تواصل الحكومات الغربية سياسة اللف والدوران ومجانبة الوقائع إزاء محاربة الإرهاب الذي بات بحسب المعطيات والمعلومات القادمة من معظم العواصم الغربية، يضاف إليها التفجيرات والأحداث الإرهابية التي ضربت في أكثر من مكان داخل أوروبا خطرا داهما يتهدد الجميع دون استثناء.
لكن السؤال الذي بات يُتداول بكثافة داخل أوساط السياسيين والذي بات يسبب إشكالية لمعظم مراكز الدراسات والبحوث، هو لماذا لاتزال الحكومات الأوروبية أسيرة الأقوال والقرارات التي تكتب على الورق والتي تنشر وتسوق في وسائل الإعلام دون ان ترى النور على ارض الوقع، وهذا الامر اثار العديد من التساؤلات لجهة الغاية والهدف الرئيس من هذا السلوك الذي اعتبره الكثيرون من المحللين امرا مقصودا لذر الرماد في العيون بهدف تشتيت الانتباه ولفت الأنظار عما يجري خلف الكواليس التي لاتزال تُحيك فيها تلك الحكومات المشاريع والمؤامرات الاستعمارية دون الاخذ بعين الاعتبار النتائج والتداعيات الكارثية التي لا تزال تحدثها تلك المخططات ليس على شعوب المنطقة فحسب بل على شعوب العالم اجمع.
هذا التجاهل الذي لايزال يدر للغرب أرباحا طائلة (بلغت مبيعات السلاح الأميركي والفرنسي والبريطاني للكثير من دول المنطقة وخاصة دول الخليج التي تعتبر الضحية الأبرز للابتزاز الغربي الذي يرتبط عضويا بالإرهاب والحروب والصراعات التي يجهد لإبقاء جذوتها متقدة ومشتعلة في المنطقة لأنها تحقق له مكاسبه وأهدافه على المدى البعيد)، ورغم ايجابياته الكبيرة له ، الا انه قد ساهم بشكل أو بأخر إلى كشف الأدوار الحقيقية للحكومات الغربية في دعم الإرهاب ورعايته واحتضانه كونه لايزال يحقق لهم ما لم يستطيعوا تحقيقه في الحروب المباشرة، ناهيك عن صورة الغرب التي تزداد قتامة يوما بعد يوم وهو الذي لايزال يدعي حرصه على الحريات والديمقراطيات وحقوق الانسان.
إن محاربة الإرهاب تحتاج إرادة حقيقية لاتحكمها المصالح الاستعمارية والمشاريع الاحتلالية، انطلاقا من خطورة هذا الوحش الذي ينمو بشكل مضطرد تحت أعين الغرب الذي يخطئ ان تصور ان هذا الوحش الذي بدا تمرده وانفلاته واضحا في الأفق سيبقى الى ما لانهاية رهن إرادته وإشارته وانه سيبقى بمنأى عن مخالبه وأنيابه.
ان محاربة الإرهاب باتت ضرورة حتمية في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ العالم الذي بات ينوء تحت وطأة الإرهاب، وهذا يعني وجوب ان يتقدم الغرب خطوة انطلاقا من كونه مكونا أساسيا في التحالف الأميركي لمحاربة الإرهاب ، خطوة فاعلة وحقيقية نحو محاربة الإرهاب بشكل جدي بعيدا عن الخداع والتزوير واللعب على دماء الشعوب - اشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي وصف في مقابلة مع قناة سي ان بي سي التحالف المزعوم الذي تقوده بلاده لمحاربة الإرهاب بالمفترض.
ونشير في هذا السياق الى ما كشفته صحيفة لوبوان الفرنسية نقلا عن خبراء عسكريين قولهم ان الضربات التي تقوم بها قوات التحالف الأميركي لاتعدو كونها خلبية او افتراضية بقصد الاستعراض والاستهلاك الإعلامي الذي يهدف الى تشتيت الأنظار ولفت الانتباه عن هزائم وخسائر التنظيمات الإرهابية التابعة لها .
نعيد طرح السؤال مجددا ولكن من زاوية أخرى، هل باتت الحكومات الغربية تفضل وترجح مصلحتها وأطماعها وطموحاتها الاستعمارية على كفة مصلحة امن واستقرار شعوبها؟ ، البعض ذهب في إجابته بعيدا جدا ، عندما قال إن الأنظمة الأوروبية ولكثرة ما قتلت من شعوب المنطقة والعالم لم تعد قادرة على أن تعيش دون قتل او ذبح بما في ذلك ذبح شعوبها، المهم عندها هو إرضاء شهوتها وإدمانها ونهمها المفرط على القتل.