تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بائعة الأزهار

شباب
2012/6/11
علياء القميلي

بسرعة، بسرعة، تهتف الأصوات، يرفع الستار، وتظهر على الخشبة فتاة، تسير في أزقة مكتظة بالناس، تحمل في يدها سلة من الأزهار، أزهاراً جميلة!

، جوري.. ياسمين..، تقول وبطريقة يبدو عليها الرجاء: سيدي تشتري زهرة؟، سيدتي تشترين زهرة، وكلما مرت حشود الناس بجانبها، لكن أحداً منهم لم يشترِ حتى ولو زهرة واحدة!، هل يا ترى (جيوبهم فارغة)؟!، لا أعتقد ذلك!، لكن أحداً منهم لم يتصور بأن هذه الفتاة بأشد الحاجة إلى المال!، وحيدة ليس لها معيل ولا سيد، منذ أسبوع لم تبع زهرة واحدة، أزهارها تذبل، والجوع يمزق جسدها.‏‏

باتت ليلتها في زقاق ضيق إلى جانب حاوية كي تسترها عن عيون المارة، الفئران تضجُّ من حولها، تغمض عينيها مستسلمة لنومٍ أبدي، تقع السلة من يديها، وتتناثر حولها الأزهار الذابلة، وفي الصباح، بينما كان عامل النظافة يحمل القمامة من الحاوية رآها، حاول إيقاظها، لكنها لم تحرك ساكناً، وبعد محاولات عديدة، تنبأ بأنها قد ماتت، كانت يداها باردتين قاسيتين لا تتحركان، ياللفتاة المسكينة!، لم تسمح لها كرامتها وعفتها أن تطلب إحساناً من أحد!، هتف الحضور، أسدل الستار، وصفق الحضور، ثم ظهر المخرج والممثلون وباختصار (طاقم المسرحية)، انحنى (تواضعاً) وازداد التصفيق، ثم خرج الحضور وأغلق المسرح، وكلٌّ سار في طريق مثل حفنة من الغبار، نسفتها نسمة عليلة، فتناثرت في كافة الاتجاهات..‏‏

قد يخيل لك عزيزي القارئ أن هذه القصة مشابهة لقصة بائعة الكبريت، ربما الفرق بينها وبين بائعة الكبريت، أنها كانت غير محكومة ببشر، إنما هناك فرق أكبر من ذلك، ذلك أن موت بائعة الكبريت كان رسالة لتسليط الضوء على معاناة الأطفال أما الرسالة من موت بائعة الأزهار هو تحفيز النفوس على إحياء المحبة والتسامح، لأن الزهرة هي رمز المحبة والتسامح والاستمرار في الحياة، أتمنى أن يكون عبير هذه الأزهار الذابلة قد أيقظ النفوس للمحبة والعطاء والتسامح.‏‏

لعل وعسى!‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية