من أوائل من امتهن هذه الحرفة وورثها عن أقربائه. حيث تقول ماري أنطون طويل تولد دمشق 1987 إن الولع وحب آلة العود هما من شجعاها لتكملة مسيرة
جدها ووالدها ، اذ لطالما راقبت جدها وهو يهم بأناة وعناية بالغة لصناعة أعواده التي كانت بمثابة ولد له فتتابعه بعينين حريصتين متلهفتين لمعرفة كل المراحل الطويلة لولادة العود.
وتكمل ماري ان الخلفية الاطلاعية التي اختزنتها من جدها سهلت عليها خلال عامين قطع أشواط كبيرة في تعلم الحرفة من والدها أنطون باعتبارها مطلعة مسبقا على المبادئ الأساسية للحرفة من أدوات ومواد الداخلة وعمليات ومراحل التصنيع وحسب قولها فإنها أول أنثى دمشقية تمتهن هذه الحرفة الأمر الذي يثير استغراب ودهشة العديد من حولها بمن فيهم الزبائن والسياح الذين لا ينفكون يسألونها عن سبب الدخول الأنثوي إلى حرفة خشنة تتعامل مع مواد قاسية وتتطلب جهدا وفيرا في قولبة الأخشاب وتقعيرها لتأخذ شكل ظهر العود الكمثري المنتفخ.
وتضيف صانعة الأعواد ان العود الدمشقي يتميز بدقة وإتقان صنعه عدا عن جودة الخامات المستخدمة ويتكون من ثمانية أقسام أولها الصندوق المصوت ويسمى أيضا القصعة أو ظهر العود أو الطاسة ثانيها الصدر أو الوجه الذي تخرقه فتحات تسمى القمريات التي تساعد على زيادة رنين الصوت وقوته وثالثها الفرس ويستخدم لربط الأوتار قرب مضرب الريشة ورابعها الرقبة أو زند العود وهي المكان الذي يضغط عليه العازف على الأوتار وخامسها الأنف أو العضمة وتوضع في رأس زند العود من جهة المفاتيح لإسناد الأوتار عليها ورفعها عن الزند وسادسها المفاتيح أو الملاوي وعددها 12 مفتاحا تستخدم لشد أوتار العود وسابعها الأوتار وتتكون من خمسة أوتار مزدوجة يمكن إضافة وتر سادس مزدوج إليها وثامنها الريشة التي تستعمل في العزف على الأوتار لإخراج وإصدار الرنين وتعتبر من أساسيات العود كذلك.
وتشير ماري إلى أن حرفة صناعة الأعواد تضم عدة حرف وفنون مجتمعة أهمها الرسم على الخشب وحرقه وتخريقه بفن يشابه الموزاييك مبينة أن مراحل التصنيع تكون بداية بطي الريش التي تتكون منها الطاسة أو ظهر العود وتقعيرها بالاستعانة بالبخار واحدة تلو الأخرى وهي مكونة من 15 ريشة تتبادل فيما بينها باللونين الأصفر الفاقع والبني و تكون عادة من خشب الجوز والليمون اللذين يعطيان اللون الطبيعي المطلوب ومن ثم تجميع تلك الريش على بعضها بوساطة كيها وإلصاقها بالغراء الأحمر ومن ثم حف أطرافها لتتساوى جميعها .
وعن الصعوبات التي تواجهها تبين ماري أن قولبة أخشاب العود وتقعيرها يدوياً تتطلب جهداً عضلياً كبيراً يفوق طاقتها الجسدية الأمر الذي يتولاه والدها حرفي صناعة الأعواد أنطون وتبقى تلك العثرة الوحيدة في وجه إكمالها لكل مراحل تصنيع العود معربة عن رفضها القاطع إدخال عنصر الآلة على عملها اليدوي لمساعدتها على ذلك مبينة أن تراجع السياحة الوافدة إلى التكية أضر كثيرا بمصلحتهم باعتبارها السوق التصريفي الأول لمنتجاتهم..لافتة إلى أن سعر القطعة الواحدة لديهم يتراوح ما بين 3 و 4 آلاف ليرة سورية وأن قياسات العود متباينة حسب توجهها للذكور أو الإناث ويحددها كذلك عامل التوجه والرغبة في الشراء.