وفي محطات حياته كما تقول الموسوعة الحرة:ان والدُهُ كا ن ضابطاً برتبةِ رئيس (كابتن) في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم. حينَ كانت العائلة في طريق العودة إلى فلسطين في القطار،
في غمرة الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب وخافوا أنْ تهتدي إليهم الطائرات الألمانية! وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى أن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثراً عميقاً في نفسه: «حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي».
وروى بعض شيوخ العائلة أنَّ جدَّهم الأول خير محمد الحسين كانَ فارساً مِن أسياد قَدِمَ مِن شِبه الجزيرة العربية لمقاتلة الروم واستقرَّ به المطاف على سفح جبل حيدَر في فلسطين على مشارف موقع كانَ مستوطنة للروم. وما زالَ الموقع الذي نزل فيه معروفاً إلى اليوم باسم «خلَّة خير» على سفح جبل حيدر الجنوبي.
سُجِن سميح القاسم أكثر من مرة كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنـزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه. اشتغل مُعلماً وعاملاً في خليج حيفا وصحفياً.
عرف عن سميح القاسم انه شاعر مكثر في نتاجه لكنه نذره للكفاح والتعبير عن معاناة شعبه، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.ولعل قصيدته الاشهر تقدموا صارت نشيدا بكل مكان اذ يتحدى الطغاة الذين يظهرون ففي كل زمان ومكان اذ يقول:
تقدموا.. تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا.. يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الام على ابنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا.. تقدموا
وهو القائل أيضاً:
يا بلاداً بلّلت كلَّ صدىً
و صداها لم يَرِدُ إلا سرابا
يا بلادي نحن ما زلنا على
قسم الفدية شوقاً و ارتقابا
يا بلادي! قبل ميعاد الضحى
موعدٌ ينضو عن النور حجابا !
نكبةُ التيهِ التي أوردت بنا
فطرقنا في الدجى باباً فبابا
عَمّقت سكِّينها في جرحنا
و جرت في دِمنا سُمّاً و صَابا
و تهاوينا على أنقاضنا
فخرابٌ ضمّ في البؤسِ خرابا
و من الأعماق.. من تُربتنا
هتف التاريخ.. و المجد أهابا
فإذا أيامنا مشرقةٌ
بدمٍ.. من لونه أعطى الترابا
و إذا روما نداءٌ جارحٌ
طاب يومُ النارِ يا نيرونُ طابا
كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
أسهَمَ في تحرير «الغد» و«الاتحاد» ثم ترأس تحرير جريدة «هذا العالم» عام 1966. ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في «الاتحاد» وآمين عام تحرير «الجديد» ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات «عربسك» في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ فيما بعد «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا.
ترأس اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما. ورئيس تحرير الفصلية الثقافية «إضاءات» التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم.
صَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة.
تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.
تكريم مما لاشك فيه ان النتاج الادبي الذي قدمه الشاعر جعله محط اعجاب واحترام الجميع وطبقت شهرته الافاق ودرس ادبه في الجامعات العربية والعالمية واستحق تكريم المؤسسات الادبية والابداعية
حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات، فنالَ جائزة «غار الشعر» من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وحصلَ على جائزة البابطين،، وحصل مرّتين على «وسام القدس للثقافة» من الرئيس ياسر عرفات،، وحصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة «السلام» من واحة السلام، وجائزة «الشعر»الفلسطينية.
Yomn.abbas@gmail.com