لكن إذا كانوا معجبين برئيسها الجديد إلى هذه الدرجة فلماذا لايوجد حماسة أوسع لسياسة إدارة أوباما الخارجية؟ ولماذا لم ترسل بلدان أوروبا الغربية المزيد من جنودها لتعزيز قوات حلف- الناتو- لمحاربة- حركة طالبان- ومنع- تنظيم القاعدة من العودة إلى أفغانستان؟ يجيب- غوردن على هذه الاسئلة بقوله: إن أوروباهشة مثلنا، وقد تكون أكثر.
في هذا الوقت، يرجح أن أغلب مستمعيه من الأوروبيين يتساءلون،هشة في وجه ماذا؟ يجيب غوردن : لقد تعرضت أوروبا منذ الحادي عشر من أيلول إلى هجمات إرهابية يتخذ رجالها من باكستان وأفغانستان ملاذاً لهم أكثر مقارنة مع الولايات المتحدة.
صحيح أن بلدان أوروبا الغربية كانت هدفاً لتفجيرات أو محاولات تفجير منذ الحادي عشر من أيلول أكثر من تلك التي تعرضت لها الولايات المتحدة إذ لم يحصل أي هجوم عليها. ولكن الذي قام بهذه الهجمات ليست حركة طالبان أو تنظيم القاعدة من أفغانستان بل الذي ارتكب هذه الهجمات هم على الأغلب أناس معادون يعيشون في أوروبا الغربية ولهم تطلعات خاصة بهم. والحقيقة أن التفجيرات الإرهابية الخطيرة الوحيدة التي سادت فرنسا خلال ربع القرن الماضي كانت من تنفيذ متعاطفين اسلاميين جزائريين لمعاقبة فرنسا لأنها كانت على علاقة قوية مع الحكومة الجزائرية وقد حصل ذلك قبل أن يسمع أي انسان من خارج الدوائر الأمنية بالقاعدة بزمن طويل. حتى تفجيرات قطارات مدريد والهجمات على مترو الأنفاق في لندن كانت هجمات مستوحاة من الحادي عشر من أيلول ولكنها وفقاً لمصادر أمنية وبوليسية كانت هجمات محلية ليس لها علاقة مع أسامة بن لادن وأصدقائه الذين يعيشون في أفغانستان.
إذاً ما الذي كان يتحدث عنه غوردن؟ فقد كانت ادارة بوش ترغب في تحذير الأوروبيين أنهم معرضون لخطر هجمات بواسطة صواريخ نووية ايرانية أكثر من أمريكا. وقد حصل ذلك في سياق الأنظمة المضادة للصواريخ البولندية التشيكية التي لم تكن موجودة في الأساس أيضا في ذلك الوقت وكان مخططاً لها التصدي لصواريخ نووية ايرانية.
هذه هي المعضلة التي يواجهها أشخاص مثل فيليب غوردن خلال هذه المهمات التي لا تلقى الاعجاب في أوروبا من القوات لدعم أميركا بالعراق بالأمس وفي أفغانستان حاليا، ويخشى في باكستان أو الصومال أو كشمير في المستقبل أنهم يعملون على مخططات استراتيجية خيالية، لاتمت للواقع بصلة وتقوم على أفكار وهمية وتهديدات وردود افتراضية.
فبعد الحادي عشر من أيلول، كان غزو أفغانستان هو الذي يفترض أن يدعمه الحلفاء.
وكان الهجوم على معسكرات القاعدة ومحاولة اعتقال زعمائها وأعضائها مبرراً تماماً ولكن لماذا كان يجب تعريض جيش ونظام طالبان للقتل بواسطة طائرات بي 52 وتسليم الحكومة الأفغانية؟ ما تبين فيما بعد أنها في الأساس نفس ظروف الفوضى وسيطرة زعماء الحرب التي كانت قائمة بعد هزيمة الاتحاد السوفييتي؟ وبعد ذلك كان يفترض بالجميع أن ينضموا إلى غزو العراق من أجل ايجاد أسلحة الدمار الشامل التي كان يهدد بها السلام الدولي، والذي تبين لاحقاً أنه لاوجود لها.
لكن المرء لا يحتاج إلى ذكاء خارق حتى يفهم لماذا ضاق الحلفاء الأوروبيون ذرعاً (بالإنذارات الكاذبة والمخادعة) التي تصدر عن واشنطن باستمرار.
فالبريطانيون كانوا يلبون النداءات الأميركية منذ عام 1944 لأن تلك كانت حالة السياسة الباردة والمدروسة لوزارة الخارجية البريطانية وهي إرضاء الأميركيين حتى لايغضبوا وكان من السهل التأثير على رؤساء وزارء بريطانيين أمثال توني بلير الذي كان يصدق تأثير البيت الأبيض وسحره، وبعكس وزارة الخارجية شأنها في ذلك شأن- مكتب الحرب- الذي تم تصحيح اسمه سياسياً ليصبح وزارة الدفاع وهو المسؤول عن توفير الكلفة البشرية التي يجب أن تدفع، أما الهولنديون والدانماركيون فيشاركون عادة ويتحملون المسؤولية ، بينما يفكر أوروبيون غربيون آخرون مرتين وثلاثاً قبل أن يفعلوا أي شيء.
ومن جهتهم، ينساق الأوروبيون الجدد مع أميركا لأن لديهم، خوفاً متجذراً من روسيا لذلك تبدو لهم واشنطن بأنها المصدر الوحيد للحماية لأنهم لايثقون بأوروبا الغربية، إن المسؤولين الأميركيين أمثال فيليب غوردن يذهبون بانتظام إلى أوروبا لطلب الدعم للمبادرات الأميركية ولكن الأوروبيين يقولون: إنه لم يتم التشاور معهم عندما تم تبني تلك السياسات.
ويكون رد الأميركيين (سنكون سعداء بمناقشتها).
إننا في أميركا نسخر جميع الرجال والموارد، لكن فات الأوان لتغيير أي شيء وقد نستطيع ذلك في المرة القادمة.
بقلم: وليام فاف