تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صدقي اسماعيل في دوح الشعر العالمي

كتب
الأربعاء 7-3-2012
يمن سليمان عباس

تتابع الهيئة العامة للكتاب في سورية نشر أوراق صدقي اسماعيل التي لم تنشر سابقاً وقد صدر منها عدة كتب أشرنا إليها في حينها...

جديد الهيئة اليوم من أوراقه المنسية كتاب حمل عنوان قصائد الخالدين- شعراء وقصائد من ثقافات العالم، أعدته عواطف الحفار اسماعيل وهو يذكرنا باختيارات العرب لمنتخبات من الأشعار، لكنه اليوم يختار من الآداب العالمية ويقدم باقة رائعة يمكن للقارئ من خلالها أن يشكل ذائقة شعرية من أنحاء العالم كله.‏

تراث فائق‏

قدم للكتاب الأستاذ الدكتور حسام الخطيب بقوله: خلف الأديب المفكر الراحل صدقي اسماعيل تراثاً فائقاً من جميع وجوهه في مختلف المجالات المعرفية ذات الطابع الفكري والأدبي والسياسي والاجتماعي، وكان مجلسه في منزله وفي المنتديات العامة مثالاً لما يتوقع من المثقف الملتزم والمراهن على القيم القومية والمعرفية والكرامة الإنسانية، وعلى الرغم من تركيزه على الثقافة العربية فإنه كان ذات نظرة ثاقبة فيما يتعلق بالقيم والأخلاقيات على امتداد الإطار العالمي.‏

أضف إلى ذلك أنه كان مثالاً للأدب واللطف وكان غزير الاضطلاع والثقافة وفي الوقت نفسه كان مناضلاً أدبياً ومعتداً بنفسه ومجتمعه وانتمائه العربي وإلى حد كبير على امتداد الإطار العالمي والإنساني.‏

وبالنسبة لهذا الكتاب يمكن القول إن صدقي حرص حرصاً شديداً على تزويده بأعظم الإنتاج الفكري في العصور الحديثة.‏

ولم ينس تزيين الكتاب بعدد لا بأس به من إبداعات الجنس اللطيف فذكر مثلاً الشاعرة الأميركية إميلي ديكسون والشاعرة الإسبانية جوانا دواسباج والشاعرة الفرنسية كونيتس دونواي وكذلك مدام جيرار دوفيك بالإضافة إلى البريطانية إميلي برونتي ومدام دوستايل.‏

ثم إنه خصص في كتابه فصلاً عن جوانب عالمية غير مرددة في الثقافة العربية مثل الشعر الفنلندي والسويدي وغيرها.‏

وبين طبيعة الإبداع الخاص للمرأة، ولا سيما في مجالات شعر الحب والحنين وربما التوحد، وانتقى من الإنتاج العالمي ما رأى أنه يناسب احتياجات الثقافة العربية، ولذلك قدم التفاتة موجزة حول شعراء من إفريقيا ومن آسيا لم تتح لهم فرص العالمية وهذا فضل يذكر له، ومن خلال هذه الالتفاتة توصل إلى الروائي الجزائري المعروف محمد ديب الذي صور الحياة البائسة في رواياته وفي أشعاره أيضاً.‏

وقد حرص المؤلف على تقليدية الثقافة الشعرية العربية إلى أن يتابع الشعر الحديث الملتزم في أجزاء مختلفة من أوروبا الشرقية مثل قصائد ميخائيل وغيره من الشعراء السوفييت في حينه وقد كان لهؤلاء الشعراء الملتزمين تأثير قوي على المجتمعات المعاينة وعلى المعذبين في الأرض.‏

بوشكين الروسيك‏

من باقة اختياراته ما كتبه عن الشاعر الروسي الكسندر بوشكين الذي ينتمي إلى المدرسة الرومانتيكية، ولد بوشكين في موسكو عام 1799 حصل على شهادات كبيرة كانت موضع احترام وتقدير وبدأ بنشر كتاباته وهو في الخامسة عشرة من عمره نشر أول قصيدة في السادسة عشرة.‏

من أشهر قصائد بوشكين إلى سيد كبير وهي إشارة إلى الثورة الفرنسية يقول فيها:‏

يا للأرض المباركة والشطآن الآسرة!‏

حيث ينضج البرتقال ويرتعش الغار‏

حدثنا عن النساء هناك‏

كيف يوفقن بين الحب والرحمة؟‏

كيف يلوحن بالإشارات المناسبة‏

كيف تسقط الرسالة وراء الحواجز‏

ولكن كل شيء تغير الآن‏

إنك لترى زلازل العاصفة‏

وكيف يسقط عالم بأسره‏

كيف يتحالف العقل وعواصف الثورات‏

إن رعود مجد جديد قد غيرت العالم.‏

آراغون وإلزا‏

أما الشاعر الفرنسي لويس آراغون فيعد مؤسس الحركة السوريالية في الأدب مع الشاعر بول إيلوار وأندريه بريتون وغيرهم، وقد عكست هذه الحركة الأفكار الرئيسية للقرن العشرين، ولد آرغوان في أحد أحياء باريس الراقية، درس الطب ومارس عمله كطبيب خلال الحرب العالمية الأولى.‏

في عام 1919أسس مجلة( الأدب) والتفت إلى الشعر، وتحمل مجموعته الأولى، اسم( نار الفرح) صدرت عام 1920 وقد حملت أصداء الأفكار التي تنادي بها الدادائية بتحطيم القيم والمؤسسات التقليدية.‏

وفي عام 1930 زار الاتحاد السوفييتي وكتب مقدمته الشهيرة الجبهة الحمراء استوحاها من الشاعر السوفييتي المعروف مايا كوفسكي، وهناك تعرف بسيدة من أصل روسي تدعى إلزا، أصبحت فيما بعد زوجته لمدة أربعين عاماً، وكان لها الأثر الأكبر في كتاباته الأدبية جميعها وهي كاتبة كبيرة حازت على جائزة الفونكور الأدبية الفرنسية.‏

كتب آراغون أجمل وأرق القصائد من أجل زوجته إلزا.‏

ومن أشهرها قصيدته «إلى إلزا».‏

أول فكرة منها تبعث هواها الجميل‏

إلزا، الفجر يغمغم بارتداد الأمواج في الغدران إلزا، إنني أسقط أين أنا.. إنسان كالحصاة الثقيلة.‏

تجرفه المياه على رمال النهار.‏

إلزا كل شيء يستعيد أنفاسه لكي يغمغم باسمك العالم إلى جانبك يبدأ طفولة جديدة.‏

يمزق أسمال حلم لم ينطفئ بعد.‏

وأنا أخرج من الرقاد أخرج من الغياب‏

دون أن أعرف كيف اعتاد، على أن أفتح عيني كل صباح وأنت قربي على أن أعود إليك من صحاري البعيدة.‏

وللشعر الافروآسيوي نصيب:‏

ويعرج الراحل إسماعيل على ذكر شعراء من إفريقيا ومن آسيا ولا سيما أنهم يهتمون بعقد المؤتمرات المعنية في تنسيق العمل التقدمي بين كتاب الشعوب المختلفة وذلك في سبيل إسهام الأدب على نحو خاص في دعم معركة التحرر التي تخوضها هذه الشعوب للانعتاق من سيطرة الاستعمار الغربي ومن شروط التخلف القاسية في آن واحد.‏

وبمناسبة الملتقى الثقافي للتضامن الإفريقي الآسيوي لابد من التعرض لبعض النماذج الأدبية المجهولة لدى الشعوب الصغيرة في القارتين العريقتين .‏

في الكتاب الحالي كما الشأن في كل كتاباته تنضج تماماً النزعة الإنسانية إلى جانب التفكير الاجتماعي وريادة صدقي في متابعة ثقافة العصر بصرف النظر عن تباين اللغات والأذواق والمقاصد على المستوى العالمي.‏

كما نلاحظ بعداً عالمياً وإنسانياً وإحاطة فائقة بمختلف أشكال وتطورات الثقافة العالمية من خلال متابعة ابداع الحائزين على جائزة نوبل إلى ابرز ابداعات المثقفين العالميين العظام.‏

ويسجل لصدقي جمال لغته المترجمة وصفاءها إلى جانب دقتها وحسن انتقائه للنصوص المترجمة وليس ذلك أمراً سهلاً.‏

‏

الكتاب: قصائد الخالدين - المؤلف: صدقي إسماعيل - تحرير: عواطف الحفار إسماعيل - الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية