ويومها تداول خبراء الاقتصاد الخبر في سياق حزمة من الضغوطات التي يعانيها الاقتصاد المصري، الذي شهد تراجعاً في مجمل مؤشراته الاقتصادية العام الماضي.
لتفادي الأزمة
وتأتي الخطوة المصرية في إطارإعادة الاستقرار للاقتصاد الوطني الذي يحتاج إلى 15 مليار دولار لتفادي «أزمة مالية شاملة» وفقاً للمحللين,فقد تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي في المركزي المصري، ليصل إلى مستوى 18.1 ملياردولار، الشهر الماضي وفقا لبيان المركزي المصري.وبذلك يسجل الاحتياطي تراجعا بنسبة النصف، من نحو 36 مليار دولار,بداية العام الماضي, إلى 18 ملياردولار حالياً.
تراجع الاحتياطي شكل عوامل ضغط جديدة على سعر صرف الجنية المصري, رافقها اتساع دوائر عدم الثقة في الجنيه، وهو ما دفع عدد من المصريين لرفع أصوات تحذر من اتساع دوائر الظاهرة.
المواطنون المصريون, وإبان فترة الاضطرابات بدؤوا الادخار بالعملة الأجنبية, وبلغ معدل نمو مدخراتهم بالعملة الاجنبية 12% في آب الماضي، بينما بلغ معدل نمو المدخرات بالعملة الوطنية 4,2% وبذلك ارتفعت مدخرات المصريين من العملات الأجنبية بالجهاز المصرفي إلى نحو 30 مليار دولار في آب الماضي، وفقا لبيانات النشرة الاقتصادية لشهر تشرين الثاني 2011.وهذا السلوك أثّر على سعر الصرف للجنيه المصري حيث قلص المعروض في السوق من الدولار وزاد من الطلب عليه فتخطى سعر الصرف حاجز 6 جنيهات مصرية مقابل الدولار الواحد.
التهديد الأول
المحللون يرون في تراجع الاحتياطيات «التهديد الاقتصادي الأكثر إلحاحاً ويأتي بعده، من حيث الأولوية «تأثر السياحة والتصديروخروج رؤوس الأموال من البلاد», ومجمل هذه الأوضاع دفعت مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى تخفيض التصنيف الائتماني للسندات الحكومية، عازية ذلك إلى «اضطراب الوضع السياسي في البلاد وتأثيره السلبي على ثقة المستثمرين». وموديز, لوحت بتخفيض آخر, حيث أعلنت عن وضع تصنيف السندات الحكومية المصرية قيد المراجعة لخفض آخر محتمل,وإنها تعتقد أنه دون «مساعدة مالية سيجد البنك المركزي المصري صعوبة متنامية في المحافظة على سيولة كافية من الاحتياطيات الدولية في الأشهر أو السنوات القادمة».
صناعات الأجانب
وبالمقابل ثمة خبراء اقتصاديون مصريون يشيرون للحكومة عن حزمة حلول يمكنها وقف تدهور الاحتياطيات الأجنبية، فالخبير المصرفي أحمد آدم يرى أن الحكومة يمكن أن تلجأ إلى رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك الأجنبية بمصر من 500 مليون جنيه إلى ثلاثة مليارات جنيه، ومن شأن هذا المقترح «أن يدر على مصر نحو 11 مليار دولار» ويقترح آدم «منع الأجانب من الاستثمار في أذون الخزانة قصيرة الأجل وأن تكون استثماراتهم في الأوراق الحكومية مقتصرة على السندات طويلة الأجل» كما ينبغي أن تكون استثمارات الأجانب بالبورصة المصرية بعيدة عن أسهم المضاربة. ووفقا لآدم فإن السبب الرئيس لأزمة احتياطي النقد الأجنبي في مصر هو خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة, فمصر «تستورد سلعاً غذائية بنحو 6 مليارات دولار سنويا، وهو ما يمكن تعويضه من خلال تكامل زراعي مع السودان قائم على المشاركة، ويخرج مصر من معضلة تدبير العملات الصعبة، وخاصة أن مصر لديها الخبرات الزراعية والغنية الكافية لنجاح هذا المشروع». وثمة مايلحظه ادم في هذا المشهد، فالصناعات الأجنبية في مصر، تقوم بتحويل أرباحها بمعدلات عالية للخارج في ظل تمتعها بإعفاءات ضريبية وجمركية، وبلا شك فإن هذه التحويلات تمثل أحد عوامل الضغط على الاحتياطي من خلال زيادة الطلب على الدولار, وهو أمر يجب مراجعته.
نمو متواضع
وظاهرة الدولرة ليست السالب الوحيد الذي يكتنف أداء الاقتصاد المصري, الذي عانى ولم يزل من توقف الإنتاجية, الأمر الذي دفع بالكثيرين من أرباب العمل والمحللين الاقتصاديين إلى توقع نسبة نمو لاتتجاوز الـ 1,8 بالمئة خلال العام المالي الحالي. وكانت السياحة وهي مصدر رئيسي لإيرادات البلاد, والتي تشكل أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي تضررت كثيرا جراء الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر. وتدور التوقعات حول ان مصر يمكن أن تجني نحو 9 مليارات دولار فقط من السياحة عام 2011 بانخفاض بمقدار الثلث تقريبا عن مستوى الإيرادات قبل عام. ورافق التراجع في القطاع السياحي تراجع في الاستثمار الأجنبي، الأمر الذي ساهم في تكون عجز قدره 2.63 مليار دولار في ميزان المدفوعات مقارنة مع فائض قدره 14.7 مليون دولار قبل عام.
***
مصر توسع مظلة إقراضها
تعتزم الحكومة المصرية التوجه إلى البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي للحصول على قرض بقيمة مليار دولار، لسد العجز في الموازنة العامة للدولة. وقالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا، إن بلادها ستطلب من كل من البنكين قرضا بقيمة 500 مليون دولار. وبذلك يرتفع إجمالي القروض التي تطلبها مصر من مؤسسات دولية إلى 4.2 مليارات دولار.