تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رواية امتداح الخالة: للمولعين بالتفاصيل?!

كتب
الاربعاء 5/12/2007
اذا كان المفكر الاسباني ميغييل دي أونامونو أكد لنا ذات مرة بأن الحب:( أكثر شيء مأساوية في الدنيا وفي الحياة والحب هو ابن الخديعة وأب خيبة الأمل, الحب عزاء في الحزن وهو العلاج الوحيد للموت لكونه أخاً له. الحب والموت أخوان أنجبهما القدر في آن واحد).

لكن يبدو أنه لدى ماريو بارغاس يوسا تعاريف عديدة للحب كذلك ألوان وحقائق جديدة اكتشفها هو تحديدا .ربما يكاد وحده من استطاع تنحية الحب العاطفي وتقديمه بوصفه رغبة وشيئاً جسدياً. ودفع كل من قرا أعماله إلى التأكد من أنه :( بفضل الحب فحسب, بكل ما للروح من جسد ويجعل الذكر والانثى إذا تعانقا يتباغضان كما يتحابان وجعله أنانية متبادلة)..‏

بالإمكان القول حسبما نقل الينا هيرودوت عن ما قاله أحد عتاة التاريخ إن ( أقسى آلام البشر ناجم عن أن طموحهم كبير وقدرتهم لاشيء).‏

وأيضا كما يقال:(ليس من ألم أعظم من ألم تذكر الزمن السعيد أيام البؤس وبالمقابل لا توجد لذة اعظم من تذكر البؤس في زمن الرخاء..)‏

هذا هو حال لوكريثيا بطلة رواية يوسا هذه التي تقع في مصيدة يصعب تفسيرها أو فهمها حيث تقع الصدمة لها بذات الوقت الذي تقع فيه للقارئ.‏

يندر ان نجد ادبا مختصا بتفاصيل الحب الحسي كما في هذه الرواية (امتداح الخالة )التي مازال يعاد طبعها للمولعين بتقصي اسرار الحب الجسدي الشهوي الصريح للعاشقين المرهفين حين يشكل لهم جسد المحبوب هاجسا وجوديا يحايث حياتهم اليومية,بحيث يتسنى لهم اقتناص زمن اللذة مواكبا لسعادة من نوع خاص ربما نجد رواية امتداح الخالة باجتذاب القراء المولعين بالتعرف على تفاصيل الحب كما يمليها كاتب مثل يوسا الذي كتب روايته هذه مستلهما تجاربه الخاصة والثرية على نحو واضح كما يستشف من صفحات الرواية ولاضفاءمسحة ابداع الاستثناءاستعان بلوحات شهيرة وافرد لها فصولا تشرحها مثل لوحة (كاندوليس ملك ليديا وزوجته لوكريثيا للرسام جاكوب جو ردانتس والموجودة في متحف استوكهولم الوطني وبسلاسة مطلقة يترك قلمه يتحدث بلسان شخوص اللوحات وبلسان عاشق مرسوم في لوحة نقرأ (لقد خلقونا دون اسرار يا حبي هذه هي انا يا عبدي وسيدي قربانك متاهة انا دم وندى فجر انا هذا هو وجهي بالنسبة اليك في ساعة الحواس .هذه هي انا عندما انزع .من اجلك جلدي يوميا ,وربما هذه هي روحي .اليك ومنك )ويتابع قلمه كنذير حزن قادم اوتائبة غرامية ولدت بلحظة مباغتة بحيث يمكن ان تجعل الاخرين دميمين في مرايا المغرم :(لقد توقف الزمن بالطبع .وهنا لا نشيخ ولا نموت .سنتمتع الى الابد في ضوءالغسق الخافت هذا الذي في الوسط .داكن مثل جناح غراب ,اما القمران الاخران فيحرسانه .ولهما لون النبيذ العكر ,وهما قمران خياليان )‏

يوسا يعمل على تقاطعات تاريخية شهيرة يوصلها مع شخصياته ببراعته المعهودة لهذا نجد انه يشرح لوحة كاندوليس ولوكريثيا وقصتهما التاريخية التي ذكرها هيرودوس وتم اقتباسها وتوظيفها ادبيا في اكثر من رواية وعمل ادبي لهذا لا نستغرب ان لوكريثيا هو ايضا اسم البطلة الزوجة الشابة الاربعينية الجميلة والتي تقع اسيرة اغواء ابن زوجها ...‏

وهي حكاية تتكرر على مدى التاريخ لعل مسرحية فيدر الاغريقية هي الاشهر في هذا المجال الا ان يوسا ينجو من مطب التشابه بذكاءلايكبحه شيء ايضا نجده شارحا نرجسية الحب بطريقة فائقة الصراحة .‏

الرواية :امتداح الخالة .ترجمة صالح علماني تأليف ماريو بارنماس يوسا - صادرة عن دارالمدى طبعة ثالثة في 155 صفحة -2007‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية