تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قوة العقل

ملحق ثقافي
5-3-2013م
عن دار التكوين للنشر والتوزيع في دمشق، صدرت دراسة للدكتورة هيفرو محمد علي ديركي بعنوان «العقل في نصوص الصوفية»، وقد استهلت دراستها هذه بمقدمة جاء فيها:

«يحتل العقل في تراثنا العربي الإسلامي مكانة عالية، فهو الملكة التي يحصل بها الإنسان المعرفة... فالعقل في معناه اللغوي كما ورد في لسان العرب لابن منظور هو الحجر والنهى، وهو ضد الحمق، ويقال للرجل عاقل إذا كان جامعاً لأمره. وهذا مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه. وقيل العاقل هو الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها. وقيل العقل هو التثبت في الأمور وسمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك، أي يحبسه عن ذلك. وقيل العقل هو التمييز الذي به يتميز الإنسان عن سائر الحيوان... ويقول ابن عربي في رسالته إلى الإمام الفخر الرازي: إن العقل له حد يقف عنده، وأصحابه لا ينكشف لهم الغيب، والعقل لا يقدم لنا فيما يتعلق بالله إلا التنزيه المطلق الذي يؤدي إلى التعطيل.. لأن العاقل يعرف الله من حيث كونه موجوداً ومن حيث السلب لا من حيث الإثبات، ويجل الله عن أن يعرفه العقل بنظره وفكره».‏

أصر المتصوفة على أن العقل قاصر ومحدود عن معرفة الله. فالله لا يعرف بالعقل الحادث المخلوق، ويقول ذو النون المصري: «عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي». وبما أن العالم متبدل ومتغير، فإن العقل لا يمكنه أن يتجاوز هذا العالم إلى ما وراءه، حسب الصوفية.‏

أوردت الباحثة نصوص الصوفيين، حسب أسبقيتهم الزمنية من الأقدم إلى الأحدث معتمدة على تاريخ وفاتهم، ورتبت كتبهم ورسائلهم ترتيباً هجائياً. وقد تصدر المحاسبي البصري قائمة الصوفيين، حيث أوردت له الباحثة من أقواله ما يتناول العقل وقيمته، وذلك من كتابه «مائية العقل». ومما جاء فيه: «العقل غريزة جعلها الله في الممتحنين من عباده، أقام به على البالغين للحلم الحجة. وأتاهم خاطب من قبل عقولهم ووعد وتوعد، وأمر ونهى وحضّ وندب». أما ذو النون المصري فيقول: «ما خلع الله على عبد من عبيده خلعة أحسن من العقل».‏

ومن ديوان الحلاج تقتطف ديركي: «تأمّل بعين العقل ما أنا واصف/ فللعقل أسماع وعاةٌ وأبصار». وتنتقل الكاتبة إلى كتاب المواقف للنفري، وتنقل منه: «وقال لي: العلم حجتي على كل عقل فهي ثابتة لا يذهل العقل عنها وإن تذاهل، ولا يرحل عن علمه وإن أعرض». وفي «المعارف العقلية ولباب الحكمة الإلهية» للغزالي نجد أن العقل يرتفع فوق النفس، باعتباره أشرف من النفس، ويقول الغزالي: «العقل أشرف من النفس، والنطق صفة النفس، والنفس جوهرة، والعقل في الجوهرية أشرف من النفس».‏

ضم الكتاب ما قاله بعض كبار الصوفيون في العقل وقيمته، ووضعت الباحثة مصادر أقوالهم. ولكن هناك بعض الصوفية لم يتم ذكرهم، منهم على سبيل المثال: الشبلي، ابن الأدهم، السري السقطي، معروف الكرخي، محمد بن أحمد التستري، شقيق البلخي، حاتم الأصم، أبو تراب النخشبي، أبو الحسين النوري، محمد بن علي القصاب، بشر الحافي، وغيرهم من مشاهير الصوفية، الذين أسسوا للفكر الصوفي وكانوا أعمدتها وعلى رأسهم معروف الكرخي والسري السقطي، الذي كان رمزاً في العدالة الاجتماعية والإنسانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية