الآن صار على روسيا وسورية وتركيا وإيران أن تُقدر وتُقرر الموقف، أما إلى الأمس القريب فكان التَّقدير والقرار لواشنطن وحدها! ما الذي يَجري؟ كيف ولماذا؟.
الإجابةُ الوحيدة التي تَختزل جميع الإجابات عن كل التساؤلات هو: إنها أميركا الساقطة التي تَبيع أدواتها، ومُستخدميها! إنها أميركا التي تَستخف بالوكلاء المُؤقتين والطارئين! إنها أميركا التي تَرمي بالذين باعوا أنفسهم رخيصاً عندما تنتهي صلاحيتهم، أو عندما تنتفي الحاجة لهم، أو عندما تتعثر مَشاريعها أو تتبدل استراتيجيتها وتكتيكاتها!.
نعم هي أميركا التي تَمتلك سجلاً متخماً بالكثير من الحالات التي ما عَرفت معياراً أخلاقياً أو سياسياً أو حتى مَصلحياً، تفعل ما لا يُمكن فعله أو قبوله، ثم لا تَعترف، تُكابر وتُحاول تدوير الزوايا تحت ذات العناوين الكاذبة المُتعددة، وإلا فلماذا لا تُقر بأن قرارها الأخير إنما هو استحقاق كان يجب أن يَحصل لأسباب أخرى غير تلك التي يَتذرع بها دونالد ترامب حالياً؟.
إن استحالة إحداث فرق ذي دلالة بالمواجهة، هو أحد أسباب قرار ترامب الذي باعه لشريكه برعاية الإرهاب اللص أردوغان. وإنّ تَبدد أذرع بلاده الإرهابية، دحرها وسحقها، يُمثل سبباً جوهرياً آخر. فيما تَتوزع بقية الأسباب على طرفي المُعادلات التي فَرضتها سورية - بالتعاون مع حلفائها - خلال تَصديها للعدوان والإرهاب التكفيري الصهيو أميركي، حيث مَحطات الانتصار المُتعددة التي صَنعتها منذ القصير وحلب وما أعقبهما من مَحطات الثبات والعزة والكرامة.
نعم تتجه حالياً العدسات بتركيز إلى منطقة الجزيرة السورية، تتكاثر التحليلات حول العدوان التركي المُرخص أميركياً، تنمو أوهام البعض وتتبدد أوهام آخرين، بينما يَملأ الفضاء ضجيج شركاء أميركا بصناعة الإرهاب وبالتحالف الشرير الذي تقوده، هذا قلق وذاك مُتوتر، وفيما تتملك الكثيرين الحيرة والضياع يُعبر آخرون عن خشيتهم من التداعيات، ليَبقى الثابت الوحيد أن الكل يَغيب عنه وجه الحقيقة من أنّ إعلان الانسحاب الأميركي على نحو ما جرى إنما هو جزء من استحقاق تَأخر وجَرى تأجيله اعتماداً على مَزيد من الحسابات الخاطئة والرهانات الخاسرة.
بريطانيا فرنسا وسواهما قد لا يَنفعهما الالتحاق بالقرار الأميركي حتى لو كان تكتيكياً يَرتبط بتوزيع أدوار مع نظام اللص أردوغان، ذلك أن الأخير سيَكتشف لاحقاً أنّ حجم أوهامه المُتضخم هو حمل زائد سيَطرحه! وسيَسعى سريعاً لطلب إعادة تفعيل اتفاقية أضنة على نحو ما فعل نتنياهو بتسول العودة لاتفاقية الفصل باستعادة قوات الإندوف!.
سورية قررت، قرارها سيف ماض: سنُحرر كل شبر من أرضنا المُقدسة، لا حياة لمُحتل فيها، ولا لإرهابي. لَملِموا حُثالاتكم، احزموا حقائب الخيبة، وارحلوا أو سنَجعلكم تَرحلون في صناديق خشبية.