تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية: الحنين إلى زمن «الديكتاتورية والاستبداد»

آراء
الخميس 9-1-2014
 نضال نعيسة

 يقول الخطاب «الثوري»، إياه،  بأن ما تسمى بـ«الثورة» (ولا تقرفوا، وأنتم أكبر قدر)، ستجلب الحرية للشعب السوري الذي يعاني من الديكتاتورية والاستبداد، على حد زعم ذات الخطاب.

ولكن قلة قليلة جداً من السوريين، حتى فيما يسمى بـ«المناطق المحررة»، تحديداً، (وتعريف المناطق المحررة بالقاموس السياسي المستحدث: هي تلك المناطق الحدودية التي تتواجد بها عصابات القاعدة الإرهابية المجرمة والمرتزقة الأجانب، والتي يسهـّل فيها  حكام كأردوغان، ومن لفّ لفه من الوكلاء، وجودها وعبورها  لإقامة إمارات الدم والسيف وقطع رقاب عباد الله، وفرض مظاهر الأسلمة الشكلية  الجبرية الكاذبة الجوفاء)، نقول قلة قليلة  باتت تقبض ذاك الخطاب، أو تبتلعه، وإن ابتلعته على مضض، فهي لن تستطيع هضمه على الإطلاق.‏

ففي المناطق «المحررة»، حيث تسيطر اللحى الطالبانية العفنة، والوجوه المكفهرة والعابسة والتكشيرات التي تقطع الخميرة من البيت، والعياذ بالله، وتقام حفلات قطع الرؤوس، وإجبار صغيرات بعمر الورد على الزواج من مرتزقة القاعدة، وأمراء جهاد النكاح تحت التهديد والوعيد وجلد الآباء في حال الرفض، وفرض الزي الصحراوي الأسود على النساء، وإغلاق محلات وصالونات الحلاقة، وإجبار الرجال على إطلاق اللحى وفق شكل وطول محدد بفرمانات صبيان العبد الحبشي بندر،  وانعدام أي شكل للقانون والأمن والأمان، وحيث الإعدامات وقطع الرؤوس بمحاكمات «شرعية»، صورية ينتفي منها أي شكل من أشكال العدالة ومقومات التقاضي البسيط، وحيث لا وجود لأي نوع من النشاط السياسي والاجتماعي والحزبي، المفترض أن يسيطر في مناطق قد «تحررت» (تكبير وتدعيش)، من قبضة «النظام» كي تمارس طقوس وشعائر عملية دمقرطتها العتيدة كأحزاب وجمعيات ونواد ومنتديات ولجان مجتمع مدني..إلخ، بل على العكس يحظر أي نوع من الاجتماع، ويـُجبر الناس ويساقون، كالأنعام، إلى الصلاة غصباً عنهم، وتــُحرّم كافة أشكال الفرح، والسرور والاحتفالات والغناء، والرقص، والطرب، والضحك والابتسام الممنوعة في إمارات «الحريات» و»الحوريات» الوهابية، وقد مرّت في هذه المناطق أعياد الميلاد ورأس السنة، وحتى أعياد إسلامية كالفطر والأضحى، كئيبة وحزينة، وموحشة، لا بل سمعنا ورأينا «تيوبات» لعمليات جلد ورجم وتعذيب لمواطنين سوريين بسطاء  على يد «الثوار» الشيشان والخلايجة والأفارقة «المحرّرِين»، لأن أحداً من أولئك المساكين أظهر قدراً من السخط والرفض للممارسات الشاذة لجماعات «الحرية». ولن نتكلم عن المعاناة المعيشية والحياتية والغلاء الفاحش حيث وصل سعر علبة السجائر، وبفعل الابتزاز والجشع «الثوري» المتعاظم والاحتكار في المناطق «المحررة» إلى 5000 ليرة سورية، ونفس الأمر بالنسبة لكيلو الرز مثلاً، وهناك تقارير عن وجود مواد «تركية» مضروبة ومغشوشة ومسمومة يشكل استهلاكها خطراً على حياة البشر، وبالنسبة  لـ«الكماليات»، التي كانت شبه مجانية وبـ«الأرض»  كالفواكه، والحلويات، أيام «الديكتاتورية والاستبداد»، فهي غير موجودة أصلاً في دولة «الحرية» والخلافة الثورية، وأما المدارس، والصحة، والهواتف، وبعض الخدمات الضرورية كالماء والكهرباء، فحدّث ولا حرج، وقد أمست «ذكريات» رومانسية جميلة من أيام الاستبداد،  وأمنيات عزيزة كان يسمع بها شعب نال «حريته» بالتمام والكمال.‏

وأما في المناطق التي لا تزال تنعم بـ»الديكتاتورية والاستبداد»، وأستغفر الله لي ولكم على أية حال، ولم تتحرر بعد و»يا حرام»، وبرغم بعض المنغصات الخدمية والمعيشية التي لا يخلو منها الأمر حتى في أيام السلم، فلا تزال الحياة وبكثير من التفاصيل تنعم بـ»بركات» الاستبداد والديكتاتورية، والأهم بالأمان، وبتوفر للسلع والخدمات الأخرى وكأن شيئاً لم يكن وسيعلم المراقب على الفور بأن «مس» الحرية والثورة لم يصبها، رغم ارتفاع أسعار بعض المواد ومضاعفته عدة مرات أحياناً بفعل الحصار الجائر على بعض المستوردات المرتبطة بالدولار. وارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية الضرورية بفعل تداعيات الحرب، كارتفاع الوقود الناجم عن العقوبات الأوروبية والأمريكية والعربية المفروضة على قطاع النفط والغاز، وأيضاً، للصعوبة أحياناً في نقله بين محافظة وأخرى، أحياناً، بسبب قيام العصابات المسلحة ببعض الكمائن من استهداف للمدنيين وللسيارات العابرة وقطع الطرقات في مراكز إنتاج بعض المواد، وهذا كله يقع، طبعاً، في نطاق «الحرية والثورة». وثمة، أيضاً، بعض معاناة ومنغصات يومية جرّاء الاعتداءات  الآثمة والمتكررة على شبكات الكهرباء وضرب البني التحتية التي يقوم بها المرتزقة والإرهابيون الدوليون(ثوار سورية)،  قد تستلزم أكثر من مجرد مقال للإحاطة بها، غير أن الوضع العام، والحياة اليومية تبقى مقبولة نسبياً، ولا تقارن مع غيرها، بعد سنوات ثلاث من الحرب الضروس الهوجاء والعشواء ضد سورية وشعبها.‏

 هناك، اليوم، حقيقة واحدة، ورأي عام بات يتبلور على نحو أوضح مع الأيام، وهو أن رهطاً كبيراً ولا بأس به من السوريين، بات، بصدق وحق، يحن لأيام «الديكتاتورية والاستبداد»، لطالما أنها ارتبطت بالرخاء، والرخص، وتوفر المواد وتنوعها، وفوق كل ذلك «النعمة الكبرى» في الأمن والأمان والاستقرار، ونظراً لهول وفظائع وجرائم ولكثرة ما رأي من «بركات» و»نــِعم» و»خيرات» ثوار وثورات الحرية والحوريات.‏

«ياه»....يا لها من من ديكتاتورية محببة، واستبداد هانئ لذيذ افتقدناه............‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية