تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


منسوب الايديولوجيا الغربي في الحقد على سورية

شؤون سياسية
الثلاثاء 12-6-2012
بقلم: د. أحمد الحاج علي

تحولت هذه الفكرة من مقولة ذات مغزى فكري وسياسي إلى قاعدة توطدت بالتدريج وصارت جزءاً أساسياً من مقومات فهم الحدث السوري الراهن، والفكرة تقول..

إن سورية بما يجري فيها وعليهاصارت المعادل الواقعي والأخلاقي للعالم وبقي عليها أن تعادل ذاتها من الداخل، وواضح من مستلزمات هذه الفكرة المؤسسة أن تطورات الأزمة شهدت أطوراً ومراحل باتت مكشوفة ولم تعد تمتلك خاصية التداول في الواقع والتأثير فيه ومنها الإدعاء بضرورة تعميم الديمقراطية في سورية ومنها مسألة التصدي للفساد ومنها ضرورة التفاعل الوطني كبديل عن المسار الحزبي الضيق.‏

كل هذه الأفكار مشروعة ولكنها لم تكن سوى الذريعة التي توارت في ظلالها الواسعة حقيقة المؤامرة الكونية على سورية ومن هنا نجد أن حالة العداء لسورية ولدت جنيناً هجيناً متكاملاً منذ البدء ولكن مراحل من التطور والتراكم المتسارع هي التي قدمت هذا المنحى بأشكاله المتعددة والمتعاقبة إلى أن انكشفت الأمور تماماً واستقر في أذهان الجميع أن المطلوب هو تدمير الوطن السوري بكامله ومثل هذا العنوان هو الذي يتسع لطاقة التحرك العربي والإقليمي والدولي والذي لاحظنا فيه سمتين غريبتين تتمثل الأولى في درجة الحقد العربي الرجعي ممثلاً بحكام قطر والسعودية على سورية التاريخ والوجود الحضاري.‏

وبدت المسألة وكأنها ثأر تاريخي غرائزي يتضمن إنجاز الوظيفة السياسية ضد العرب والإسلام لهؤلاء الحكام وحينما يعترض البعض بقولهم لم تكن هناك مراحل ودلائل سابقة تبرر هذا الفعل السلبي الشامل ضد سورية ونجيب بأن ذلك كان موجوداً وماغاب لحظة واحدة، وعلى الأقل فإن التناقض كان وسيبقى على أشده بين موقع حضاري ريادي واسع الأبعاد راسخ البنيان قوي التأثير والأثر على الوجود العربي كله مثل سورية وبين كيانات أسروية بدأت مشيخات أساسها العبودية والانحراف ومع ظهور النفط والغاز تحولت هذه الكيانات إلى مخلب وناب يوظف حسب الحاجة ويمتلك خاصية استمراره بقدر مايستجيب للمنطق الاستعماري الخارجي وبقدر مايثبت أنه قادر على التسلل تحت الشعارات والعباءات العربية إلىموقع قائد ورائد مثل سورية.‏

لقد أتقن الأعراب منطق الوظيفة السياسية والآن لديهم براعة إتقان الجريمة السياسية والاجتماعية ضد سورية، إنهم يعتقدون من خلال ذلك بأنهم رقم في الواقع الإقليمي ومخلب وناب لهما وزن في هدم المواقع ذات الطبيعة القومية والفعل الحضاري الإيجابي ومن هنا نستدل على مدى التوغل من قبل هذه الكيانات في الجريمة‏

لأنها صارت مصدر رزقهم السياسي والمنتج المادي اللازم لكي يقنعوا أنفسهم أنهم ذوو شأن ويحسنون تنفيذ الأوامر لاسيما حينما تصدر عن قوى الغرب الاستعماري بشقيه الأميركي والأوروبي.‏

وأما السمة الثانية الغرائبية فهي التي تطلق اعتباراتها هذه الدرجة من السقوط القائم على الحقد والتزوير في السياسات الأوروبية والأميركية ومعظمها توصف بأنها دول كبرى ولها تجارب وخبرات كما يدعي منظروها في الديمقراطية والتفاعل بين قوى العالم وكنا نعلم بأن هذه الدول (العظمى) هي عظمى بمقدراتها الاقتصادية والعسكرية ولكنها تتحول إلى دول صغرى حينما يتصل الأمر بمصالح الكيان الإسرائيلي وكنا ندرك بأن السياسات الغربية تصدر عن نسق فكري إيديولوجي مؤسس وحاسم وهناك تيار لاينتهي من الرموز التي عمقت قواعد الفكر والإيديولوجيا في السياسات الغربية لعل في مقدمتهم صموئيل هانتغتون في فكرته القائمة على أن الحضارة الغربية وصلت إلى الذروة في حين تلاشت حضارات الشعوب والأمم على السفوح الجرداء وفي المنحدر وقعر الضياع ومتاهات الصحراء.‏

ومثل هذا الخط الغربي أيضاً فيلسوف آخر هوماكس فيبر ولا سيما في كتابه المشهور الذي يلح على الإعادة المستدامة للأخلاق (البروتستانتية) كمقدمة لإنتاج الأخلاق العالمية ولترسيخ مقدمة كبرى لتطور الرأسمالية في أوروبا برغم تعدد المدارس السوسولوجية التي تعتمد الثقافة السياسية الغربية شرطاً أساسياً للاعتراف بشعوب العالم ولاكتساب درجة من التطور في بنائها الديمقراطي والمهم في الأمر أن هذا الغرب في سلوكه مع سورية لايصدر من فراغ وبالتالي لايصب في الفراغ والغرب المفعم بالأحقاد ونظرة التعالي على الإنسانية هو الذي ينطلق الآن من حقيقة أن تدمير الوطن السوري صار واجباً على الغرب ولايحتمل مثل هذا النزوع الوقوف عند بعض الاعتبارات ذات الطبيعة الشكلانية.‏

إن أصل الحضارة الغربية يقوم على فكرة الاندفاع إلى الحد الأقصى في إبادة الآخر إذا كان هذا الآخر يشكل عائقاً واقعياً أو محتملاً أمام سيطرة الغرب على العالم ولذلك حقق هذا النزوع الغربي تطبيقين خطيرين أحدهما إدماج المشروع الصهيوني في المنطق الغربي فكراً وسياسة ومصالح وحروباً وهذا أمر مفهوم وبعيد الأغوار وثانيهما خلق وظيفة خدمية بالمعنى السياسي والعسكري لبؤر عربية وجدت في الأسر الحاكمة في الجزيرة العربية والخليج نموذجها الجاهز أبداً، والقوى الغربية من جهة والدور الإسرائيلي من جهة ثانية والوظيفة الشاذة‏

لأعراب الخليج كل هذه المجموعات وجدت في سورية عبر هذه اللحظة مادتها المفضلة وساحتها اللازمة لاختبار مديات هذا الحلف المشبوه وقدرته على البقاء.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية