فقد كان اسم المطرب المغمور محمد عبد الوهاب حلمي، وكان يكتب على الإعلان في واجهة المسرح الذي يغني فيه عبارة (المطرب محمد عبد الوهاب) بخط كبير جداً وكلمة (حلمي) بخط صغير لا يكاد يقرأ، ويفعل ذلك تفادياً للملاحقة القانونية من عبد الوهاب الأصلي، وبالفعل لم يستطع الموسيقار الكبير أن يفعل معه أي شيء رغم انزعاجه الشديد منه.
لكن المطرب المغمور وقع في شر عمله هذا، ففي فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية كان الموسيقار محمد عبد الوهاب قد زار جميع المحافظات المصرية عدا مدينة الاسماعيلية وكان أهالي الاسماعيلية في شوق لمشاهدة وسماع عبد الوهاب، وأراد أحد أثرياء المدينة استغلال هذا الشوق للمطرب الكبير.
وتحقيق مزيد من الثراء ولما كان هذا الثري يعرف ذاك المطرب المغمور (محمد عبد الوهاب حلمي) فقد قرر إقامة حفلة له على أنه محمد عبد الوهاب الأصلي.
وعقد الثري اتفاقاً مع المطرب المغمور، ليحيي حفلة في الاسماعيلية مقابل ثلاثين جنيهاً وهذا المبلغ كبير بالنسبة لهذا المطرب، لكنه لا يساوي شيئاً عند الموسيقار عبد الوهاب.
وفي موعد الحفلة صعد المطرب على المسرح فاستقبل بعاصفة من التصفيق من الجمهور، باستثناء شخص واحد لم يصفق بل أخذ يتفحص شخصية المطرب الذي يشبه عبد الوهاب الأصلي وكأنه نسخة طبق الأصل عنه بنظاراته وسوالفه الطويلة ولباسه وطربوشه.
وفجأة هب ذاك الشخص واقفاً وقذف بكرسيه إلى المسرح وصاح بأعلى صوته: هذا ليس محمد عبد الوهاب.
وهجم الجمهور على المسرح وانهال بالضرب على المطرب وأعضاء الفرقة الموسيقية فتدخل البوليس وبعد تضميد جراح المطرب وأعضاء الفرقة الموسيقية حقق ضابط الشرطة في الأمر فاكتشف أن المطرب هذا ليس عبد الوهاب الأصلي فحجز جميع إيرادات الحفلة وصعد إلى خشبة المسرح ليشرح للجمهور الغاضب، أن المتعهد سوف يعيد ثمن التذاكر لكل فرد من الجمهور، وتم ذلك بالفعل وأخذ الثري درساً قاسياً في عواقب الطمع.
أما المطرب المغمور فقرر اعتزال الغناء نهائياً وبذلك تخلص منه الموسيقار محمد عبد الوهاب، وذهب عنه الضيق الذي كاد يخنقه من ذاك المطرب.