تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل يتخلى الأهل عن تطبيق أفكارهم علينا؟

شباب
الأربعاء 11-11-2009م
هزار عبود

في حياتنا خيط واه يفصل بين حرية الاختيارات والفوضى وبين أي سلطة وتسلطها حتى في العائلة التي هي الخلية الأساسية في المجتمع.

من هنا يبدأ القلق الدائم لدى الأهل والذي يدفعهم غالباً إلى التدخل في شؤون أبنائهم حرصاً على تحقيق هذا التوازن في حياتهم رغم أن النتائج قد تكون عكسية وغير متوقعة، ويخلق خلافاً بين الأهل الذين يعتقدون أنهم أصحاب خبرة وخاصة أنهم عاشوا المرحلة نفسها لذا تكون تجربتهم أكبر وأغنى وبين الشباب الذين يرون أن هذا التدخل سيطرة أو محاولة لفرض الرأي وخاصة أننا أصبحنا في مجتمع متعدد الثقافات والأفكار، فلابد من احترام قراراتهم وتوجهاتهم. ومن هنا نتساءل إلى أي حد يحق للأهل التدخل بحياة أبنائهم؟.‏

وكيف للأبناء أن يتفهموا ذلك؟‏

لنناقش هذا الموضوع لابد أن نأخذ وجهة نظر الطرفين علماً أن أي موضوع يلامس حياتنا وقناعتنا نجد فيه آراءً متناقضة وربما متقاطعة في نقاط كثيرة فبالنسبة لعلي إبراهيم طالب في كلية التربية يقول:‏

برأيي إن مناقشة الأبناء في خططهم المستقبلية وطموحاتهم وحتى سلوكياتهم أمر في غاية الأهمية وهي الوسيلة الأساسية ليتفهم الأبناء وجهة نظر والديهم شرط أن لا يكون النقاش محاولة لفرض الرؤى فإما أن يقتنع الآباء أو يقتنع الأبناء، فانعدام الحوار في المنزل يجعل الأبناء يخفون الكثير من الأمور عن والديهم لكي لا يفرض عليهم مالا يريدون.‏

بينما إسراء خليفة زميلته فتقول:‏

أنا أعتقد أن التدخل في الحياة الشخصية للفتاة في مجتمعنا أكثر من الشاب فهو لديه حرية الاختيار بينما الفتاة يتوجب عليها أن تسير وفق الطريق الذي رسمه لها والدها بحجة أو بدافع الحرص على مستقبلها لتبدأ حياتها بما يختارونه لها من الاختصاص الذي يرونه أفضل إلى شريك حياتها وهذا ما حدث معي، فأنا أدرس فيه معلم صف وفق رغبتهم لأنهم رأوا في تأمين مستقبلي مع أنه ليس طموحي أو هدفي لذلك يجب أن يكون تدخل الأهل فقط حين تأخذ اختياراتنا المنحى الخاطئ، عندها لهم حق النصيحة والإرشاد للشاب والفتاة على حد سواء.‏

فما رأي الأهل إذاً في هذا الموضوع؟‏

السيدة وفاء معلمة للمرحلة الابتدائية تقول:‏

نحن في زمن التطور والانفتاح حيث لا مجال للسيطرة أو فرض الرأي، فنرى الآن المراهق يسعى لتكوين هويته المستقلة حيث لا يمكن إجباره على شيء هو غير مقتنع به أو لا يريده.‏

فأنا كأم لا أستطيع منع نفسي من القلق الدائم على مستقبل أولادي لكن ليس بيدي إلا أن أستمع لهم وأدعم اختياراتهم في هذه الحياة، وتدخلي يكون عندما تأخذ اختياراتهم المنحى الخاطئ وأيضاً هذا يكون بأسلوب من الحوار والتفهم ليس بالسيطرة والتسلط.‏

بينما السيد أبو يزن لا يرى أن هناك تدخلاً من قبل الأهل في حياة أبنائهم بل هو حريص دائم على مستقبلهم ويقول:‏

أنا ككل الآباء أريد لأولادي مستقبلاً جميلاً يشعرون فيه بقيمتهم فأنا من واجبي كأب ألا أقف مكتوف الأيدي أمام الاختيارات الخاطئة لابني بحجة عدم التدخل بحياته الخاصة فهذا لا يدعى تدخلاً بل هو مجرد نصح وإرشاد نتيجة خبرة كبيرة لنا في هذه الحياة.‏

فمن مسؤولية الأهل توجيه أبنائهم نحو الخيارات الصحيحة وهو ما أكدته د. إسعاف حمد دكتورة علم الاجتماع في جامعة دمشق حيث قالت:‏

لا بد أولاً من الإشارة إلى أن للعلاقة بين الآباء والأبناء أبعاداً عديدة تربوية واجتماعية ونفسية وثقافية، هذه العلاقة تشكل عادة على أساس نوع من الاختلاف القيمي والسلوكي والنظرة العامة إلى الحياة وتدخل الأهل في حياة الأبناء أمر طبيعي وضروري بشرط أن يبقى التدخل ضمن الحدود التي تتناسب مع عمر الابن وشخصيته وظروفه الاجتماعية والمهنية والتعليمية.‏

ومن خلال التنشئة الاجتماعية السلمية القائمة على الحوار والاحترام المتبادل بين الطرفين وفهم المشكلات الحقيقية التي يواجهها وأن نساعدهم في اكتساب خبرات ذاتية في حلها لا أن نقدم لهم خبراتنا كأهل على أنها الحل الوحيد والأمثل.‏

ولا شك أن الأمر ليس سهلاً وإذا أردنا تحقيق نتائج إيجابية علينا العمل في مستويين متكاملين لا يجوز الفصل بينهما.‏

المستوى الأول: هو مجال التنشئة الاجتماعية في التربية والتعليم والإعلام والسياسة والثقافة وإعادة النظر بفلسفتها ومفاهيمها وقيمها وأهدافها المعرفية والسلوكية والتنسيق بين وسائلها (الأسرة، المدرسة، المنظمات، التلفزيون..) بحيث تستوعب الأفكار والمفاهيم الجديدة بشكل بنّاء وتمكن الناشئة والشباب من امتلاك القدرة والعقل التحليلي النقدي.‏

المستوى الثاني: يتصل بضرورة استيعاب طاقات الأجيال الجديدة وتوجهاتها وميولها من خلال زجها في أعمال مسؤولة مادياً وفكرياً وسياسياً ومشاركتها في صنع القرارات بدءاً من قرارات الأسرة وانتهاءً بالقرارات الاجتماعية.‏

وعلى الأهل التخلي عن تطبيق أفكارهم على أبنائهم وعدم الاصرار على اعتبار الماضي هو الصحيح والحاضر هو الانحراف عن الصحيح. فالتغيير حاصل لا محالة وللشباب خبراتهم المختلفة والزمن يتغير باستمرار ومشكلات اليوم لا يمكن مواجهتها بطريقة الماضي نفسها.‏

علينا كأهل أن نواجه الواقع كما هو لا كما هو في أحلامنا الرومانسية عن الماضي الذهبي ويبقى الحوار هو الأساس.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية