الثـوابــت الســــــوريـــة والمشــــروع الإمبـــريــالي المتـجـــــدد
متابعات سياسية الاثنين 29-1-2018 د: فايز عز الدين الوطنيون السوريون منذ أن أُطلقت الحرب الإرهابية على بلدنا لم يخفَ عليهم ما وراء الأكمة، بل كانت الحساسية الوطنية كاشفاً حقيقياً لغايات ما يحدث، ولم تدغدغ مشاعرهم أكاذيب البحث عن النظام السياسي الأكثر عدلاً وديمقراطية، طالما أن القادم إليهم من أقبية الظلام خطوطه، ومن منظومة الرجعة خيوطه.
وعليه فقد سقط القناع لدى السوريين الوطنيين عن الكذبة الأولى مباشرة. وبَعْدَها ضخّ نادي التآمر المتصهين ضد بلدنا المقولة الثانية التي تشير إلى أن خوف المعارضات التي يوجهها المشروعُ الإمبريالي الصهيوني على سورية آتٍ من المظاهر الخطيرة لتدويل المسألة السورية؛ وعندها سيصبح بلدنا لعبة الأمم تتقاذفه أمواج الصراع الدولي بين الأقطاب فيخسر قراره الوطني السيادي المستقل ويتحوّل إلى بلدٍ محتل، وهنا أيضاً لم تنطلِ الكذبة حيث إن جمهورنا كان يرى بأمّ العين كيف تبنّت منظومة التحالف الدولي ضد الدولة الوطنية عند العرب شنّ العدوان على ليبيا، والتدخل السافر في تونس، ومصر، ولاحقاً سورية، والعراق، واليمن. وجَدَلُ الأقصيين صار مكشوفاً في عيون الوطنية السورية؛ إذ كيف يُعلن الإمبرياليون عن ثورة شعبية، ويغتالون عبرها العلم الوحدوي لسورية، ويتركون نشيد الاستقلال، ويتنازلون عن الوحدة الجيوتاريخية للشعب؟ وكلما كُشف القناعُ وطنياً عن دَجَلٍ أمروصهيوني باسم ثورة الشعب كان يُسارع معسكر الأعداء لكي يقدم الكذبة الجديدة حتى لا تنفضح أحابيل الحرب الإرهابية المدوّلة علينا، والمموّلة من الأذناب الأعراب في الممالك والمشيخات.
وحين انتصر صوت الوطنية السورية على صعيد المجتمع الدولي، واستبانت الحرب الإرهابية بأبشع صورها، وتمدّد المجرمون يضربون حتى عند صانعيهم (وذلك ربما يكون ترتيباً مخابراتياً غربياً حتى يبرّر قادة الغرب سياساتهم المشتراة من قبل آل سعود ومشيخاتهم). لم تعد إخفاء صورة الإرهاب ممكنة في الذهن الدولي ما أدى إلى قبول أميركا بورقة جنيف واحد، ولو أن الحرب على الإرهاب كانت البند الأول فيها، وصدر القرار الأممي 2251 الذي يدعو إلى مكافحة الإرهاب، ومحاسبة داعميه حتى يتم تجفيف منابعه. ولكن في مسلسل انعقاد جنيف، وفيينا، ثم أستنة كان واضحاً لدى الوطنيين السوريين أن جدّية سورية وحلفائها في حلف المقاومة في مكافحة الإرهاب وهزيمة مشروعه في سورية، قضية غير مُرحّبٍ فيها عند حلف العدوان على سورية، وهنالك مخطط استعماري تحت الطاولة، ومأخوذة الموافقة عليه من قبل داعمي الإرهاب، ومشغلي المعارضات التي وضعت أوراقها في السلة الأمروصهيونية منذ كانت الكذبة الأولى أن لا تتدوّل المسألة السورية. والشعب في بلدنا يتابع مجريات ما يحصل على وطنه لم يعطِ تفويضاً لهؤلاء المرتهنين للمشروع الأمروصهيوني في بلدنا، والأنكى من ذلك صار شعبنا يتابع المنصات المعارضة التي يتم الإشراف عليها من أردوغان تعتبر نفسها الممثل الوحيد للشعب السوري وتُقصي المنصات الأخرى، ثم كيف انقلبت الصورة لتظهر معارضة الرياض بأنها الممثل الوحيد للمعارضات والشعب، ثم أخيراً كيف نزع شعبنا هذا الحال من أيديهم، وأيدي مشغليهم ليقول كلمته: نحن الشعب في سورية التي تقاتل الإرهاب لم نعطِ حقَّ تمثيلنا لأحد لا سيما حين نراه يساهم في الحرب الإرهابية علينا، وهنا سقطت آخر أوراق المعارضات، ومعها داعمها الغربي المتصهين؛ وبدأ الميدان بالجيش العربي السوري، وحلفائه يقلب لحلف الأعداء ظهر المجن بدحر الإرهابيين من كل مناطق سيطرتهم فيحرر المدن السورية، ويطوّق المجموعات المسلّحة، ويفرض عليها الاستسلام. وحين رأت أميركا مصير إرهابييها المحتوم هزيمة ادعت بأنها شريك في محاربة الإرهاب، وشكّلت حلفها المؤلف من ستين دولة ليتضح أنها شكّلته لتمنع هزيمة الإرهاب لا لتحاربه حتى تديم الحرب الإرهابية على سورية، وتعطل أي طريق باتجاه الحل السياسي الوطني السيادي خاصة بعد أن سقطت أوراق المعارضات العميلة وصاروا يشكّلون الوفود إلى أميركا بناء على الأوامر الصهيوأعرابية، ويطالبون هذه الأخيرة بالتدخل العسكري لكيلا يكتمل النصر السوري للجيش وحلفائه، واستندوا إلى مقولة: لا حسم عسكرياً في سورية. ومنذ أن أطلقت هذه المقولة فهمتها الدولة الشرعية لبلدنا بأنها مقولة عدوان، وتخفي وراءها فكرة مواصلة التدخل في الشؤون الداخلية منعاً للترتيب الوطني الذي سيُفرض على ضوء انتصارات الميدان، وهزيمة الإرهاب، والعدوان.
وفي الزمن الذي لم يعد الحلف الأمروصهيوني يستطيع نكران الانتصار السوري بدأنا نلاحظ التواجد غير المشروع للقوات الأميركية، ومعها الحلف الأطلسي من التنف على حدود سورية والعراق، إلى شمال سورية على الحدود مع تركيا. والذرائع الأميركية تارة تشير إلى قطع الطريق البرّي على إيران عضو جبهة المقاومة مع سورية، وأخرى تشير إلى منع داعش من العودة، وثالثة تشير إلى تمكين الأكراد من الوصول إلى حقوقهم، ليتضح أن أميركا بتواجدها غير المشروع تكشف عن مشروعها الصهيوني الذي كان وما يزال تقسيم سورية، وتمكين إسرائيل من تهويد كامل الأرض الفلسطينية وجعل القدس العاصمة الأبدية لها، وكان بالأمس نائب ترامب يخطب في الكنيست ليؤكد أن السفارة الأميركية ستُنقل إلى القدس في نهاية 2018. ثم تعلن أميركا عن تشكيلها لميليشيا كردية وإرهابية بقوام /30/ ألف مقاتل بين سورية وتركيا، والعراق لكي تفرض عبرها منطقة لها تسميها منطقة آمنة تحمي الحقوق الكردية السياسية، وعلى المقلب الآخر يرفض أردوغان الخطوة، ويباشر القصف على عفرين، ويتطلع إلى خلق منطقة -كما زعم- تحمي الأمن القومي التركي. ومع هذا التدخل المرفوض الأميركي، والرفض التركي له، ومن ثم العدوان التركي على الأراضي السورية وتهجير المدنيين من جديد لم نرَ حتى الآن سوى الاستنكار السلبي لهكذا سلوك أميركي عدواني، وكذلك لم نرَ من أردوغان سوى التحايل السياسي فمن جهة هو مع الحرب الإرهابية على سورية داعماً وممولاً، وعلى الضفة الأخرى لا يتفق مع أميركا على الميليشيات الكردية. ومع إدانة المجتمع الدولي للجهتين (أميركا، وأردوغان) نجد أن مركّب التآمر الدولي على تقسيم سورية ما زال سائراً بمندرجات العدوان، ومواجهة هذا المركّب تدعونا نحن في الوطنية السورية أن نلتقي على كل الصعد في بلدنا حتى ننتزع المبادرة في الحل السياسي السيادي من العدو الدولي لنا، لنضعها بيد الشعب المنتصر بجيشه ودولته، وتحالفاته فإلى دمشق واحدة دعوةٌ برسم الجميع.
|