تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


يمضي الإرهاب وينكسر الموت وتبقى سورية

شباب
2012/6/11
غانم محمد

إن كانت هناك حالات استثنائية قليلة استطاعت الأزمة الحالية التي تعيشها سورية أن تجرفها معها فإن الثوابت الوطنية هي التي انتصرت بالمجمل وهي التي فرضت أخلاقها وحضورها على النسبة

الغالبة من أبناء سورية الذين لم تزدهم الصعوبات إلا مزيداً من الثقة بالنفس والثقة بالوطن والثقة بقوة «الدولة السورية» وهذا ما شكّل سياجاً منيعاً بوجه هذه الحرب الكونية التي لا يروق للكثيرين من أعداء سورية أن تضع أوزارها..‏‏‏‏

‏‏‏

كل شيء حولنا يدعونا للتأمل وللعودة إلى ذواتنا نناقشها قبل أن نناقش الآخرين، فثمة عبرٌ لابدّ وأنها ترسّخت في أذهاننا أو في طريقها إلى الترسّخ وعلينا – كلّ من يعمل في الشأن العام – أن نعرف كيف نوظّف هذه التغيّرات الإيجابية في بنيتنا الفكرية والنفسية بشكل يخدم مستقبلنا ومستقبل أولادنا..‏‏‏‏

في كلّ أرجاء سورية، تعمّ المبادرات الشبابية بمختلف صورها وأشكال حضورها، وبغض النظر عن المردود المادي الملموس « وهو كبير جداً» إلا أن ما أضافه أو أغنى به الفكر الشبابي هو الأثمن وهو ما نسعى بشتى السبل للاستفادة منه...‏‏‏‏

ثقافة التطوّع‏‏‏‏

هل يمرّ يوم إلا ونسمع فيه عن مبادرة تطوعية شبابية الهدف الأسمى لها هو تخفيف الأعباء عن كاهل الدولة والمشاركة في إعادة إعمارها وتطهيرها من دنس الأقدام الغادرة؟‏‏‏‏

في الشوارع التي مرّ عليها الإرهاب والإجرام، وبعد أن شاهد العالم بأسره صدى الحقد المورّد إلى سورية زرع شباب الوطن روحهم ونَفَسَهم ورفضوا الاعتراف بموت ولو حجرة واحدة في هذا البلد، ومادام نسغ الحياة يجري في عروقه فقد أرادوا أن يستمر دفقه في كلّ شيء بهذا الوطن فكان النجاح حليفهم في أكثر من مكان..‏‏‏‏

وقفت الظروف أحياناً بوجه عمال النظافة فعرف شباب الوطن كيف يعيدون للشوارع رونقها وجمالها..‏‏‏‏

«طنّش» بعض المرشحين في أكثر من مناسبة انتخابية عن إزالة صورهم بعد انتهاء الحملات الانتخابية فحضر شبابنا كأسرع ما تكون الاستجابة فعملوا بجهد وصبر وبأزمان قياسية..‏‏‏‏

يوجد إسمنت في هذا الشارع أو ذاك، فدبّوا الحياة في هذا الإسمنت ولونوه بلون علم الوطن فكانت اللوحة أكثر من جميلة..‏‏‏‏

صحيح أن حملات الشباب التطوعية « شالت كتف » عن البلديات وغيرها لكن وكما أسلفنا فإن المكسب الحقيقي هو أن يمتلك الشباب ثقافة التطوع التي جسّدوها أفعالاً ولم يكتفوا بتداولها كشعارات، وسيكون بإمكان هذه الثقافة أن تصبغ هذا الجيل من شبابنا بمزيد من القيم المنتجة والقادرة على صنع التحولات الإيجابية والعملية في حياتهم.‏‏‏‏

كنا وحتى فترة قريبة نقرأ الاستغراب في عيون أبنائنا عندما نقول لهم نحن من غرس هذه الغابة أو نحن من عبّد هذه الطريق في أيام عمل وطنية تطوعية وكانوا يعتقدون أن هذه الأعمال هي من اختصاص الجهات البلدية والخدمات الفنية ولكن ما إن وضعوا أمام هذا الاختبار حتى كانوا أفضل منّا وأكثر سرعة في تلبية نداء الوطن وهذه خصلة عادت إلى حيث يجب أن تكون.‏‏‏‏

الاندماج المجتمعي‏‏‏‏

كتبنا كثيراً قبل هذه الأزمة عن غربة الشباب وعن تقوقعهم وعدم انشغالهم بما يجري حولهم ولكن التطورات الحالية أعادتهم إلى رحم مجتمعهم يعيشونه نبضةً نبضةً ويشاركون في إعادة صياغته من جديد.. كانوا السبّاقين إلى تكريم أسر الشهداء وزيارة مرضى الجيش والتسابق إلى تفعيل الحالات الوطنية..‏‏‏‏

نزلوا إلى الساحات بكلّ عنفوانهم، صقلوا ألوان العلم الوطني بتطلعاتهم، جددوا معاني الرموز الوطنية، دافعوا عن الليرة السورية بمصروف جيبهم فاستحقوا تحيّة الوطن ومحبته..‏‏‏‏

والإصرار مستمر‏‏‏‏

استنزف الشباب بعضاً من وقتهم لمتابعة ما يحدث على الأرض، وفي التنقّل من محطة لأخرى لسماع كل الآراء في الأزمة السورية لكن كلّ هذا لم يشغلهم عن دراستهم لأنهم يدركون أن الهدف الأول للإرهاب هو خلق جيل متخلف تسيطر عليه ثقافة القتل والدم ولكنهم أخطؤوا الهدف ولم تنجح حساباتهم لأن وعي الشباب السوري أكبر من كلّ وسائل إرهابهم.. واظبوا على دروسهم، ذهب قسم منهم إلى امتحاناتهم وقسم منهم يقدّم الآن امتحاناته مؤكدين أن الحياة لن يطفأ نورها في سورية..هذا الإصرار من السوريين الشرفاء سيمضي بسورية إن شاء الله إلى المجد والعزّة كما اعتادت أن تعيش دائماً.‏‏‏‏

آه يا بلد‏‏‏‏

هي جملة يرددها السوريون الشرفاء يومياً وفيها نرى بالعين الثانية حيث توجد قلة قليلة تستغلّ الأزمة أبشع استغلال وتحارب الشعب السوري بلقمة عيشه..لن نكتفي بالإشارة إلى أركان المؤامرة الخارجية التي بات القاصي والداني يعرف تفاصيلها، ولكن سنهمس بآذان أخوتنا في الوطن ممن غُرر بهم: الوطن لنا جميعاً، وحمايته مسؤوليتنا جميعاً، وكلّ من استغلّ هذه الأزمة ولو برفع سعر أي مادة ولو ليرة واحدة دون وجه حقّ فهو ليس منّا قبل أن يصالح ضميره، وكلّ من سارع لإشادة بناء مخالف مستغلاً انشغال الجهات المختصة بأمور الوطن وحماية المواطن فهو ليس منّا وكلّ من قصّر في دراسته أو في توجيه أبنائه نحو مصلحتهم المنسجمة مع مصلحة وطنه فهو أيضاً ليس منّا قبل أن يصحح خطأه..‏‏‏‏

سمعتها من الكثيرين ومن مختلف الأعمار: نحن مستعدون لدفع ثمن اسطوانة الغاز ألف ليرة ودفع ثمن لتر المازوت خمسين ليرة وشراء كيلو السكر بمئة ليرة شرط أن تذهب هذه الأموال إلى خزينة الدولة لأن مال الدولة في النهاية هو مالنا، وهو الذي يفتح لنا المدارس والمستشفيات والجامعات والطرق، لكن أن يذهب ذلك إلى جيوب المستغلين فهذا ما نرفضه..وسمعتُ كما سمع معظمكم: نعيش بلا كهرباء، ونأكل الكفاف ولا نمدّ يدنا لمن يريد استغلالنا، لكن أن يكون سبب الغلاء هو الجشع وأن يكون سبب نقص بعض السلع هو الاحتكار فهذا ما علينا جميعاً أن نفكّر بآليات مواجهته..‏‏‏‏

حزننا كبير ولكن!‏‏‏‏

لم يستطع الكثيرون أن يحبسوا الدمع في المآقي بعد عرض المشاهد المروعة للذبح الذي تعرّض له أهلنا في منطقة الحولة في حمص، هذه المناظر التي أدمت قلب الصخر، لكن الإرادة لم ولن تلين، نعم يكسونا الحزن ولكن تنبض في داخلنا الإرادة والشمس وإن غابت ساعات معدودات فهي لا بد ستشرق في يوم جديد وهكذا هي سورية... ألا تخجلون أيها المارقون من لقاء ربّ منتقم جبّار، ألا تنظرون إلى ما تقترفه أيديكم من كبائر تهتزّ لها دروب السماء؟‏‏‏‏

قدرنا وفخرنا أن نكون سوريين، لن نتخلّى عن سوريانا أبداً ولن يغلو في سبيلها غالٍ، حفظنا خضرة سهولها عن ظهر قلب، وتطهّرت قلوبنا بشمس صباحاتها ولها منّا كلّ ما تطلبه..‏‏‏‏

نعرف أن الهجمة شرسة، وقد يطول أمدها وقد ندفع المزيد من الضريبة الوطنية ولكن ثقتنا لم تنقص لحظة واحدة بقدرة سورية شعباً ودولة وقيادة وأرضاً وهواء على منح الكرامة لمن يعيش فوق ثراها..‏‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية