تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عـــن الصبــــر.. مفتــــــاح الفـــــــرج ..!

ثقافة
الثلاثاء12-5-2015
علي الراعي

يحتل كتاب (أيوب ويهوه) لـ «ك.غ. يونغ» - ترجمته إلى العربية إيناس نبيل سليمان- مكانة نادرة بين أعمال يونغ، وهو يأتي كنقد للفكر الديني اليهودي، حيث يحاول شرح الدراما العبثية التي تعرّض لها النبي أيوب على يد إله لم يع معرفته الكلية لذاته،

وهي المعرفة التي أدركها كل من أيوب والشيطان، - حسب الرواية الدينية اليهودية - ومن ثم يمكن ملاحظة التبدل الذي طرأ على سلوك يهوه،‏

وهو أنه لم يع مباشرة حجم الهزيمة الأخلاقية التي مُني بها على يد أيوب، وكان الشيطان يعرف دوماً كيف يستفيد من المعرفة الكلية خيراً مما كان يفعل أبوه، أو يهوه، ويبدو الشيطان هو الوحيد من أبناء يهوه الذي تمكن من تطوير هذه المبادرة بشكلٍ كبير . ومن ثم كان انتصار المهزوم والمضطهد واضحاً، فأيوب يقف في مكانة أعلى أخلاقياً من يهوه، ومن هذا الجانب تفوق المخلوق على الخالق، وهذا ما أراده يونغ من تأكيده في نقده للفكر الديني اليهودي .‏

أبو الصبر‏

وأما وسيلة أيوب في ذلك «النصر المظفر»، والتي تتفق عليها مختلف المرويات الدينية، فكانت الصبر، وللإدهاش الذي قدمه ذلك النبي في مأثرة الصبر هذه، فكان أن غلب الفعل على الاسم حتى تقدمه، فنُعت من بعد ذلك بـ «صبر أيوب»..!‏

ومن الجماليات التي ورثها الإنسان عن نبيه أيوب «أبو الصبر»، قدرته على تحمّل المصاعب مهما بلغت مستويات ذروتها من ارتفاع، وإدراك المرء أن «نوائب الدهر لاتدفع إلا بالصبر»، تجعله يصنع من تلك الكلمة - الصبر- ضوءاً لطريق الحياة المعتم، وهنا إن مدحنا مفعول الصبر، فهذا ليس معناه، «الاستكانة» والاستسلام للظروف المعاشة بكل مافيها من سلبيات، دون العمل على تخطيها، أو تجاوزها، أو حتى تغيرها نحو الأفضل ..‏

صحيح، أن الصبر سلاحٌ قوي، يواجه المرء من خلاله سيئات الحياة ومطباتها، ويعمق معرفة الإنسان أموره على اختلافها، لكنه في الوقت نفسه، إن اتُخذ منهجاً لكل أمر يعترضنا، ودون ممارسة أي ردة فعل تجاه السيئ من هذه الأمور، فإنه بذلك يصبح وبالاً على صاحبه، يجعله مستلب الإرادة طول الوقت، بل ويجرده من قوة الحياة نفسها ..‏

انقياد الآمال‏

إن كان الصبر مطلوباً في حياتنا ليمكننا من الاستمرار، وتجاوز المحن، والشروع دوماً من جديد بقوة، فإنه من المفترض ألا يُستخدم إلا في مكانه المناسب حتى لا يفقد معناه، وحتى نستثمر نتائجه الإيجابية فيما بعد، وإن يصبر حسن الخلُق على سيىء الخلُق أحياناً فبغية إصلاحه، أو تجنب سفاهته، فتلك ميزة نبيلة، لكن أن يجعل هذا الصبر ممارسة دائمة للتعامل مع هذا السيئ، فإنه من الأخطاء غير الصغيرة، لأن الحكمة تقول : «جنّب كرامتك اللئام، فإن أحسنت إليهم لم يشكروا»، ولهذا، فإن استعمال الصبر عند الحاجة إليه على مبدأ «الصبر مفتاح الفرج» أو «ما انقادت الآمال إلا لصابر» فإن ذلك هو الصواب بعينه، ولكن إن جعلناه عنواناً لنا في كل واقعة صغرت أم كبرت، احتاجته أم لم تحتجه، فتلك إساءة لمفهوم الصبر ذاته.. alraee67@gmail.com">!!‏

alraee67@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية