تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حتى لا تصبح جسراً لجشعهم.. أغذية الأطفال لا تخلو من الغش والتدليس.. فمن يحاسب ؟!

دمشق
أسواق
الثلاثاء 5-3-2013
بشار الحجلي

على الرغم من الظروف الصعبة التي شكلت منصات لدى الشريحة الأكبر من التجار لتبرير سلوكهم برفع أسعار المواد والسلع بدرجات فاقت تحمل الناس وقدراتهم الشرائية، شهدت أسواقنا المحلية الحديثة والناشئة بفعل الأزمة التي تمر بها البلاد،

موجات متلاحقة من جنون الأسعار لترتفع لغة المصالح وجني الأرباح على حساب حاجات الناس الذين أصابتهم الأزمة بنيرانها الحارقة.‏

هذه الموجة كشفت النقاب عن حجم الفلتان الذي تشهده الأسواق في وقت غابت فيه جميع أشكال الرقابة والرادع الذاتي والحكومي لدرجة أن إمكانية المناقشة تراجعت ليحل محلها هاجس واحد هو كيف تتمكن من تـأمين حاجتك من المواد الأساسية لتسد بها رمق العائلة التي وقعت تحت رحمة أشخاص لا يمتّون للمواطنة ونواميسها بأي صلة.‏

هؤلاء القلة الفاسدة استباحت كل شيء لدرجة أنها وجدت في المواد والسلع التي تخصص للأطفال فرصة سانحة لزيادة أرباحها فضربت عرض الحائط بكل ما سبق من تحذيرات صحية للكف عن استخدام الملونات الكيميائية الضارة بالصحة في السلع الغذائية التي تباع للطفل فصارت تضخ الكثير من هذه المواد في السوق المحلية محاولة منها لجذب اهتمام الأطفال للإقبال على شراء هذه المنتجات فقدمت العلكة والبسكويت والمصاص وغيرها من القطع الصغيرة مثل الغبار الملون الذي يحدث فقاعات في فم الطفل مع أصوات غير محببة، ومثل ذلك كثير من عرض مواد تطلق الرائحة الكريهة والمنفرة والمواد المصنوعة من اللدائن والبلاستيك المدور وكلها مواد مضرة بصحة الطفل وتظهر أعراضها مباشرة على صحته مثل التهاب الفم والارتفاع الحراري وسواد الأسنان وغير ذلك.‏

عندما تتنوع أساليب الاحتيال‏

الأكثر غرابة أن هذه المواد التي غزت البسطات المنتشرة في الشوارع أمام أطفالنا قدمت هذه السلع بأغلفة مغرية للطفل فيها الكثير من الألوان والأشكال والشخصيات التي ألفها الطفل من خلال الفضائيات ومحطات التلفزة التي غزت بيوتنا وعقول أولادنا.والمتابع لأشكال ووسائل العرض المغرية يكتشف أنه أمام خديعة موصوفة فالمسألة لم ولن تقف عند حدود العرض والإغراء، بل زادت على ذلك بابتكار أسلوب خطير يجعل الطفل أمام حالة من الإدمان على شراء المزيد من هذه القطع « المغرية جدا» وذلك من خلال وضع هدايا تافهة لكنها ملفتة داخل العلب التي كبر حجمها وقل ما بداخلها تحت مسمى الحظ والنصيب، وغيرهم من يضع أنواع من العلكة الملونة التي تغير لون فم الطفل وتسيل لعابه فيبدأ بتخويف أقرانه، ومن «الهدايا» أيضا أسنان مصاصي الدماء، وكأنه لم يعد ينقص أطفالنا غير تعميم هذه الثقافة التي لايمكن فصلها عن خطورة ما يستهدف الوطن عموما من ألوان وأشكال الاستهداف والخراب المنظم!‏

ومن «الهدايا» كذلك ما يحفز الطفل على ألعاب الاحتيال وكلها مع شبه بسكوته تقدم للطفل على أنها مادة غذائية؟! والسؤال ما الذي تغذيه هذه الهدايا؟‏

من دلف الغش إلى مزراب الأسعـار‏

بعد ما ذكرنا أعلاه من صور الخداع ولفت انتباه الطفل لا بد من الحديث عن خطورة استفحال مثل هذا الأمر حيث تعددت المشاهد والصور وتجاوزت الأمر إلى مواد البطاطا والشيبس والبوشار، وغيرها من المقبلات التي تباع للطفل بأكياس وماركات وألوان متنوعة، هذه الأكياس التي أصابتها أيضا عدوى الأزمة فارتفع سعرها وتضاعف عدة مرات.‏

أما المحتويات فانخفضت لأكثر من النصف وامتلأت الأكياس بالهواء المضغوط، وقطعة البسكويت التي كانت تباع بليرتين أصبحت بعشرة ليرات ومن الباعة من يقدم القطعتين منها بـ 15 ليرة، وهكذا حيث أصبحت أي قطعة بعشرة ليرات، حتى أسعار الشيبس والمشروبات الغازية والعصائر بالمنكهات الطبيعية وغير الطبيعية كلها باتت تعاني لعنة الأسعار المجنونة، وإن كانت من ماركة معينة فسعرها بين 20 , 25 ليرة.‏

وعلى المواطن أن يتحمل وما نخشاه أن ينوء المواطن بمثل هذه الأحمال التي أثقلت كاهله كثيرا في وقت تراجعت فيه مستويات الأداء العام في السوق، خاصة في ظل غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق وارتفاع في أسعار المواد الغذائية الذي سجل في الأسبوع الأخير نسبة 65٪ لبعض المواد ونحو 200% لمواد أخرى، قياسا لذات الفترة من العام الماضي.‏

هذا الواقع رفع مناسيب القلق لدى عامة الناس خاصة أن الأسواق حتى هذه اللحظة لم تشهد فقدان أي مادة أساسية بل على العكس المواد متوفرة بكثافة وعلى قارعة الطريق وأمام عيون الناس ولمن يدفع ثمنها بالتأكيد.‏

هل نحن أمام أزمة ثقة؟‏

الواضح تماما أننا أمام حالة يفرضها لاعبون على الأرض تبدأ بالترويج لفقدان مادة ما ثم تترافق هذه الإشاعة باحتكار المادة فيندفع المواطن لتأمين حاجته منها فيزداد الطلب وتبدأ مرحلة التحكم المبرمج بحاجات الناس وأسعار المواد.‏

فإذا صح توجيه بعض اللوم إلى المواطن باعتباره شريكا ليس فيما يحدث فحسب بل في سماحه بأن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، فإن من الواضح حيال سلوك المواطن السلبي هنا أنه ناتج عن أزمة ثقة إن صح التعبير فما كان بالأمس مجرد إشاعة أصبح واقعا والحلول بعيدة عن التصدي لحالات العبث بقوت الناس والسؤال متى نكون على تماس مع النتائج والمحاسبة ومتى نتكاتف مواطنا ومسؤولا لمنع انتشار الخراب وتحصين الوطن من الأزمات وارتداداتها السلبية على الوطن والمواطن، ما كان منها مفتعلا أو ناجما عن صعوبات حقيقية موجودة على الأرض؟‏

سؤال نودعه أصحاب الضمائر وأصحاب القرار فهل نفعل قبل استفحال الخراب؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية