داعش وقطع ذنب الإرهاب، بينما يغذي حلفاؤها الرأس.. فلماذا اذاً بقي أوباما مكتوف الأيدي كما تقول صحيفة التلغراف اللندنية واستخباراته واستخبارات بريطانية وكل الاستخبارات العالمية التي وضعت المعلومات على طاولته قبل شهر بأنه ثمة ما يطبخ للعراق داعشياً، وبأن اللعب بنار التطرف في سورية يحرق أصابعه والأصابع الأوروبية التي ينفخ عليها المسؤولون هناك، وقد وصلتهم لذعاته بالعائدين مفخخين بأفكارهم إلى احضان بلدانهم ليدب الرعب أولا في الحكومة البريطانية وثانياً في الحكومة الفرنسية وثالثاً بالباقي الأوروبي والأميركي.
أما السعودية فلا تهتز لها قصبة، والجالسون على العروش لا يزالون يتعاملون مع السياسة العربية والدولية بمبدأ الثأر وليس الاستراتيجية، فيدخلون إلى الأزمة دبلوماسياً بمنطق الربابة والزمر ويرشون على الحريق الإرهابي مزيداً من النفط مطمئنين على عباءاتهم من وصول الحريق.. ما داموا في بيوت الشعر معلف التطرف والوكيل الحصري له، وعلى ناره «يتسامر» آل سعود ويبحثون القضايا ويمارسون المقايضة في تخفيف الدعم للمسلحين والرايات السود مقابل استئجار العقول الاستخباراتية العالمية حتى تحفظ خيمة الملك من شر إرهابي اذا ارتد على النحر السعودي..
صحوة إعلامية غير مسبوقة تستجدي ايقاظ العالم من هجوم وحش الإرهاب، وحراك دبلوماسي استخباراتي أوروبي خجول في المواجهة إلى حد امتداد التطرف، يقابله أميركياً جمع ما يمكن من اوراق سياسية في المجازفة الحالية بالمنطقة، ثم اللحاق بخدعة القضاء على الإرهاب.. بينما الخليج وعلى رأسهم السعودية قد اسمعتهم الصحافة وروسيا وحال الأمن في المنطقة والعالم في ندائهما، ولكن لا حياء لمن تنادي.. ولا عقول تخطط إلى ما بعد الأنف..