عبر مديريات المخاطر التي تعد بوصلة الشركات لتجنب المخاطر المحتملة والمتغيرة والتعامل معها من خلال سلسلة اجراءات للتخفيف من آثارها والتقييم المستمر لها مما يجعلنا نتساءل الى اي مدى فعالية مديريات المخاطر بهذه الشركات وفي ضوء الازمة الحالية؟!
الدكتور عادل قضماني عميد معهد التخطيط واستاذ التأمين في جامعة دمشق اعتبر انه مايمكن ان نتوقف عنده في هذه المرحلة التي تمر بها سورية فيما يتعلق بقطاع التأمين هو انها تظهر اهمية الكثير مما كان ان تقوم به شركات التأمين خلال السنوات السابقة والتي مضت من تاريخ تأسيسها وانخراطها في السوق ولعل الاكثر بروزا هو ادارة مخاطر تلك الشركات وكيفية التعامل مع الظروف الحرجة او الاستثنائية والتي هي المحك لتلك الادارة ومن خلالها يطفو على السطح مدى الجدية ومستوى الاهتمام والتركيز في اختيار كل من الاسلوب او المنهج والكادر المعد لمواجهة اية مواقف لوضع اية حلول او لرسم اي سيناريو للتعامل مع مختلف الاخطار.
وكشف الدكتور قضماني انه بهذا الخصوص فان هناك عددا من الشركات كان يغرد منفردا وعلى هواه وهناك من كان ينظر اليه ويتعامل معه على انه رفع عتب بغرض اظهار انه ملتزم بتطبيق مايصدر عن اللجنة الوصائية للقطاع وهناك من كان ياخذ ذلك على محمل من الجد وباعتبار اننا بظرف ازمة حقيقية فان المطلوب التعامل مع ادارة المخاطر في قطاع التأمين بمنطق ادارة الازمة بكل ابعادها وان تكون ردود الافعال الخاصة بذلك حاملة لما هو جديد وبعيدة عن التقيد بحيث يكون الحكم في نهاية الامر من خلال النتائج.
وطالب عميد معهد التخطيط بضرورة التحرك بصيغة ولهجة وسلوك الفريق وذلك من خلال دور ريادي ومبادر من هيئة الاشراف على التأمين والاتحاد السوري للشركات اذ ان هذا الوقت هو الذي يظهر اهمية هذه المؤسسات وقدرتها الحقيقية على رفع وتيرة التنسيق بين الشركات وجمعها على طاولة واحدة وتقريب وجهات نظرها فلماذا لم نسمع حتى الان عن وجود لقاءات وعقد اجتماعات بهذا الخصوص الا اذا كان ذلك يتم سرا واننا مقبلون على موعد قريب للملتقى التأميني فهل ستكون جرأة كافية لجعل هذا الملتقى لتعزيز مواجهة المخاطر التامينية في ظل الازمة التي نعيشها.
اما الدكتور عماد الدين خليفة مدير عام شركة الثقة للتأمين يرى ان ادارة المخاطر تكتسب اهميتها سواء بالنسبة لشركات التأمين او غيرها من المؤسسات المالية والاقتصادية من كونها ادارة مستقلة وقائمة بحدذاتها تعنى بوضع المعايير والاسس التي من شأنها تقييم مؤشرات الحدث على مستقبل الشركة من حيث التاثير السلبي على وضع الشركة ومركزها المالي وبالتالي فان اذارة المخاطر معنية بتحليل ودراسة كافة المؤشرات التي من الممكن ان تدرج تحت عنوان المخاطر التي تتعرض لها شركة التأمين في سياق عملها تجاه المخاطر المتعددة مثل مخاطر وثائق التامين ومخاطر اعادة التأمين ومخاطر التسعير والاكتتاب وتسوية المطالبات وتقنية المعلومات والسيولة والاستثمار وحكومة الشركات ومخاطر السمعة وعدم الالتزام وغيرها والهدف الامثل من هذا الامر هو الوصول الى الوضع الامثل الذي يبقي الشركة في مأمن من اية سلبيات قد تخلق حالة ضعف وعجز في الشركة.
في حين ان رافد محمد مدير مديرية الدراسات والمخاطر بهيئة الاشراف على التأمين يشير الى انه رغم اهمية تطبيق انظمة لادارة المخاطر في شركات التأمين فانه لايمكن الادعاء ان وجود هذه الانظمة في معظم شركات التأمين هو السبب الرئيسي والوحيد لخروج شركات التأمين من الازمة اقل الخاسرين .
فرأس المال الجيد الذي تمتلكه شركات التأمين السورية وحده الادنى في كل شركة 850 مليون ليرة اضافة الى ماتتمتع به من ملاءة مالية جيدة بنيت على مدار خمس سنوات يجعل الشركات قادرة على تخطي اثار هذه الازمة والعقوبات دون خروج اي منها من السوق اضافة الى وجود بنية تشريعية قوية تحكم عمل سوق التأمين السورية وتمتد الى جميع اوجه نشاطه والتي تتم متابعتها باستمرار ودقة من قبل هيئة الاشراف على التأمين ومن اهمها نظام الاستثمار واحتجاز الاحتياطيات الفنية ونظام الملاءة المالية ونظام حوكمة الشركات اضافة الى مراقبة حالات اعادة التأمين وتجديد اتفاقيات الاعادة وقد كان لهذه المتابعة دور هام في ايجاد بدائل عن اعادة التأمين لدى الشركات الاوروبية وهو ماتحقق فعلا من خلال الاعادة لدى شركات عربية واسيوية.
واشار مدير المخاطر بهيئة الاشراف الى ان شركات التأمين الوطنية تلتزم اتباع نظام ادارة المخاطر فيها وكذلك الامر بالنسبة لشركات ادارة النفقات الطبية وهذه الانظمة تمت الموافقة عليها من قبل الهيئة وتتابع المديرية المختصة في الهيئة التزام الشركات بتطبيقها.
وتأتي الاهمية الكبيرة لنظام ادارة المخاطر كونه يشمل جميع اوجه النشاط في شركة التأمين دون استثناء بدءا من النواحي الفنية والمالية وصولا الى النواحي الادارية والقانونية والمعلوماتية وغيرها حيث اعتمدت الهيئة تصنيف المخاطر ضمن احد عشر نوعا تغطي اوجه النشاط في الشركة ومما يجعلنا لاننسب الفضل في قلة تأثيرات الازمة على التأمين الى نظام ادارة المخاطر هو حداثة عهد هذه الانظمة والقرارات الخاصة بها.
كما ان عدم خبرة السوق باعداد وتطبيق انظمة ادارة المخاطر وعدم ادراك البعض لاهميتها كان سببا اساسيا للبطء في تطبيق ادارة المخاطر في الشركات والهيئة تأخذ هذه العوامل بالاعتبار في محاولة منها للتغلب على العوائق التي تقف في وجه التطبيق الافضل لهذا الجانب الهام من عمل شركات التأمين.