تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سيد درويش .. شعبية الموسيقا أم نخبويتها !؟

فنون
الأربعاء 6-3-2013
علي الأحمد

كان على موسيقانا العربية أن تنتظر طويلا حتى تخرج من طقسها الطربي العتيد بكل فتنته وسحره الى عالمها الحداثي المنشود ، وهذا الانتظار المضني كسره موسيقي مغمور قاد ثورة موسيقية عبر تجربة مغايرة

حطمت تلك القيود والجدران المغلقة التي أسرت هذا الفن بمناخاته الطربية المتوارثة، وقدم لغة موسيقية عربية غير مسبوقة ، لغة محملة بدلالات تعبيرية أمدت النسيج النغمي العربي بألوان ومفردات حداثية لكنها ابنة موروثها القديم الذي استفاد من روحيته وقيمه العالية في تجديد لغة هذا الفن الذي بات يؤرخ له ما قبل تجربة سيد درويش وما بعدها .‏

هي تجربة خلقت بالفعل حقائق موسيقية مغايرة تمثلت بشكل اساس في تبني لغة العلم والمعرفة التي أمنتها العلوم الموسيقية الغربية بما انعكس على طرق الكتابة والممارسة ، ومن أقدر من سيد درويش الموسيقي المتمرد في ترسيخ هذه الحقائق وقيادة لواء هذه الثورة الموسيقية التي نقلت هذا الفن الى مسارات التعبير عن الوطن والانسان دينيا ووطنيا وعاطفيا ،وقد لاقى هذا المبدع الكثير من العوائق خاصة من اولئك المتزمتين الذين يعارضون أي توجه نحو التجديد والحداثة ،لقد كان هذا الفن يئن تحت وطأة المناخات الحسية الفقيرة ابداعيا ،بعيدا عن ضوء المعرفة الموسيقية،التي احدثتها وقامت عليها نهضات موسيقية في أغلب موسيقات الشعوب ،هذه الموسيقات وخاصة الغربية منها كان الشيخ سيد قد تعرف اليها مبكرا مع العروض الموسيقية كالأوبرا الايطالية «توسكا » و« مدام بترفلاي » لبوتشيني وغيرها من أعمال أمدته بروح وعوالم جديدة في التلحين والكتابة للمسرح الغنائي الذي يعتبر أحد أهم مبدعيه الكبار ،ولعل المحطة المهمة في مسيرة هذا الفنان جاءت بُعيد رحلته الثانية الى بلاد الشام وفيها تعرف على مبدعيها في الموسيقى والغناء خاصة في حلب مدينة الفن والابداع كما تعرف على طرق التلحين والمقامات وخاصة في فن الموشحات وعلم الأنغام والايقاعات بما منحه معرفة واسعة مكنته فيما بعد من كتابة أعمال عظيمة وبعضها تطرق الى مقامات كانت نادرة الاستخدام ليقدم وعبر عمره الفني الخاطف نتاجاً موسيقياً وغنائياً عبّر بكل صدق عن الوطن والانسان والقيم الشعبية الأصيلة التي تبناها حتى آخر نغمة في موسيقاه بلادي بلادي ،قوم يامصري ،أنا عشقت ،ضيعت مستقبل حياتي ،أنا هويت وانتهيت ،الحلوه ده ،زروني كل سنة مرة ،حبي دعاني للوصال ،خفيف الروح ،يابهجة الروح ،وغيرها من اعمال نقلت الموسيقا العربية الى بوابات المستقبل ومناخات الحداثة الموعودة المحملة بقيم التعبير الموسيقي الذي يعتبر سيد درويش رائده الأول وفارسه النبيل خادم الموسيقى العربية كما كان يوقع نتاجه الابداعي العظيم .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية