للفنون الشعبية أن تسمع العالم كله من على مسرح قلعة دمشق الأبية أن العودة حق لاعودة ولا بديل منه، ومن خلال العتابا والميجانا قدمت عبر موسيقييها ومغنيها حلم كل فلسطيني بالعودة إلى أرض الدار ليزرعوها من جديد (بعود اللوز الأخضر) فيكبر الوليد في تراب تحمل جذوره أسماءهم موقعة على لوحات فنية استمدوها من تراث ضارب في عمق هذه الأرض.
«أيام عالبال» أكدت كل لوحة فيها هوية فلسطين العربية بأغان وجدانية هزت الحضور الذي تجاوز عدده الـ 4000 شخص، فضلاً عن أنها سلطت الضوء على الحياة الشعبية في فلسطين، فالبحارة لوحة غنائية راقصة روت تفاصيل البحر في حيفا وعكا ويافا، حكت عن الصياد الذي يغامر للبحث عن لقمة العيش مستخدماً قاربه البدائي وشباكه الذي يعول عليه لالتقاط رزقه ورزق أولاده، وهو متفائل يحزن يغني... يرقص ينتظر.
أما الحناء: فقد جسدت حلم أي فتاة أن تتزوج وترتدي ثوب الزفاف الأبيض، وكانت أغانيها كثيرة وألحانها متعددة تختلف من مدينة إلى أخرى، ومن قرية لقرية إلا أنها تجتمع في اللوعة والفرح واللقاء والحلم والواقع في لوحة «الحصاد» حياة منتظرة... تنتظر الموسم الذي يتحدد على ضوئه كل شيء، الزواج والبناء وسداد الديون وهي حياة الفلاح في كل مكان من حيث علاقته مع الطبيعة يسايرها حيناً ويعاندها أحياناً أخرى، يغني لها يفرح يرقص للموسم المزدهر.
فيما مثلت لوحة الحداد الشاعر الشعبي المتمرد الحنون الحاضر في كل مناسبة يتنقل بين المدن والقرى يبث فيها الأخبار العامة.
لوحة الجهادية: أكدت التمسك بالأرض وأن الإنسان الفلسطيني حاضر دوماً للذود عن أرضه وعرضه، وقد قدم مثالاً يحتذى به للتضحية منذ بدء المحاولات الأولى لسلب الأرض.
وفي حديث للثورة أكد مدير الفرقة حسام الخطيب أن العمل بشكل عام يهدف لتحقيق التواصل بين جيل النكبة وجيل اليوم، ولاسيما في مخيمات الشتات والتركيز على حق العودة وتكريس الجغرافية الفلسطينية وطقوس أبنائها بطريقة فنية.
بدوره ملحن الفرقة يوسف بدر بين أن العمل جماعي استمد عناصره الموسيقية من الفلكلور القديم مع محاولة لتوظيفه بما يتناسب مع روح العصر دون تشويهه أو المس بمقوماته الأساسية ومتفائلاً أشار إلى أن اسم الفرقة سيتغير عند العودة إلى أرض لتصبح (فرقة أجراس النصر) وقد لفت مدير الفرقة أنه وجميع أعضائها استطاعوا منذ شهور عدة أن ينتزعوا حق العضوية في اتحاد الفلكلور الشعبي الذي يعقد كل عام ويضم 116 دولة في العالم، وقد احتلت الفرقة الرقم 117 وهو إنجاز كبير، كما أنها نالت المرتبة التاسعة بالتصويت للمشاركة هذا العام في كوريا الجنوبية التي يتعاطف شعبها جداً مع القضية الفلسطينية أما التحدي الأكبر فهو مشاركة إسرائيل ضمن الفرق الـ116 التي تصارع بكل قواها المادية لتشارك وترفع العلم الإسرائيلي مقدمة لوحات من التراث الفلسطيني على أنه تراثها مرسخة أن أبناءها هم أصحاب الأرض، وتأتي مشاركة الفرقة لتخلق حالة جدلية، لأن العلم الفلسطيني سيرفع أيضاً على أرض سيئول وستقدم لوحات التراث الأصلية.
وسيعرف العالم من أصحاب الأرض الحقيقيون ومن المعتدون؟ الجدير ذكره أن الفرقة التي تأسست 1981 تقوم بجهود فردية شبابية وضمن إمكانيات متواضعة دون مساعدة أو رعاية من أي جهة أو مؤسسة، وهذا ما يدمر أحلامها - حسب مدير الفرقة - لأن ضعف الامكانات والموارد المالية يؤثر على استمراريتها مبيناً أن ما يقدمونه لا يقل عن الجهاد في ساحة المعركة إذ لايوجد شعب دون حضارة أو تراث, لافتاً إلى أن العمل الثاني سيقدم قريباً في دمشق وهو قيد الكتابة وقد اقترح أن تقدم الفرقة على أنها فلسطينية سورية لأنه لا يمكن الفصل بين الفلكلور السوري والفلسطيني بأي حال من الأحوال، فتراث بلاد الشام واحد وإن اختلف في بعض التفاصيل الصغيرة.