بعد الافتتاح بعمل موسيقي هو سماعي من مقام نهوند قدمت الفرقة وصلة موشحات، بدأتها بموشح (املالي الأقداح)، وهو من تراثنا الغنائي الجميل مجهول الملحن. وزاده جمالاً الرقصات التي رافقته وغيره من الموشحات من راقصات الفرقة اللواتي قدمن لوحات وتشكيلات جميلة، وزاد استمتاعنا الأداء المتقن للكورال والفرقة الموسيقية للموشحات.
وبما أن الحفلة تحمل عنوان (نفحات صوفية)، وأقيمت بمناسبة عيد المولد النبوي، فقد انتقلت الفرقة بعدها إلى الإنشاد الصوفي. فقدمت (النوبة الشاذلية) التي تخص الطريقة الصوفية الشاذلية، والتي يعود الفضل في تقديمها أول مرة لحمزة شكور. وبعدها استمعنا إلى بعض الابتهالات الدينية بصوت عبد النور بلكه مغني الفرقة. وأدهش عبد النور الجمهور بأدائه البديع. فهو يمتلك صوتاً جهورياً قوياً. وكان قد تتلمذ عند الفنان عدنان أبو الشامات، وعمل في فرقته لسنوات عديدة. ثم استمعنا إلى نزار مواس في غناء مماثل، فكان بأدائه الجميل مفاجأة سارة لي، فأنا أعرفه عازفاً على العود ورئيس فرقة موسيقية، وهذه أول مرة استمع إليه يغني. وصوته جميل وقدير. وأدت هدى السبيني بإحساس عميق وأداء جميل أغنية اسمهان البديعة (عليك صلاة الله وسلامه)، وهي تلحين فريد الأطرش.
بعد الابتهالات قدمت الفرقة النوبة الخاصة بالطريقة الصوفية الرفاعية، ليكون مسك الختام مع لوحة المولوية كاملة بتواشيحها وشيخ طريقتها وحامل البخور والراقصين. فبدأت ببعض الموشحات، ثم موشح (ياإمام الرسل ياسندي)، ثم بترديد الكورس لعبارة (الله الله ياألله) ومعها زاد إيقاع الدوران عند الراقصين وصولاً إلى نهاية اللوحة والحفلة.
ولابد هنا من التوقف عند أمرين. أولهما الأداء الموسيقي للفرقة والكورال بقيادة نزيه أسعد. فقد كان الأداء ممتعاً وسلساً، و حرص نزيه على المحافظة على أصالة الأعمال الغنائية، فلم يبالغ في توزيعها. وكنا أمام أداء موسيقي وغنائي واضح المعالم. والأمرالثاني الذي لابد من التوقف عنده هو الرقصات التي قدمت مع الغناء.فمدرب الفرقة تيسير علي حرص على تقديم اللوحات الراقصة بطابعها الأصيل التي كانت تقدمها الفرقة أيام زمان، وبشكل خاص في لوحة المولوية الأخيرة التي قدمها على أصولها. ونتمنى في الحفلات القادمة أن ترافق الموشحات رقصة السماح التي ارتبطت بالموشحات ارتباطاً وثيقاً. ولابد أخيراً من الإشارة إلى جهود مدير المسارح والموسيقا عماد جلول منذ توليه مهام مدير المسارح والموسيقا في إعادة فرقة أمية إلى الحياة، بعد القرار التعسفي الذي اتخذته إحدى وزيرات الثقافة السابقات بحل الفرقة. وهذه الحفلة هي ثمرة جهوده. ونتمنى استمرار الفرقة التي كانت في يوم من الأيام واجهة حضارية ناصعة لسورية.