يرسلها الباحث المؤلف في هذا الكتاب الذي يعرض بعناية وشمولية مسيرة المرأة في كتابة تاريخها، ومسيرة تاريخ الحركة النسائية والذي يشمل كل الأفكار والنظريات التي تخص تلك الحركة، أكان صاحبها رجلا أم امرأة، و«جميع الحركات التاريخية للحركة النسوية قد اعتمدت بصورة ما على الرجال في تشكيل مواقفها».
«معظم التاريخ كتبه رجال..»، «كانت الأحكام العامة عن البشرية، تصدر في الماضي بناء على ما فعله الرجال»، لكن «مما لا شك فيه الآن أن مساهمات المرأة عموما في مناهج الفكر الإنساني، لعبت دوراً لا يستهان به في إعادة رسم الخارطة الثقافية للعالم. فإنجازاتها في مجال الدراسات اللغوية والنقدية والعلمية وغيرها من المجالات، أعطت بُعداً أخلاقياً شاملاً للعديد من الخطابات السائدة..».
يتميز هذا البحث في أحوال المرأة، بتأريخه لكل حدث أو فعل أو صوت ارتفع في سماء معركة المرأة لإثبات وجودها، عبر الأزمنة والعصور قاطعا القارات من أوروبا إلى أميركا، ومفندا بالزمان والمكان، كل الميادين التي دخلتها المرأة مطالبة «بحقوقها بالتحرر من سلطة الذكورية»، معبّرة عن نفسها، ومعارضة «للتعصب الديني واللغوي والعرقي، ومناهضة للاستعمار وللحرب والتسلح، ومحاربة للفقر والمرض وللأمية، ومناصرة لشؤون الأسرة والمرأة والطفل والحفاظ على البيئة»، ومشّعة بتألقها في الأدب والفلسفة والفنون.
تتوزع هذه الدراسة الموضوعية والدقيقة في «النقد النسوي»، على ثمانية فصول، تبدأ بفصل عام وشامل للموضوع ومصطلحاته اللغوية والتاريخية، لتنتقل بعدها إلى فصول في النقد النسوي في فرنسا، وبريطانيا وأميركا، وفي أوروبا الشرقية وبلدان العالم الثالث، وإلى الخطابات النسوية الثقافية في النقد والفنون والمقارنة.
يستخلص الباحث من عرضه التاريخي وتحليله العميق والجاد واللذين يتضمنهما هذا الكتاب، أن النقد النسوي «يؤكد وجود إبداع نسائي وآخر ذكوري، لكل منهما هويته وملامحه الخاصة... وتجاربه الخاصة من نفسية وفكرية، تؤثر في فهمه للعالم من حوله، وللمرحلة التاريخية التي يعيشها».