تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معارض احتفالاً بسيزان ومونش وبراك ودوشامب---

الملحق الثقافي
5-3-2013م
يحتفل هواة الفن في فرنسا وإنكلترا وأميركا بمئوية أول معرض أقامه صالون «آرموري شو» بنيويورك ما بين 15 شباط و15 آذار 1913 وخصصه للتجارب الجديدة لدى الأوروبيين،

وكان من بين المشاركين سيزان ومونش وبراك وخصوصاً مارسيل دوشامب «1887 – 1968 الذي لفت الانتباه بلوحة «عارية تنزل السلم»، لوحة أثارت السخط قبل أن تشكل منعطفاً في حركة الفن المعاصر، وتعلن عن ولادة فنان ألقى بظلاله على القرن العشرين. هذه اللوحة، التي تقوم في متحف فيلادلفيا مقام الجوكندا في متحف اللوفر، هي مثال للصورة الدينامية كما يراها أتباع التكعيبية والمستقبلية. قال عنها دوشامب: «هذا العمل الذي رسمته في يناير 1912، هو في تصوري نقطة التقاءِ عدة اهتمامات، منها السينما، التي لا تزال في طور الطفولة، وفصل الوضعيات الثابتة في الصور المتلاحقة لماراي في فرنسا وإيكنس ومويبريدج في أميركا».‏

لم يُعرف عن مارسيل دوشامب في بداياته نبوغ مبكر ولا نزوع إلى التمرد، فقد ظل متردداً بين مجاراة الانطباعيين، سيزان خاصة، مثلما يتجلى في لوحته «مباراة الشطرنج» مثلاً، وبين الرسوم الساخرة حيث نشرت له محاولات في صحيفتي «الضحك» و»البريد الفرنسي»، قبل أن يجري بحوثاً تصويرية حول الحركة، متأثراً في ذلك بأعمال كوبكا، جاره في مدينة بيتو، حيث أنجز «طاحونة قهوة» كأول عمل عن الآلة ودواليبها.‏

ثم جاء الابتكار الذي صنع مجده، بوصفه أول من جرؤ على إطلاق عبارة «أثر فني» على أي شيء يضع عليه توقيعه، وقد ساعده انقطاعه عن أكاديمية الفنون بباريس منذ العام الدراسي الأول في نبذ الاتباع، والثورة على أساليب الفن السائدة.‏

هذا الابتكار هو «الريدي ميد « ready-made ويقوم على تحويل الأداة أو القطعة – أياً تكن - عن وظيفتها الأصلية واعتبارها عملاً فنياً. ومن أشهر أعماله في هذا المجال “عجلة دراجة”، “محمل القوارير”، وخصوصاً “الينبوع “ التي عرضت أول مرة عام 1917، وهي عبارة عن مَبْولة غيّر وضعها من العمودي إلى الأفقي ووقّع عليها R.Mutt.‏

وقد قوبلت وقتها برفض وسخط لم يثبطا عزمه، إذ أمعن في تجاربه الصادمة للذوق العام، سواء في “الريدي ميد” أو في السينما “فيلم “أنيميك سينما” مثلاً، بنجاحات مطردة، حتى صار أشبه بميداس في الأساطير اليونانية القديمة، كل ما يلمسه يتحول إلى ذهب.‏

لُقّب مارسيل دوشان بالأنارتيست – بالجمع بين لفظتي أنارشيست وأرتيست - فهو لا يقيم وزناً للتقاليد ولا يعترف بحدود. من ذلك مثلاً أنه حينما دعي إلى عرض أعماله في قاعة شوارتز بميلانو عام 1964، وكانت أعماله مقصورة على الوسط الفني أعواماً طوالاً، ولم تنتشر إلا بداية من الستينات، لم يجد غضاضة – بعد أن ضاع أغلب ما أنجزه من “الريدي ميد”، أو تهشم نتيجة كثرة ارتحاله – في إعادة إنجاز ثماني نسخ من الأصول المفقودة، اعتبرها رغم ذلك أصلية، ومهرها بتوقيعه.‏

وبذلك ابتدع تصوراً جديداً لمفهوم الأصلي original يخالف تماماً ما استقر في تاريخ الفن كمفهوم محوري. لقد أحدث مبتكر “الريدي ميد” انقلاباً جذرياً في تاريخ الفن، بفضل جرأته وسخريته وخروجه عن السائد وكسر الاتباعية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية