تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما تغيب إرادة السلام!

شؤون سياسية
الاربعاء 5/12/2007
محمد عبد الكريم مصطفى

هكذا مع انطلاق مركبة أنابوليس للتفاوض يكون قد تحقق للرئيس الأميريكي جورج بوش مأربه في جمع الأفرقاء الأعداء في صالة واحدة وعلى طاولة التفاوض, رغم أن محاولات الوصول إلى وثيقة تفاهم مسبقة لم تنجح,

.حتى إنه لم يتم الاتفاق على وضع مسبق لما يمكن أن يأتي من هذا الاجتماع وماسيتولوه من لقاءات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وهذا يعود بكل تأكيد إلى التعنت الإسرائيلي وعدم وجود النية الحسنة تجاه إبرام اتفاق سلام خلال هذا الاجتماع‏

ما يثبت ذلك عدم الوصول إلى تفاهم مشترك على أجندة محددة الزمن وهذا ما سيؤدي إلى مماطلة لتخفيض سقف التوقعات لنتائج يمكن أن تعتمد ويكتب لها الاستمرار والحياة, وسورية انطلاقاً من قناعتها وحرصها على عدم تفويت أي فرصة يمكن أن تنهي حالة العداء والحروب في المنطقة وإيماناً منها بأن السلام العادل والشامل المبني على أسس مؤتمر مدريد ويستند على القرارات الدولية في هذا الخصوص وجدت لزاماً عليها المشاركة في اجتماع أنابوليس.ومن هذا المنطلق كانت دمشق حريصة كل الحرص بالحفاظ على التضامن العربي ووجود العرب في صف واحد خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية التي من شأنها أن تقرر مصير الوجود العربي, ومن واجب كل دولة من الدول العربية أن تشارك بفاعلية في الاجتماعات واللقاءات التي يمكن أن تحقق نتائج إيجابية أو تفتح الباب أمام مثل هذه النتائج انطلاقاً من أن ما يخدم مصالح أي جزء من الشعب العربي هو امتداد طبيعي لمصالح الشعوب العربية الأخرى.‏

وهناك من يجد في اجتماع أنابوليس مهروجة أميركية لتغطية بعضٍ من فضائح ما فعلته إدارة الرئيس بوش خلال السنوات السبعة الماضية بحق العرب والمسلمين من حروب وجرائم هي جرائم بحق الإنسانية كلها ولا يمكن للتاريخ أن ينساها, وهو يشعر بأن من واجبه أن يطلب الغفران ويحاول عمل شيء ما يحفظ لحزبه ماء الوجه وهو القادم على معركة انتخابية خاسرة بكل تأكيد حسب استطلاعات الرأي الأميركية والغربية وحسب ما أشارت إليه نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية السؤال الهام هنا هل يمتلك الرئيس بوش الإرادة الحقيقية لدعم عملية السلام? هل سيتمكن من فرض تنازلات من قبل الجانب الإسرائيلي أم المطلوب تنازلات من الجانب العربي وخاصة الفلسطيني, كما صرحت وزيرة خارجية إسرائيل مشاركة العرب لإسرائيل والوقوف بجانبها لمحاربة القوى المقاومة والممانعة في المنطقة كحزب الله وحماس والجهاد وغيرها وتسليم السيدة (ليفني) مفاتيح الحل والربط في منطقة الشرق الأوسط الجديد? هذه إشارة واضحة على إن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها قناعة بالسلام ولم تمتلك بعد الإرادة الكافية لصنع السلام وهي تسير في الوقت ذاته خلف سراب ووهم لا يمكن أن يكون حقيقة في يوم من الأيام. وقد جاء التصعيد الإسرائيلي في الأراضي المحتلة مترافقاً مع اجتماع (أنابوليس) لتبرهن الحكومة الإسرائيلية للعالم بأنها تسعى لضرب البنية الاجتماعية العربية في العمق من خلال إثارة الفتن وتقوية النزاعات العربية الداخلية والوقوف مع فصيل ضد آخر,كل هذا يتم بدعم وموافقة أميركية.‏

إن السلام هو البوابة التي يمكن الولوج منها للقيام بتنمية فعلية على كافة المستويات نحو منطقة متقدمة وخالية من الحروب, وهي في الوقت ذاته امتحان لإدارة بوش ومصداقيتها وجديتها في الوقوف مع الفلسطينيين الذين وضعوا كبير الآمال على هذا الاجتماع لترى دولتهم التي وعد بها الرئيس بوش النور قبل انتهاء ولايته في كانون الثاني من 2009م لكن المؤشرات والتحليلات تشير إلى أن زمن النضج في السياسة الأميركية, لم يكتمل بعد على الرغم من كل الانتكاسات التي واجهتها في منطقة الشرق الأوسط, وإن المراوغات واللعب على الوعود لم يزل هو الأسلوب المتبع في السياسة الأميركية لكن إرادة الشعوب المقهورة قد لا تستطيع تحمل الاحتلال والظلم والتجويع إلى مالا نهاية وعند افتقادها للأمل قد لا تنفع الولايات المتحدة وحلفاءها لا الفوضى الخلاقة ولا الفراغ المنظم, وتصبح قرارات الحل والربط بيد الشعوب ذاتها وهذا بكل تأكيد لن يدوم طويلاً وسينتهي وتنتهي معه حقبة من التاريخ الأسود الذي كتبته يد الاحتلال البغيض.‏

Email m.a. ">mustafa@mail.sy‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية