الماضي حيث وضع الكونغرس الأمريكي ميزانية العام القادم 2008 وأرسلوا إلى الرئيس الأمريكي مشروع الميزانية العامة وضمنها الميزانية الحربية للعام القادم والتي تبلغ نحو 459,3 مليار دولار أمريكي لكي يصدق عليها.
بينما يبلغ حجم النفقات الحربية الروسية للعام القادم والذي تم تحديده على أساس الميزانية لثلاث سنوات (2008-2010) لا يزيد عن 36,8 مليار دولار أمريكي.
لا شك أن المقارنة بين الميزانيتين الحربيتين الروسية والأمريكية ليس للأرقام الأهمية الرئيسية رغم أن الفرق الكبير بينهما يترك الكثير من الانطباعات والمهم على ماذا سيتم إنفاق المبالغ الكبيرة هل ثمة نوايا لخوض حروب هنا أو هناك.
بداية لا بد من معرفة كيف تجري الأمور في الولايات المتحدة لقد أعلن الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض دان بيرنو مفتتحا العام المالي:إن الولايات المتحدة قد نفذت خططها للعام 2007 بزيادة ثلاث مرات عما كان متوقعا هذا على الأقل فيما يتعلق بتدمير وتفكيك الأسلحة النووية في إطار اتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية المبرمة عام .2002
ويبدو أن الولايات المتحدة لا تنوي أن تقوم بأي هجوم استراتيجي حيث خصص الكونغرس 15 مليون دولار فقط لتصنيع الرأس النووي الجديد (عالي الدقة) وبشكل عام فإن العمل لدى الولايات المتحدة في مجال التسلح النووي يصل إلى مستوى نادر من (نثر الغبار) على شكل تجارب على إطلاق أنظمة الصواريخ النووية والمضي في الدوريات الاستطلاعية الاستراتيجية حتى أنهم في أمريكا يتكاسلون عن تحديث ما لديهم من احتياطي في الأسلحة الاستراتيجية.
فهل يعني ذلك أن الأمريكيين لا يخشون من أن يتخلفوا في مجال قوة التسلح النووي عن روسيا التي تقوي تسلحها النووي بينما الوضع في هذا المجال لدى الولايات المتحدة يجري بشكل معاكس..
والسؤال الآخر هل فقدت الولايات المتحدة الإحساس بالخطر من الجانب الروسي?.
القراءة المتمعنة للواقع تبين العكس تماما والحقيقة أن حاسة الشم لدى أمريكا زادت بشكل ملحوظ وقبل الحديث عن ذلك لننظر ماذا يجري في روسيا عمليا.
توجه روسيا الرئيسي في الظروف والتحديات المستجدة الراهنة في مجال الاستراتيجية الدفاعية يتركز على تقوية وزيادة القدرة الاستراتيجية الهجومية ويتم ذلك في مجال القوى الهجومية الاستراتيجية البرية والبحرية والجوية.
في القوى البرية سيظهر قريبا إلى جانب صاروخ (توبل المكور) سابقا صاروخ (ps-24) الحامل لعدة رؤوس قابلة للانقسام.
في القوى البحرية سيشهد المستقبل القريب ظهور غواصات مزودة بصواريخ (pcm-54) المساماة (سينيفا) العاملة بالوقود السائل وإلى جانبها صواريخ (بولاف) والتي تعمل على الوقود الصلب وحتى الصاروخ من نوع (pc-24) المصنع على أساس صاروخ توبل بري الخدمة.
وفي القوى الجوية ستحلق من جديد القاذفات الاستراتيجية الحديثة (tu-160) التي سيتم تصنيعها في معمل قازان لصناعة الطائرات.
وتوجه روسيا هذا يعني من حيث الجوهر ردة الفعل الطبيعية على الخطة الأمريكية بنشر مكونات الدرع الصاروخية في أوروبا.
حتى إنه يتم البحث الآن باحتمال انسحاب روسيا من اتفاقية الصواريخ البالستيه متوسطة وقصيرة المدى وإعادة تصنيع صواريخ يبلغ مداها المجدي 5000 كم.
يتضح أن روسيا قد قامت بإعداد ما يلزم لمواجهة الصواريخ الأمريكية العشرة المضادة للصواريخ التي تنوي تنصيبها في بولونيا والحديث عن أن العشرة صواريخ قد تصبح مائة ليس حديثا مسؤولا وجديا لأن هذه العملية ستحتاج إلى عشرات السنين سيصبح خلالها قديما كل ما يبدو لنا اليوم جديدا من الأسلحة الاستراتيجية .
لماذا تسير الأمور بهذا الاتجاه? لأنهم في واشنطن يخطئون في تحديد التهديد الحقيقي لأمنهم, ولديهم نية أن يخوضوا غمار حرب حقيقية في حال تطلبت الضرورة وذلك- كما يقولون ويصرحون- لكن من المستحيل الدخول في حرب باستخدام الأسلحة النووية, لأنها ستؤدي إلى تدمير كل شيء والقضاء على الجميع, وإن ما يسمى ب (بؤر النزاعات الصغيرة) التي تزداد وتتوسع فإن السبب لا يكمن بالمشكلات السياسية بقدر ما هي تتوسع بسبب المشكلات الاقتصادية والدينية والديمغرافية وغيرها والتي في معظمها مفتعلة لأسباب وحسابات سياسية.