|
القمـــــة الإفريقيــــة..الواقــــــــــع والطمـــــــــــوح شؤون سياسية وعلى نقاشاتها أوضاع القارة وصعوباتها، وخاصة الصراعات والحروب التي تشهدها، كذلك كيفية التعامل مع إمكانياتها وثرواتها وفي الصدارة الاستثمار في قطاع الزراعة وآليات العمل المطلوبة لتوفير الأمن الغذائي. القمة التي تغيب عنها إفريقياً الرئيسان المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي، كذلك ضيوف أمثال رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وشارك في أعمالها أمير قطر حمد بن خليفة ممثلاً للقمة العربية، وإغناسيو داسيلفا ممثلاً لدول أميركا اللاتينية والجنوبية، فضلاً عن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية. وينظر إلى قمة سرت بوصفها الحادية عشرة منذ الإعلان عن قيام الاتحاد الإفريقي عام 2002، الذي أسس على حساب منظمة الوحدة الإفريقية، التي عملت الكثير منذ تأسيسها عام 1963 وخاصة إخراج القارة من دائرة الاستعمار المباشر ووقف الحروب والصراعات الداخلية. ومنذ الإعلان عن قيامه وحتى قمة سرت، كان عليه ولايزال أن يعالج موروثات الماضي الاستعماري، التي تتجلى راهناً في إشكالياتها الكثيرة من الفقر والمجاعة إلى تفشي الأمراض المعدية وارتفاع نسبة البطالة، مروراً بالصعوبات الوطنية والقارية والصراعات الحدودية بين العديد من دولها، كذلك في الإطار الوطني لعدد آخر من دولها، وصولاً إلى الصعوبات الافريقية في كيفية الوصول إلى تفاهمات بشأنها، ومن ثم النهوض بإفريقيا دولاً وقارة.( شهدت إفريقيا أكثر من 30 حرباً و18 صراعاً) وتعاني لأسباب عديدة من عدم تمكنها بعد من استثمار ثرواتها الهائلة، ومن التفاوت الواسع بين دولها المتمثل في غنى بعضها وفقر بعضها الآخر، فضلاً عن العوامل الطبيعية ومن ضمنها الجفاف والتصحر وطبيعة الصراع التنافسي الدولي حول العلاقة مع إفريقيا. ورغم كثرة القضايا المدرجة على جدول أعمال قمة سرت فإن مسألتي: - الاستثمار الزراعي وانعدام الأمن الغذائي حتى تاريخه، وتالياً كيفية تسويق المنتجات الزراعية على وفرتها الكبيرة، وكيفية التعاطي مع آليات السوق العالمية، والصعوبات التي تواجه القارة على طريق تحقيق «الاكتفاء» الذاتي والغذائي، وكيفية استثمار الموارد الغذائية الهائلة في إنعاش الوضع الغذائي الافريقي أولاً، وحجم مشاركة إفريقيا في إنعاش الاقتصاد الزراعي العالمي ثانياً، (تصنف 35٪ من أراضي إفريقيا أنها صالحة للزراعة، ويعمل 80٪ من سكانها في المجال الزراعي، وينظر إلى إفريقيا في حال تمكنت من استثمار ثرواتها الزراعية أنها سلة العالم الغذائية). - الانتقال بالاتحاد الافريقي نحو مزيد من خطوات التنسيق والتكامل على صعيد سلطاته وهيئاته وخاصة التفنيذية منها، وطبيعة صلاحياتها بوصفها سلطة اتحادية ملزمة، واعتماد «الحكومة الافريقية» بديلاً متطوراً من المفوضية الإفريقية الحالية، وبرز في هذا المجال الاتجاه الليبي الذي يدعو إلى الإسراع بتشكيل الحكومة الإفريقية بوصفها سلطة كاملة الصلاحيات تنضوي ضمنها جميع أجهزة الاتحاد الأخرى، والاتجاه الإفريقي الجنوبي والنيجيري الذي يدعو إلى خطوات تنسيقية متتابعة، تؤدي تدريجياً إلى تحقيق الهدف المنشود منها دونما تعقيدات أو التعرض مستقبلاً لانتكاسات. ورغم توافق القادة الأفارقة على ضرورات حل المسألة الزراعية وتوظيف أكبر لامكانيات القارة ودولها في هذا القطاع وآليات النهوض به، فإنهم لم يقروا مشروع «الحكومة الإفريقية» كاملة الصلاحيات، بل توصلوا إلى استبدال المفوضية الحالية للاتحاد الإفريقي بسلطة تناط بها مهمات «التنسيق» و«التشاور» على صعيدي الخارجية والدفاع، يمكنها التحدث باسم إفريقيا ب«تفويض» من دولها، على أن تصدق على ذلك برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي. هذا في الوقت الذي سجلت فيه قمة سرت إقرارها باستمرار الصراعات في عدد من دولها، وعجز الاتحاد عن حلها بعد (ملف الصراع الصومالي، ملف دارفور، استمرار الانقلابات العسكرية في عدد من الدول الإفريقية....الخ) . فضلاً عن عدم حل الكثير من النزاعات الوطنية الإفريقية - الإفريقية وحجم التدخل الخارجي واستخدام هذه النزاعات مدخلاً للتعامل مع عدد من دول إفريقيا والضغوط على توجهاتها الوطنية والقارية أيضاً، والتوافق على اقتراح لعقد قمة طارئة في أيلول القادم مهمتها البحث في صراعات القارة ونزاعاتها. وفي هذا السياق ينظر باهتمام إلى قراري قمة سرت أولاً رفع تجميد عضوية موريتانيا بعيد انقلابها العسكري الأخير وترحيباً بالمصالحة الموريتانية - الموريتانية والتوافق على انتخابات طارئة، ثانياً عدم التعاون الإفريقي مع محكمة الجنايات الدولية بشأن قرارها توقيف الرئيس السوداني عمر البشير على الرغم من توقيع 29 دولة إفريقية على اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة والالتزام بقراراتها وثانياً حق البشير في التحرك بحرية في إفريقيا بعد أن ضمن السودان ذلك في العالم العربي أيضاً. وإذ يؤكد المراقبون، ومن ضمنهم من حضر القمة، أهمية قمة سرت وقمم الاتحاد الافريقي عموماً، وتعزيز التعاون بين دوله وتنشيط عمل هيئاته ومؤسساته التشريعية والتنفيذية، فإنهم يشيرون في الوقت نفسه إلى تجربة الاتحاد الأوروبي الذي احتاج إلى نحو نصف قرن للتوافق على كيفية تشكيل هيئاته الاتحادية والتصديق على المعاهدة الدستورية، وإقرار آليات عمل الاتحاد ودوره الدولي، فضلاً عن حجم التفاوت في الإمكانيات ومستوى التطور الاقتصادي - الاجتماعي - السياسي - في هاتين التجربتين. بقي أن نشير، مرة أخرى إلى أهمية إفريقيا وضرورات العمل الإفريقي المشترك للاستفادة من ثرواتها وإمكانياتها، والتخلص من موروثات الماضي الاستعماري، وكيفية التعاطي الإفريقي مع الاهتمام - التنافس الدولي تجاهها، ولانغفل هنا مواقف إفريقيا (دولاً وقارة) الإيجابية تجاه القضايا العربية، والصراع العربي - الإسرائيلي وماتفرضه من اهتمام عربي بالقارة السمراء الواعدة والمساعدة في حل إشكالياتها وصعوباتها أيضاً نظراً للمصالح المشتركة الكثيرة التي تجمع عالمنا العربي مع إفريقيا. باحث في الشؤون batal-m@scs-net.org">الدولية batal-m@scs-net.org
|