مع أنّ انتصارات هذا الإعلام المعادي منذ بدء الحرب الكونيّة على سوريّة كانت مؤسسة على الحرب الافتراضية , والنصر الافتراضي أكثر وأكثر مما هي على الحرب الميدانيّة والوقائع على الأرض, ولو أنّهم أخذوا هذه المساحة أو تلك من المدن السوريّة المحاذية لتركيّا نتيجة تدخل عسكري ولوجستي واضحين من العميل للموساد , والممثل الدائم له في النظام العثماني المكشوف أردوغان.
نعم إنّ عوامل الصمود السياسي , والثقافي , والمعنوي التي تميّز بها العقل السوري جعلت الحلف المعادي لسورية في حيرة وفي تخبّط جراء فشل مشروع الحرب في تفكيك البنية الروحية المتدينة عند السوريين ليصبح فقه المذهب أهم ّ بكثير من فقه وحقيقة الدين الكلي حتى تهتز في النفوس الوحدة الفكريّة , والثقافية, ومن ثم السياسية ويدخل الجميع في مربّع الخلاف المستعصي الذي لا يؤمن بالآخر, ولا بالسجال معه والحوار ليكون الاحتكام دوماً للصراع والعنف والحرب الأهلية. وحين نتذكر فضائيات الفتنة , وما زال منها ما لم ينه ِ مهمته بعد , سنقف على مدى الخطورة التي رسموها للشعب في بلدنا الصامد وكيف أفشلتها المنظومة التربوية والإيمانية والثقافية عند السوريين حيث قام كلّ طرفٍ رغم أنّه مستهدف باحتضان إخوته من الطرف الذي سَعَوا – بالميديا اللا أخلاقيّة – أن يوسّعوا حجم الهوّة عنده إزاء مواطنه السوري على أرض التجانس والتاريخ المشترك؛ فاحتضن السّنيّ أخاه الشيعيّ والعكس كذلك, والمسلم أخاه المسيحيّ والعكس كذلك , واجتهد العاقل الواعي لأهداف هذه الحرب الوهابية الإرهابية ليخلّص أخاه المغرّر به بكلّ حكمةٍ وطنيّة تمتع بها .وهنا صار المشروع الصهيووهابي يتداعى في العقل , والذهن , والاتجاه قبل أن يتساقط على أرض الميدان والحرب الهمجية التي استخدموا فيها كافة بشاعات الجريمة المعروفة في زوايا التاريخ البشريّ المظلم . وبناءً عليه كان َ لا بد للحلف الإرهابي الوهابي الصهيوني بزعامة أمريكا أن يزج كاملَ منتجات التكنولوجيا العسكرية في حربه الكونية على سورية. والمعروف أن حجم تسعين دولة صار يضخ الإرهاب على بلدنا ويدعمه في ديناميكيات الميدان القتالي لكي يحقق في هذه المنطقة أو تلك سيطرة مؤقتة مع أنّه في كافة هذه المناطق و آخرها إدلب وجسر الشاغور لم يستطع أن يقدّم للنّاس الذين أضحوا دروعاً بشريّة أيَّ نموذج من تنظيم الحياة والإدارة المدنيّة يعادل ما كانت النّاس عليه , وقد صار تفريق المواطن السوري حاسماً بين نموذجٍ للحياة التي كان يحياها ويرى فيها معاني العصر والحضارة والمستقبل , وبين ما أصبح عليه من إدارة لأسلوب حياة بائد لا ينتمي للعصر والحضارة والمستقبل . وفي مثل هذا الحال غدت الذهنية الوطنية أكثر حرصاً على رفض ما فرضوه عليها , لتعود بقوّة إلى التمسك بثقافة الوطن الواحد والعقد الاجتماعي التاريخي للسوريين الذي هزم كلّ غزوات الأعداء , وها هو اليوم يهزمهم من جديد . والمعروف في الذاكرة التاريخية لشعبنا أنّ الخامس عشر من أيار القادم هو ذكرى اغتصاب فلسطين وقيام الكيان الإسرائيلي العنصري الاستيطاني , وما زالت الذاكرة الوطنية لم تنس َ كيف باعت ممالك الرمال فلسطين وشعبها العربي لتحافظ على عروشها مصانة من قبل الصهاينة وداعميهم من الأوروبيين والأمريكيين.
واليوم ترى جماهيرنا السورية الوطنية لهؤلاء أنفسهم كيف يبيعون الوجود العربي الجيو تاريخي ممثلين بذلك الأدوات المخلصة لحلف الأعداء الصهيو أمريكي . ووفقا لهذا المقتضى قد شنّوا حربهم على سورية بواسطة داعش والنصرة وما يماثل هؤلاء الإرهابيين , ويشنون اليوم حرب التحالف غير المقدس على اليمن السعيد ويشترون في سبيل ذلك ذمم بعض الحكام العرب ليتعاملوا مع إسرائيل ومع حفيد الطورانية العثمانية أردوغان بوهم أنهم سوف ينتصرون في الحرب الإرهابية على سورية , لكنّهم على مدى أكثر من أربع سنوات قد فشلت حربهم ولو أنهم يحاولون أن يصوروا الفوز بالمعركة الصغيرة حربا ً منتصرة حتى يدفعوا بالإرهاب خطوة معنوية وبعملائهم المأجورين خطوتين .
وعلى الرغم من هذا كله فالسوريون مؤمنون بما قاله السيد الرئيس في عيد الشهداء أن الحرب معارك والسجال فيها هو سيد الموقف فمن ربح معركة صغيرة لا يعني أنّه قد ربح الحرب , فالرابح للحرب في نهاية كل مطاف هو الشعب والدولة والجيش ومن القلمون سيعلمون أيَّ منقلب ينقلبون .