اللذين رحلا عن عالمنا مؤخراً بعد أن عملا لسنين طويلة في مجال بعثات التنقيب والترميم الأثري في الكثير من المواقع السورية مقدمين العديد من الدراسات والبحوث الأثرية التي أسهمت في فهم وحفظ الآثار السورية.
وفي تصريح للثورة، قال د. علي القيم معاون وزير الثقافة الذي عمل معهما في الكثير من المواقع الأثرية وورشات التنقيب والكشف الأثري، وفي ندوات ومؤتمرات عديدة « إن رحيلهما شكل خسارة كبيرة للبحث والكشف الأثري، لأنهما كانا من كبار الباحثين والمنقبين الميدانيين، حيث عملا في مواقع عديدة «الجزيرة السورية، وحوض سد تشرين»...
وفي نشر مجموعة من الدراسات، كانت في غاية الأهمية من حيث أهمية الكشف وإضافة مفاهيم جديدة إلى علم الآثار القديم في الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد...
وتشكل الدراسات التي قدمها حميدو حمادة في ترميمه لرقم « إيبلا وتل مرديخ» ورقم ماري « تل الحريري» إضافات جديدة في مجال معرفة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في هاتين المملكتين الرائعتين اللتين تزمع وزارة الثقافة تسجيلهما في القادم من الأعوام، في عداد الممتلكات الثقافية العالمية لدى منظمة اليونيسكو...
وتحدث في كلمته خلال الحفل عن الراحلين بوصفهما من أهم العاملين في مجال الآثار من الجيل الوسط حيث كانا في قمة عطائهما متناولاً آثارهما في العمل التنقيبي والترميمي الأثري في سورية.
وقد كان الدكتور أنطون سليمان رائداً في عمليات الكشف الأثري والتنقيب في الكثير من المواقع بينما كان حميدو حمادة ذا تجربة فريدة من نوعها في مجال البحث الأثري حيث كان ينفق من جيبه في الكثير من الأحيان على بحوثه ودراساته مقدماً الكثير في مجاله.
وأضاف إن حفل تأبين الراحلين هو تعبير عن شعور الحزن والألم لرحيل هذين العالمين الكبيرين خلال هذا العام واللذين غابا بغفلة عن الجميع وهما من المتواضعين والعارفين بشتى أمور الآثار وبخاصة في حضارة المشرق العربي فحميدو حمادة من العلماء المهمين في مجال الترجمة من لغتي إيبلا وماري إلى اللغة العربية وترجمة الرقم المسمارية وكان صامداً وحيوياً وهو أول من تحدث عن عودة لغة الضاد إلى إيبلا أي 2400 قبل الميلاد.
وقد ساهم الراحل أنطون سليمان في الكشف عن حضارات الألف الثالث قبل الميلاد في العديد من المواقع المختلفة ونشر عنها دراسات في الحوليات والمجلات وكان بحق من الباحثين الوطنيين الذين نحن أحوج ما نكون إليهم في وقتنا الراهن.
ورأى الدكتور بسام جاموس المدير العام للآثار والمتاحف أن هناك كوكبة كبيرة وهامة من العلماء الآثاريين كان لها دور واضح وكبير في تأسيس مديريات الآثار وفي التنقيب وأعمال الترميم ومنهم الراحلان اللذان خاضا في عمل شاق وشائق يتطلب اطلاعاً وجهداً كبيرين.
وتناول جاموس الدراسات والمؤلفات التي تركها الراحلان ودورهما الكبير في التعليم الأكاديمي وتدريب طلاب الآثار والمتاحف في جامعتي دمشق وحلب ليكونا على قدر المسؤولية في العمل في هذه المجالات الصعبة.
وألقى الأستاذ أحمد طرقجي كلمة أصدقاء الراحلين متحدثاً عن استاذيه سليمان وحمادة وتجربته معهما ودورهما الرائد في دعم البعثات الوطنية بينما تركزت كلمات أسر الراحلين عن سيرة حياتهما وانكبابهما على الدراسات والبحوث في خدمة التراث والوطن.
يذكر أن الراحل أنطون سليمان رحل في 24 نيسان 2012 إثر نوبة قلبية وشارك خلال عمله في بعثات كثيرة في تل ايريس وتل جندرس وتل شامية وتدمر والمسح الأثري في منطقة سد الخابور والمسح الأثري في محافظة الحسكة والتنقيب في المنطقة المحيطة بالمشرفة وله كتب أهمها تل أبو حجيرة الحسكة وتل كشكشوك.
بينما رحل حميدو حمادة في 8 شباط 2012 وشارك خلال عمله في أعمال بعثات التنقيب الأجنبية العاملة في تلالنا الأثرية مثل تل العشارة وتلال الجزيرة مثل تل خزنة وتل بيدر وأدار لوحده ومع اليابانية يايوئي أعمال التنقيب في تل العبر وتل أحمر بين العامين 1987 /1994 كما قام بأعمال ترميم تماثيل المعبد الحثي في عين دارا وشارك في التنقيب في تل حلف وغيرها.