ويأتي هذا الاتهام من أن المتآمرين ومعهم ابنها، كانوا يجتمعون في بيتها، لذلك اعتقلت، في حين استطاع ابنها الهرب إلى كندا . والفيلم رغم أنه يعرض لمرحلة تاريخية معينة، وهي توحيد أميركا ، لكن يستوقفنا أكثر من محور في هذا العرض الشائق .
أول هذه المحاور الغوص في عمق المجتمع الأميركي وخصوصاً ما يتعلق بالأمور القضائية، وموضوع الحرية والعدالة، هذه الشعارات التي تنادي بها أميركا، وتخترق الشعوب من خلالها، لا نجدها متوافرة بهذه المصداقية والشفافية والحيادية في محاكاتها الدستورية، إذ يظهر ذلك من خلال الدفاع عن تلك المرأة المتهمة من قبل محام لا يؤمن أصلاً ببراءتها، لمجرد أنه كان قبل ذلك في صفوف جيش الاتحاديين الذين حققوا النصر بقيادة لنكولن، وهو من المؤمنين بقوة لنكولن ودوره الاستثنائي في توحيد أميركا . والانحياز للقيم الدستورية التي رسمها وصولاً إلى الشجاعة والقيم الأصيلة التي يجسدها، وبالتالي فإن اغتيال لنكولن هو بالنسبة له أمر جلل، فكيف يخوض غمار الدفاع عن أحد المتهمين بهذه المؤامرة الدنيئة، وهو في قرارة نفسه ليس هذا المتهم إلا خائن ومجرم .
والمحور الآخر، الذي يستوقفنا بالفيلم، أن المتهمة مدنية وتحاكم بمحاكم عسكرية، فنرى المحامي يدافع عن مبادئه الدستورية لا عن المتهمة، وهذا ما جعل الأخيرة تتردد في التعاون معه، ما يحيلنا إلى انعدام العدالة في المحاكمات العسكرية الأميركية، وهو أمر آخر يطعن في مفهوم العدالة والديمقراطية التي تحمل لواءه الولايات المتحدة سيدة العالم . يتضمن الفيلم حوارات عميقة وصراعات بين القناعة والواقع، وخصوصاً ما جرى في أروقة المحاكم . وهو يستحق أكثر من وقفة لإسقاط بعض المواقف على واقعنا الحالي .
فيلم (المتآمرة) للمخرج روبيرت ريدفورد، تمثيل روبن رايت وجيمس مكافوي . جمع الفيلم بين متعة الفن، وعمق الرسالة، بأسلوب شائق، وصراعات حبست أنفاسنا، لكن لم نكن نتوقع، أن يكون للباطل جولة فيه .