تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نصب تذكاري للمسرح

شؤون ثقا فية
الاربعاء 5/12/2007
أنور محمد

الدفع نقدا او يذهب العقل الى الجحيم . فالكفاح حتى الموت هو ما يعطي للعقل حيويته, فلا تصير الثقافة- يصير المسرح الذي يرعى عليه عقلنا جلادا شرسا وقاسيا, وبدل ان يشفنا من الاثارات

, تراه يخدرنا, يسكرنا, فننسى ان الموت يدركنا ولا نفعل , لا نزيح بالمسرح قشرة الزيف المتصلبة المتكلسة فوق عقلنا المجنون .‏

صيف مسرحية ساخن? مسألة قد تكون بريئة في مظهرها وجوهرها. لكن من العبقري الذي جمد موسما مسرحيا, فترك الريح تسكن لا تصفر في مسرحين (القباني والحمراء) عدا مسارح المحافظات?!‏

أليس المسرح- العرض المسرحي هو حدث يتحطم فيه القول لنرى الحقيقة عارية كما ولدها العقل لحظة ولدها? من يجرد الحقيقة هذه وعلى المسرح من خصائصها السلطوية التي فيها قيم الخير, الجمال, الحق ?كأن مسرحنا في عطلة, بل في غيبوبة يرجح فيها السحر والتنجيم على المعرفة والفكر- انا اتحدث عن آلية عن ميكانيكية ثقافية - او ان المسرح في عيد, فنذهب نحو الشوارع, فنشوف هذه التراجيديا العظيمة , ضحايا الواقع بدل ضحايا المحاكاة ,في حوادث السير, والحروب, والمؤامرات, والاغتيالات, والجرائم العاطفية, والنصب والاحتيال- محتالون ونصابون جدد تمددوا على الثقافة والفن فيقيمون الملتقيات والحفلات بمناسبات وبدون مناسبات- هذا عدا ضحايا الكوارث الطبيعية كالحرائق والاعاصير ,ضحايا لا تعوض, ضحايا بمنتهى البراءة, فيما الضحايا, ضحايا المحاكاة يتفرجون , بل ويشجعون القدر على ما يفعله بضحايا الواقع الذين يحصدهم الموت, وكأنها تصفية حسابات شخصية. هل من لغز, هل من قوى سحرية تأخذ بنا الى هذا الواقع الذي صار معلنا وقاسيا,فنهزم ويهزم المسرح, فنعيش هذه الصورة المأساوية, وكأن الذي يهزمنا هو شخص مهم, شخص ساحر.‏

في سورية كنا اسسنا مسرحنا الوطني على ان لا يفقد قيمته النقدية, ولا يصير مسرحا مؤسسيا, لذلك عاش ولم يدمر ذاته. لكن ما يجري الآن كأنه جاء اليوم الذي يتحول فيه الى ( ايقونة) , فنصير نتذكر ايام رفيق الصبان وشريف خزندار واسعد فضة وفواز الساجر, وشريف شاكر, وسعد الله ونوس, وجهاد سعد, وممدوح عدوان وكثيرين غيرهم- تذكراًحنينياً نرمم فيه الصدع الذي اصاب مسرحنا هذه الايام. فالسينما والتلفزيون لا يغنياننا عن المسرح, فنحن لما نذهب اليه فلكي نرى انسانيتنا انسانيتها , فتكون في حضور دائم وليس في غياب آني , كما يحدث وهي تشاهد فيلما او مسلسلا, او حتى سيركا , او العاب اولئك السحرة المشعوذين الذين كانوا يغزون ساحات المدن والقرى وشوارعها.‏

هل المقصود ان نتفرج على الموت, موت مسرحنا السوري, باعتبار ان الموت هو فعل تراجيدي?‏

ما الذي يحدث? ( مصاري مافي)??? (جمهور مافي)???? في العاصمة الثقافية لدمشق 2008 ستفرجوننا ???! انتاج المسرح- او لنقل هات مسرحا وخذ مستهلكا , خذ جمهورا ان اي انتاج مهما كان نوعه وشكله له او عنده مستهلكه الخاص,لا سيما وان المستهلك الذي هو في حالة مسرحنا هو مستهلك (نخبوي)?, هو من مثقفي الوطن . هو غير مستهلك السينما والمباريات الرياضية والصورة التلفزيونية, فلماذا نصادره? نضيعه? نلغيه وكأنه ما بقي علينا الا ان نقيم نصبا تذكاريا للمسرح . خاصة وان النصب التذكاري هو بالاساس نصب جنائزي , ليذكرنا بهذا الميت الحي الذي اسمه المسرح السوري .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية