عصابة مجرمي الحرب .. في أميركا
موقع CounterPunch ترجمة الأربعاء 7-3-2012 ترجمة : حنان علي لو قررت عصبة من شباب الأزقة التضافر للاعتداء بالضرب على رجل في الحي ، خشية أنه يخطط لشراء بندقية لحماية عائلته ! نتفق جميعا أن الشرطة يجب أن تعتقل تلك الجماعة بتهمة التآمر لارتكاب جريمة الاعتداء والضرب .
و إن ساروا بخطتهم و تمت مهاجمة الرجل، مما أسفر عن إصابته، أو قتله في هذه العملية ، نتفق أيضا بضرورة اعتقالهم بتهمة الاعتداء والضرب ومحاولة القتل أو حتى القتل من الدرجة الأولى إذا مات .ينطبق الشيء نفسه في العلاقات الدولية والقانون الدولي . بموجب «مبادئ نورمبرغ «المُدرج مؤخرا في ميثاق الأمم المتحدة: يُعتبر التخطيط، والإعداد، أو بدء شن حرب عدوانية، أو ما يعرف ببدء الحرب ضد دولة أخرى ،لا تشكل تهديدا وشيكا على الدولة المعتدية أو على الأمم الأخرى ، هو الأعلى درجة في جرائم الحرب الذي يتعرض مرتكبوها لعقوبة الإعدام و تُعتبر المشاركة في خطة مشتركة أو مؤامرة لإنجاز أي من تلك الأفعال المذكورة أعلاه جريمة خطيرة. إذا ماذا نفسر ما يتحدث به المدنيون والعسكريون في الولايات المتحدة وإسرائيل علنا و بلا مبالاة ، عن خطط وتهديدات لمهاجمة إيران؟التبرير المفترض ، لشن حرب بالهجوم على إيران ، هو أنها تمتلك برنامج لتخصيب اليورانيوم لإنتاج الوقود النووي لمفاعل جديد (و هذا نشاط شرعي تماما لأي دولة بموجب القانون الدولي)، وأنها تخطط سرا لتخصيب اليورانيوم لصنع قنبلة ذرية فيما بعد .والعملية التي يتحدثون عنها ، حتى لو كانت إيران ستقوم بها ، لن تؤدي إلى صنع قنبلة فعلية مناسبة جاهزة للاختبار لمدة لا تقل عن السنة، والتي لن تعطي إيران سلاحا صالحا للاستعمال ، لفترة أقل من ذلك .بينما في الوقت ذاته تقول مصادر استخباراتية أميركية أن إيران في هذه المرحلة لا تحاول صنع قنبلة نووية.هذا التهديد الإيراني المزعوم، حتى لو كان حقيقيا، لا يشكل خطرا «وشيك» الوقوع ،ولا يبرر الضربة الاستباقية على إيران، كما يجري التخطيط له علنا ، والتهديد به من قبل الولايات المتحدة و إسرائيل.والحقيقة البسيطة هي أن رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، وكبار ضباطه و مجلس وزراءه ، يرتكبون جرائم حرب في كل مرة يهددون فيها إيران بالهجوم .كما يرتكب الرئيس جرم المؤامرة ، عندما يرسل جنرالاته إلى إسرائيل، التي بدورها تقوم بالتهديد والتخطيط لمهاجمة إيران. لأنه يساهم بمناقشة خيارات الهجوم، و تقديم الأسلحة و القنابل و الطائرات و إيصال المنظومات لإسرائيل التي تحتاجها لمثل هذا الهجوم ،و لتعزيز تلك المؤامرة.المذهل بالأمر أن هذا الإجرام الفاضح على أعلى المستويات في الحكومة الأميركية ، يجري دون رادع من قبل وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة . رغم أن صحيفة نيويورك تايمز كانت قد أوردت في مقال افتتاحي لها يوم 3 شباط: « نعترف بأنه ليس هناك أي دليل أن إيران اتخذت هذا القرار للانتقال من إنتاج الوقود لصنع القنبلة « إلا أنها اكتفت بتحذير إسرائيل و الولايات المتحدة الأميركية من شن هجوم على إيران، بالقول : «تكاليف توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية مع أو من دون الدعم الأميركي - ستكون ضخمة»، وأنها يمكن أن «تأتي بنتائج عكسية».ليس هناك كلمة واحدة في صحيفة أو في أي مكان آخر في وسائل الإعلام يوضح أن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يشكل جريمة من جرائم الحرب الكبرى !!
حذر علنا كل من الرئيس الأميركي ، نائب الرئيس جو بايدن، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ، والسكرتير الصحفي للبيت الأبيض كارني جاي أن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» في التعامل مع التهديد الإيراني المفترض ببناء سلاح نووي . وهذا يعكس استعدادهم لمهاجمة إيران إذا لزم الأمر. كما تعهد الرئيس ووزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا بأن الولايات المتحدة «لن تسمح» لإيران بتطوير قنبلة نووية «، و بدأ التهديد على أرض الواقع جليا عندما تمركزت ثلاث ناقلات تابعة للبحرية في الخليج الفارسي وخليج السعودية. وتحدث خبراء عسكريون بضرورة وجودها في حال الهجوم على إيران.لكن بالرغم من كل الروايات عن الحرب وقعقعة السيوف، لا يزال النقاش الطاغي في وسائل الإعلام الأميركية عما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط حقا لمهاجمة إيران، أو أنها ستنضم لمساندة إسرائيل إن أطلقت الثانية شرارة الهجوم، و يتناسى الإعلام ما إذا كان مثل هذا الهجوم ،من قبل أي دولة ، لإيران يشكل جريمة حرب مروعة.هناك استطلاعات للرأي، والبعض منها تظهر أن غالبية الأميركيين صوتوا لصالح شن هجوم على إيران من قبل الولايات المتحدة، ولكن بالمقابل ، لا توجد استطلاعات للرأي يُسأل فيها الأميركيون عما إذا كانوا يعتقدون أن مثل هذا الهجوم سيكون بمثابة جريمة ضد الإنسانية.وأفترض أن لا نُفاجأ بهذه الحالة المؤسفة بعد كل ما جرى في ماضي الولايات المتحدة القاتم ، فكانت تلك الحروب التي شنتها ، الأكثر وحشية منذ مشاركتها في الحرب العالمية الثانية، كدولة وحيدة تستخدم أسلحة نووية، فحرقت مدينتين كبيرتين في اليابان في الأيام الأخيرة من الصراع، وفي حرب الهند الصينية، و شمال فيتنام ولاوس وكمبوديا التي لم تشكل أدنى تهديد لها. لكن لم يُحاكم أحد بسبب ذلك، ناهيك عن عدم طرح أي تعليق يصرح بهذا الاعتداء الوحشي والمتهم به سلسلة من القادة الأميركيين العسكريين والمدنيين . و كان غزو العراق عام 2003،البلد الذي لم يكن يشكل أي تهديد يمكن تصوره للولايات المتحدة، دليلا على جرائم الحرب التي يجب أن يُرسل بسببها الرئيس بوش و نائب الرئيس ديك تشيني، إلى حبل المشنقة، و لكن حتى الآن لم يتم اتهامهم.فلماذا نتوقع أن تكون الأمور مختلفة الآن ؟حسنٌ، ربما لأن العواقب أكثر خطورة، حتى من حرب الفيتنام وحرب العراق، وليس فقط للعاملين في الجيش الأميركي، أو لأميركا، ولكن للعالم أجمع .إيران بالتأكيد ليست العراق . هي دولة يقطنها 74 مليونا، وليس 24 مليون نسمة. ذات تاريخ طويل وهوية وطنية قوية، وليست مجموعة من القبائل والمناطق المختلفة المتناحرة. كما أن لديها أنصاراً أقوياء كروسيا والصين، فضلا عن تركيا وباكستان المجاورة، الذين قد يتضافرون لمساندتها في حال وقوع أي هجوم على أراضيها . فضلا عن ذلك فإن أي حرب على إيران ستوقف شحنات النفط ،ليس فقط من إيران،لكن من المملكة العربية السعودية ودول الخليج كالكويت والإمارات العربية المتحدة، فجميع تلك الدول تنقل نفطها عبر مضيق هرمز ،و تمتلك إيران نصف عرض الممر المائي . و في حال لم تغلق إيران هذا المضيق بنجاح ، فأي شركة تأمين تغطي ناقلات النفط التي من شأنها أن تضطر إلى اجتياز المضيق تحت تهديد الهجوم الإيراني؟ وهكذا ستتوقف الشحنات ببساطة، مما يتسبب في الارتفاع الهائل في أسعار النفط وانهيار الاقتصاد العالمي. ويمكن أن يكون هذا سببا كافيا لذهاب الصين، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط الإيراني، في التصرف دفاعا عن إيران.
قد يعتقد المرء أن حجم العواقب المحتملة لوقوع هجوم إجرامي على إيران ، من قبل الولايات المتحدة وعملائها في إسرائيل ليس بالخطير ، وقد يؤدي إلى إعلان شرعيته من قبل بعض وكالات الأنباء .على ما يبدو ،إن صبغ صفة قادة هذه الأمة ب «المجرمين» هو أبعد عن التصور لإعلام ولنظام يُدفع لأجله الكثير. بالرغم من ذلك سأفعل و سأعتبر الرئيس أوباما ومستشاريه الرئيسيين، فضلا عن نائب الرئيس بايدن، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع، مجرمي حرب لتهديد إيران بالهجوم عليها. و إن هاجمت الولايات المتحدة إيران، من تلقاء نفسها أو دعما لهجوم إسرائيلي، فهي أسوء من ذلك ، و تستحق المصير نفسه الذي لاقاه قائد الجيش الياباني الإمبراطوري العام ورئيس الوزراء بالسيلز هيديكي، ووزير الخارجية النازي يواكيم فون ريبنتروب والمشير كيتل فيلهلم، الذي شُنق كل منهم عقابا على جرائمهم.ديف ليندروف: صحفي أميركي مقيم في فيلادلفيا : مؤسس «هذا لا يمكن أن يحدث » مساهم في « باراك أوباما وسياسة الوهم» في صحافة العدالة والتنمية.
بقلم : ديف ليندورف
|