فقد بدا واضحا عدم صلاحية أعضاء ذاك الفريق، المنتمين إلى المخابرات الأميركية وإلى عملاء منفذين لسياسة الصهيونية العالمية، بدليل عدم امتلاكهم القرار الصلب والجدي والمتمكن، خصوصا أنهم لا يمثلون المعارضة الحقيقية الموجودة في الداخل السوري، ولا يمثلون أمراء داعش والنصرة والقاعدة الذين يتحركون على الأرض السورية بتفاصيل وأبعاد بعيدة كل البعد عن ميشال كيلو الذي يحلل ذبحه من قبل أولئك العصابات الإرهابية التكفيرية ، الممسكة بالمعارك العسكرية التدميرية على الأرض السورية.
لقد تبين للجميع أن أعضاء ذاك الفريق ، ما هم سوى حجارة شطرنج، يحركها سفير أميركي من خلف الستارة يدعى روبرت فورد، يحمل صفة سفير سابق في دمشق، فقد بدا لكل من حضر وتابع وشاهد كيف كانوا يتلعثمون عند أي مناقشة لأي بند أو فقرة في حيثيات مؤتمر جنيف 1، مما يضطرهم للذهاب لأخذ المشورة ممن هيأهم ودربهم وعلمهم القول والفعل، ممن سبق وقلنا أنه كان مولجا بإعطائهم التعليمات ، عبر قصاصات الورق التي كانت ترد إلى قاعة الاجتماعات لتعميم مضمونها عليهم ، كما أكد السفير بشار الجعفري، وحيث كانوا عندما يحشرون في الزاوية يصيبهم الارتباك والقلق، بسبب جهلهم أصول الحوار والمناقشة والمباحثات الدولية ، أمام من يتحلى بديبلوماسية عريقة متمكنة، وثقافة سياسية دولية ومحلية متينة ومعمقة، أساسها القوة في ثبات الرأي والقرار، إضافة إلى الليونة الحازمة في التفاوض والمناقشة، والدقة في إتقان لغة الحوار التي أبداها أعضاء الوفد السوري الرسمي برئاسة سيد الديبلوماسية العربية الوزير وليد المعلم، الممثل الحقيقي للدولة السورية وللشعب السوري، خصوصا مع وسائل الإعلام الغربي والعربي والعالمي، وهذا أوقع الفريق الآخر المزور والمركب في الحرج، وبدت الحقيقة واضحة لا لبس فيها ، فهم قد نصبوا متكلمين باسم الشعب السوري زورا وبهتانا، وليسوا سوى فريق باهت وسخيف ، تم إعداده بشكل خاطئ، مما أوقع الولايات المتحدة الأميركية في شر أعمالها، إذ أزاح القناع عن مؤامرتها الدنيئة على سورية، أمام من لايزالون يظنون الشر بالدولة السورية الحالية.
فها هو العالم أجمع يسمع اليوم ، بعد انفضاض المؤتمر، ما كلف بالتصريح به أحمد الجربا رئيس وفد الائتلاف المعارض في جنيف، عبر القول : إن التسليح سيزداد في سورية كما ونوعا ، وطبعا هذا الكلام يستند في مضمونه لكلام الرئيس الأميركي باراك أوباما في أثناء خطابه الأخير في مبنى الكونغرس إذ أعلن الموافقة مجددا على تسليح المعارضة في سورية!
إذا أين هو الحرص في أجندات هؤلاء، على مصلحة الشعب السوري وأمنه وأمانه وحقوقه الإنسانية التي يدعون الحرص عليها ؟ فعلا لقد صح القول فيهم: كلكم عورات وللناس أعين.. في حين أن للناس آذاناً تسمع أيضا، وعقول تفكر وتحلل، وتجزم في نهاية المطاف بأن من يريد مصلحة الشعب السوري حقيقة، هم من يقيمون على أرضها ويعانون ما هو مكشوف للعالم أجمع، وأن المعارضة الحقيقية التي يحق لها المشاركة في مؤتمرات لاحقة من أجل نشر السلام في سورية واجتثاث الإرهاب هم معارضة الداخل فقط.. أما غيرهم فهم ألعوبة الدول التي ما زالت تسعى لخراب سورية وكسر عنفوانها القائم على الكرامة التي لن تنهزم ولن تخضع ولن تنحني للعملاء والجبناء .
ولهذا كله يتماهى السؤال الذي يجب أن يناقش بدقة وبحرفية قائمة على منطق القول المسند إلى القوانين الدولية والأممية التي ترعاها المنظمات الدولية ، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهو : كيف يتجرأ الرئيس الأميركي باراك أوباما على خرق القوانين الدولية القائمة على احترام سيادة الدول بموافقته على تسليح العصابات الإرهابية في سورية علنا، في الوقت الذي تدافع فيه سورية بواسطة جيشها وحكومتها ورئيسها عن سيادتها التي رعتها القوانين المحلية والدولية؟ وكيف يحق لأي دولة في العالم مهما بلغت قوتها وسلطتها اختراق سيادة دولة أخرى هي عضو في مجلس الأمن الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، حتى لو كان يحتل أكبر مركز قيادي في العالم ؟ ثم كيف يتم اعتماد مشاركة فريق سوري معارض هو بالأساس صناعة أميركية وقطرية وسعودية وتركية مقابل وفد الدولة السورية الرسمي ؟ علما أنه في حال التفاوض بين فريقين معارضين في دولة ما، يؤتي بالموالين والمعارضين الموجودين على أرض الوطن من أجل سير المفاوضات بإسلوب أقرب إلى المنطق السليم الذي يحترم حرية الشعوب والديموقراطية التي تبنوها في خطاباتهم المفبركة لغايات كشفها مؤتمر جنيف 2، وأصبحت مسار سخرية لسياسة الولايات المتحدة الأميركية التي بدت هزيلة أمام قوة الفريق الرسمي السوري المفاوض.
لقد رسبوا كلهم في الامتحان، كل من وقف ضد سورية وتآمر عليها، ولبسوا الفضحية في مؤتمر جنيف 2 هزالة وسذاجة، أمام حنكة وحكمة وعقلانية الوفد السوري الرسمي، الذي تميز بالجدية والحرص الوطني على مصلحة الشعب السوري وقوانين البلاد وسيادة الدولة التي لا يمكن السماح لأي كان مهما علا شأنه أو شأوه المساس بها.
لقد بدا من خلال التصريحات التي كان يطل بها أعضاء الفريقين عبر وسائل الإعلام، وكان المراقب والمشاهد في أي بقعة في العالم يتابعها عن كثب، يلحظ الفرق بين الفريقين، فريق يمثل دولة قائمة قوية قادرة متمكنة تحارب الإرهاب العالمي وتتصدى لأهم مؤامرة صهيونية كونية عليها،وفريق هو ألعوبة في يد أميركا وعملائها من صهاينة وأعاريب وأتراك، همه الوحيد إسقاط الرئيس والوصول إلى السلطة بأي ثمن، فريق كان يمثل الحقيقة وفريق كان هو الباطل بعينه، فريق يتقن أصول الديبلوماسية والمباحثات الدولية وفريق لا يتقن سوى ترداد اللغة الببغاوية، فريق صامد على أرض الوطن همه الأوحد الوطن والناس، وفريق همه قنص المراتب حتى لو كانت ملطخة بدماء السوريين. باختصار القول ، إن ما حصل في جنيف هو مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية وسورية ربحت فيها سورية بالنقاط، وهذا بات واضحا ومكشوفا لجميع سكان الكرة الأرضية.