فالأسرة باتت عاجزة عن متابعة شؤون أبنائها التدريسية والحصيلة انتعاش ظاهرة الدروس الخصوصية بدءاً من الصف الأول، أما المدرسون الجادون منهم طبعاً والمتحملون للمسؤولية في سباق مستمر مع الزمن للتحضير والإعطاء في ظروف لا تحقق الحدود الدنيا لإنجاح هدف اتكأت عليه الوزارة لنسف المناهج السابقة، واعتماد الحالية والمتمثل بخلق حالة التفاعل الغائبة بين المدرس وطلابه، والسبب ضيق الحصة الدرسية أولاً، وضخامة المناهج ثانياً، وتخمة الصفوف بأعداد كبيرة من الطلاب لكل مزاجه وتربيته.
والأسوأ من كل ما سبق تغييب المعني الأول بالعملية التعليمية والتربوية عن أي إجراء أو قرار سيتخذ بشأنها، علماً أنه الأقدر على تقديم التصور الأمثل والأنضج والأكثر فاعلية بوصفه الحلقة الأساسية بين المستهدفين من أي قرار ومصدريه الذين يصرون على تجاهله، ويكتفون بتبليغه لإجراء ما يلزم، رغم أنهم عند الضرورة يستأنسون بحصيلة جهده.
أمام هذا المشهد نتساءل أين هم الموجهون التربويون، وما دورهم؟ هل يتابعون عن قرب آلية إعطاء الدروس وما تواجهه من هنات وعقبات؟ وإن فعلوا أهو من باب رفع العتب، وانتقاد المدرسين فقط؟ أم للوقوف على معاناتهم والتعرف على مقترحاتهم والأخذ بالمفيد منها رحمة بالعملية التعليمية ومخرجاتها؟ ولا بأس أيضاً من تذكير وزارة بصلاح قراراتها يصلح البلد بضرورة إشراك من يلامس أكثر من غيره وقبلهم جدوى القرارات بوصفه مترجمها والمتلقي الأول لنتائجها بما ستتخذه من خطوات لاحقة خاصة وأن هناك أقاويل بدأت تتسع دائرتها بوجود نية لإعادة النظر بمناهجنا فهل تفعل كي لا يظلم الوطن وأجياله مرتين؟.