و بينما تمضي العقارب متسارعة مستعجلة المستقبل ، ما زال الكثير منا و بكل إصرار يمارسون استهلاكاً جائراً بحق الوقت ، غير آبهين بما يلحقه من أذى بحاضرهم و مستقبلهم اللذين يحددهما طريقة استثمار الوقت ، بما يعود بالنفع عليهم و على مجتمعهم ، بعيداً عن السلوكيات اليومية غير المجدية .
فهل يعقل أن يمضي البعض ساعات يومه غارقاً بعسل الأحلام على وسائد البطالة و محطات الانتظار ، حيث يستسلم لسبات عميق خالطاً ساعات الليل بالنهار ، منتظراً فرصة عمل تأتيه على طبق فضي ، بينما يفاخر البعض في اللهو و الصخب العقيم على كراسي المقاهي ، في إعلان شبه رسمي عن طرق فعالة في إضاعة الوقت و هدر الساعات ، على أمل هطل سحابات من أمل دون المساهمة في صناعة هذا الأمل أو نسج خيوط الفرج ، و لمزيد من الهدر المجاني لساعات اليوم ، قد يكون حل الكلمات المتقاطعة و الإبحار في مواقع التواصل الاجتماعي ، أو مراقبة المارة في الشوارع و التلذذ في اللهو في قاعات الدرس و افتعال الشغب طرقاً مجدية في التبديد الزمني .
أوقات ثمينة من أعمارنا المحدودة تمضي في رحلة اللاعودة ، تستهلكنا دون أن نحسن استهلاكها ، لنجد أنفسنا فيما بعد نقف على عتبات الندم عاجزين عن اللعب في الوقت الضائع ، لأنه في لعبة الحياة لا مكان للاعبين احتياط أو لتسديد هدف في وقت ضائع ، و لأن أوقاتنا محدودة ربما علينا إعلان حالة طوارئ ، في محاولة جدية لاستثمار الوقت بما يقدم قيمة مضافة إلى كياننا كإنسان ، كي لا نكون مجرد لاعب احتياط أو رقم يضاف إلى عدد سكان .