تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تركيــــــــا.. مواقف إيجابية ودور إقليمي بنّاء

شؤون سياسية
الأربعاء 11-11-2009م
د. محمد البطل

مرة أخرى، تتصدى تركيا لمحاولات الاتحاد الأوروبي، الذي يتلطى بقرار محكمة الجنايات الدولية، التدخل في شؤونها السياسية الداخلية، ويرفض رئيسها عبد الله غل مجرد اعادة النظر في حكومة بلاده دعوة الرئيس السوداني عمرحسن البشير،وتالياً منعه من دخول الأراضي التركية. وتتزامن دعوة الاتحاد الأوروبي تركيا إلى ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية وبضمنها (محكمة الجنايات الدولية)!!

في الوقت الذي صوتت فيه دول الاتحاد إما بالامتناع أو الرفض أو التغيب عن جلسة اجتماع مجلس حقوق الانسان الخاص بمحاسبة «اسرائيل» عن جرائمها في قطاع غزة وعدم التصويت لمصلحة قرار القاضي اليهودي-جنوب الافريقي ريتشارد غولدستون.‏

ودون الخوض في تفاصيل دعوة القاضي الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو، الذي لم يزر اطلاقاً اقليم دارفور أسوة بغيره من المسؤولين الدوليين الذين زاروا الاقليم واكتفى «هكذا» بتقارير، استدعاء رئيس دولة ذات سيادة، ولايزال على رأس مهامه إلى محكمة الجنايات الدولية، وتتمثل أمامه راهناً الكثير من الاحتجاجات حول قانونية طلبه وتحويله إلى ادعاء رسمي، وصولاً إلى امكانية بطلانها (يرتبط ذلك بالتطورات الداخلية ومواقف القوى والأحزاب السودانية من جهة، وحجم فعل دول الجوار السوداني تجاه هذه المهزلة من جهة أخرى).‏

وكذلك دون الخوض أيضاً في اشكاليات السودان الشقيق الداخلية حول استحقاقات العملية الديمقراطية والانتخابات والعزوف الدائم من بعض القوى الجنوبية بمؤازرة قوى شمالية على وتر خيار الاستقلال، أي انفصال الجنوب عن الشمال ومخاطره سودانياً وافريقياً، وفي حدود ليست قليلة دولياً أيضاً. في ظل التنافس الدولي حول السودان وخيراته، فإنه يسجل للعديد من الدول العربية والافريقية رفضها الاستجابة لطلب محكمة الجنايات الدولية والملاحظات تجاه ازدواجيتها في التعاطي مع الاشكاليات (الانسانية) التي يواجهها وبضمنها الموضوع السوداني على أهميته مرة أخرى.‏

كما يسجل لتركيا الدولة المجاورة للعالم العربي والاسلامي، والساعية في الوقت نفسه إلى الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، رفضها الرسمي ومن أعلى المستويات لطلب الاتحاد الأوروبي (لاحظ أنه لا يمثل طلباً لمحكمة الجنايات الدولية - أي أن يتصدر هذا الاتحاد غيره من التجمعات حرصه على هذه المحكمة)!!. هذا في الوقت الذي لم يسجل فيه حالة واحدة أوروبية ايجابية في التعاطي مع تقرير غولدستون حول العدوان الاسرائيلي على غزة، أو مناقشة تداعياته المستمرة حتى تاريخه. (يعيش نحو سدس سكان غزة في الخيام والأماكن العامة بعد العدوان الاسرائيلي على مرأى ومسمع العالم أجمع وبضمنه أيضاً الاتحاد الأوروبي).‏

تركيا التي أعلنت أنها تحتفظ بعلاقات قوية مع السودان وتلقت طلباً رسمياً من الاتحاد الأوروبي (مرة أخرى، وليس من محكمة الجنايات الدولية!) أكد رئيسها غل: (في أي يتدخلون، هذا الاجتماع يعقد في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي.. ليس اجتماعاً ثنائياً).‏

وأضافت مسؤولة في وزارة الخارجية التركية: (إن تركيا لم توقع على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، ونتيجة لذلك فإن قرارات هذه المحكمة لا تلزم تركيا قانونياً).‏

قمة منظمة المؤتمر الاسلامي المقرر عقدها يومي الأحد والاثنين (8-9 تشرين الثاني) تبقى منظمة دولية ومن حقها توجيه الدعوة لرؤساء دولها- أعضائها. وهذا أمر لا تستطيع روابط قارية وخاصة الاتحاد الأوروبي بسياسته اللامتوازنة تجاه قضايا المنطقة، وآخرها التصويت على تقرير غولدستون في مجلس حقوق الانسان، وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي من الأجدر بها أن تعيد النظر بعلاقاتها، أن تحتفظ لنفسها بهامش من التحرك (المتوازن) الدولي.‏

أما طبيعة الموقف التركي، فالواضح أنه يأتي انسجاماً مع التوجهات الرسمية التركية، بدءاً من التعاون الاستراتيجي مع سورية وتبعاته، إلى محاولة الوصول إلى تعاون مماثل مع العراق، ودورها الاقليمي في جمهوريات القفقاس (الاتفاق التركي -الأرميني مثلاً) وآسيا الوسطى الذي بات يمثل أولوية استراتيجية لتركيا وبـ(انتظار ) حل موضوع الشراكة، أو العضوية، أو الوضع الخاص لتركيا مستقبلاً في الاتحاد الأوروبي. ولا نغفل هنا عضوية تركيا في حلف الناتو، وعلاقاتها المتشعبة مع النظام العالمي القائم، والتطلعات نحو عالم أكثر توازناً، بما فيه مصلحة تركيا وجوارها، وعضويتها الراهنة في العديد من المنظمات والروابط الاقليمية والقارية والدولية أيضاً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية