ومن يتصفح تاريخ هذا الوطن يجد صفحات مضيئة ومفاخر مهمة ومتميزة من خلال تلك الأعمال التي قامت بها شخصيات قدمت لهذا الوطن كل ما تملك من جهد ومال وروح...
وقد احتفى مركز ثقافي «أبورمانة» وضمن سلسلة أعلام خالدون باحدى هذه المنارات لطفي الحفار، قدم له الدكتور محمد سعيد الحلبي فقال: من حق العلماء علينا إحياء ذكراهم ليكونوا بمثابة منارة للأجيال القادمة الشابة، يهتدون بها، لمواجهة التحديات التي يتعرضون لها في هذا الزمن الصعب، ومن سيرته الذاتية يذكر أن نشأة الحفار كانت في بيئة تجارية واقتصادية وامتدت أيضاً لتخرج إلى عالم السياسة، حيث تقلد العديد من المواقع السياسية» عضو برلمان، رئيس وزارة، وزير داخلية، وزير مالية، ويعزى إليه دوره القيادي في جر مياه عين الفيجة إلى دمشق منذ العام 1924 وانتخب رئيساً لهذا المشروع طوال حياته...».
ويضيف: تفتحت عينا الحفار على هذا الوطن وعرف وهو طالب على مقاعد الدراسة بنزعته القومية الاستقلالية عندما أعلنت جمعية الاتحاد والترقي الدستور العثماني في العام 1908، عندها عمل في سبيل النهضة الفكرية فأسس مع زملائه الأندية في مختلف البلاد، وألقى الخطب والمحاضرات عن تاريخ الأمة العربية وأمجادها فيما يصح أن يكون تاريخاً للحركة القومية...
وبين المحاضر أنه إثر دخول الفرنسيين إلى سورية كان للحفار جولات كبيرة وموفقة في الميادين الاختصاصية والمالية إضافة إلى وقوفه في وجه الاتفاقات الجمركية التي عقدتها السلطات مع حكومة فلسطين بشأن التبادل التجاري بين البلدين، وكان له أثر كبير في توحيد السياسة الاقتصادية حيث سطع نجمه كرجل وطني واقتصادي..
كما اهتم الحفار بحل مشكلة المياه في دمشق بعد أن لاحظ وجود نقص في المياه، فاقترح مشروع عين الفيجة وأسس مؤسسة عين الفيجة عام 1924 والتي خففت الضغط عن بردى كمصدر لمياه الشرب في دمشق ودشن المشروع عام 1932.
وأضاف د. الحلبي، أنه عندما نشبت الثورة السورية عام 1925 كان للحفار دور بارز مع إخوانه في السفر إلى بيروت لمفاوضة الجانب الفرنسي حيث انتهت تلك المفاوضات إلى وجوب استبدال الانتداب الفرنسي بمعاهدة تعترف للبلاد السورية بالسيادة والاستقلال، مبيناً أن الحفار التجأ إلى العراق عام 1940 فاراً من المؤامرات التي حاكها الفرنسيون وأعوانهم عليه وعلى أخويه سعدالله الجابري، وجميل مردم بك...
عاد إلى دمشق عام 1941 لمتابعة جهاده الوطني، حتى انجلت الغمة عن الأمة ودعيت البلاد إلى انتخابات عام 1943 ففاز بالنيابة عن دمشق، ثم تولى وزارة الداخلية...
واستعرض د. الحلبي سيرة لطفي الحفار الذاتية ابتداء من ولادته عام 1885 مروراً بتوليه منصب المراقب العام في مؤسسة الفيجة عام 1932، ثم تعيينه وزيراً للأشغال العامة والتجارة في عهد حكومة أحمد نامي واستقال بعد خمسة أسابيع احتجاجاً على السياسات الفرنسية، ثم عين عام 1938 وزيراً للمال في وزارة جميل مردم بك..
كما كلف الحفار برئاسة الحكومة عام 1939 وتولى حقيبة التعليم أيضاً، لإيمانه بأهميتها من أجل النهوض في سورية، وانتخب عام 1943 نائباً في البرلمان، وكلفه الرئيس شكري القوتلي وزيراً للداخلية في حكومة سعد الله الجابري، واستمر في منصبه في عهد حكومة فارس خوري، ثم أصبح نائباً لرئيس الوزراء في عهد جميل مردم بك، ورشح نفسه لرئاسة الجمهورية عام 1955 وانسحب لصالح شكري القوتلي...
والجدير ذكره، أن عدداً من أفراد عائلته وأحفاده قد حضروا الأمسية، وقدموا لمحات خاصة عن شخصية لطفي الحفار وما يتمتع به من روح الدعابة ودماثة الخلق، يحب الأطفال، هادئ الطبع، وقد عرف بإخلاصه ووفائه لبلاده...
وفي مداخلته أعلن غسان كلاس أن حياة لطفي الحفار، ستتحول إلى فيلم بالتعاون مع المحاضر د. الحلبي تكريماً له وعرفاناً لإنجازاته الهامة....