نتيجة المطالبة التركية فيه وطلب إليهم السفر فوراً إلى اللواء للاطلاع على الحالة القائمة فيه مشى فيها ما ينوف على الأربعين ألفاً من العرب والأرمن، حملوا فيها الأعلام السورية، واليافطات التي تعبر عن أمانيهم ومطالبهم، بالمحافظة على ارتباط اللواء بالوطن السوري
زارت اللجنة مدينة الريحانية، فقام فيها العرب بمظاهرة، شارك فيها أكثر من عشرين ألفاً من عرب سهل العمق، وكانوا يحملون الأعلام السورية ويهتفون لسورية والعروبة.
وكذلك استقبلت اللجنة في مدينة الاسكندرونة وبلدة السويدية وفي جميع القرى العربية، التي زارتها بمظاهرات عبر فيها المواطنون العرب عن تمسكهم بعروبتهم وبوطنهم سورية.
عادت اللجنة إلى جنيف وهي تحمل الانطباعات بأن الأتراك لا يشكلون أكثرية السكان في لواء الاسكندرونة. وأن الغالبية العظمى من سكان اللواء، بما فيهم نسبة كبيرة من الأتراك تعارض ضم اللواء إلى تركيا وإن الأتراك في اللواء ليسوا مضطهدين من جانب السلطة المحلية (أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية- مجلد 581). دارت المباحثات الفرنسية التركية بين ماسيفلي ووزير خارجية تركيا «سراج أوغلو» في 15 أيار 1939 وانتهت في 23 حزيران 1939 بالتوقيع على اتفاقية تقضي بإلحاق لواء الاسكندرونة بتركيا. وأصبح يشكل الولاية 63 من الجمهورية التركية. ولم تتضمن هذه الاتفاقية أي نص يحفظ لأكثر من 130 ألف عربي بقوا في اللواء حقوقهم اللغوية والثقافية، على النحو الذي نصت عليه المادة 7 من اتفاقية أنقرة لعام 1921 بالنسبة لأتراك اللواء.
وقد سمح فقط لمن أرادوا الهجرة، بنقل أموالهم المنقولة معهم، وتصفية أملاكهم غير المنقولة خلال ثمانية عشر شهراً من تاريخ توقيع الاتفاقية. ولكن الحكومة التركية وضعت العراقيل التي من شأنها الحيلولة دون تطبيق هذه المادة، فوضعت يدها على أملاك الذين هاجروا من اللواء وصادرتها.
ولم تعترف الحكومة السورية بضم اللواء إلى تركيا استناداً إلى المادة 4 من صك الانتداب الذي يحرم على الدولة المنتدبة التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، ولا يزال عدم الاعتراف قائماً حتى اليوم.
ولقاء هذه الهبة التي قدمتها فرنسا لتركيا على حساب سورية، فقد عقد في 19 تشرين الأول 1939 «اتفاق فرنسي إنكليزي تركي» لمدة 15 عاماً، وهو يشكل حلفاً في حال وقوع حرب في شرق البحر المتوسط.
بلغ عدد سكان اللواء قبل اقتطاعه من سورية، 220 ألف نسمة.. كان العرب منهم 105 آلاف، والأتراك 85ألفاً، والأرمن 25 ألفاً والأكراد 5 آلاف.. ولو علمنا أن نسبة الأتراك كانت لا تتعدى 29% عام 1921، وأن الأرمن تم إبعادهم من شرق الأناضول عام 1916 الى كل من الإسكندرونة والموصل في العراق.. لأدركنا على الفور أن هذا الإقليم عربي سوري بهويته وسكانه وتاريخه أما اليوم فيسكن تقديريا مئات الآلاف من المواطنين السوريين في لواء الاسكندرون، يؤمنون بانتماء هذه الأرض إلى سورية، ويعمل معظمهم بالزراعة وصيد الأسماك وصناعة الزجاج والنسيج، ويعملون كذلك في التجارة عبر البر والبحر ولا تعطي تركيا تعداداً للنسبة العربية من سكانه بسبب السياسة التركية القمعية للقوميات، ويشكو سكان الإقليم العرب السوريون من القمع (الثقافي واللغوي والعرقي) الذي تمارسه تركيا عليهم والتمييز ضد الأقلية العربية لمصلحة العرق التركي في كل المجالات وهو متابعة نحو التتريك الكامل للواء. وهناك تواصل مستمر في مناسبات خاصة كالأعياد بين سكان اللواء وبين أقربائهم في الأراضي السورية المجاورة..
وحتى يومنا هذا فإن سكان لواء اسكندرون السوريين مازالوا متمسكين بوطنهم الام ويقيمون التظاهرات ضد سياسة اردوغان المعادية لهم ولوطنهم لدرجة أن صدر “جلال الدين ليكيسيز” والي “هاتاي” الواقعة في لواء الاسكندرون السوري المحتل من قبل تركيا بياناً أعلن فيه منع كل أنواع التظاهرات والاعتصامات والمسيرات وحتى المؤتمرات الصحافية، وذلك بحجة أنها تعرض السلم الأهلي للخطر.
وكان قد هاجم المشاركين في التظاهرة التي جرت في الأول من أيلول تحت عنوان “لا للهجمة الامبريالية على سورية”
ونبه “ليكيسيز” وسائل الإعلام إلى الانتباه لما تكتبه بخصوص أنطاكية، مطالباً بعدم تكرار الشعارات التي تدعو لطرد تنظيم القاعدة من أنطاكية، وقال: “إن ذلك يؤثر بشكل سيئ على عقلية شباننا” وقد استمرت وسائل الإعلام الموالية للنظام الأردوغاني ببث أخبار الكذب وتجاهل مسيرات الاسكندرون
يذكر أن أنطاكية كانت قد شهدت حراكاً كبيراً معارضاً للسياسة الأردوغانية بخصوص سورية؛ ويأتي على رأسها احتفال بلدة عين الجاموس في الخامس والعشرين من شهر آب، وحضرها أكثر من خمسة عشر ألف شخص، وتظاهرة الأول من أيلول التي شارك فيها أكثر من خمسين ألف متظاهر. كما أعلنت مجموعات شبابية صغيرة أنها باتت تشكل لجاناً شعبية لحماية قراها من مسلحي العصابات الارهابية المسلحة التي ترعاها تركيا على حدودها مع سورية والمتواجدين ايضا في تركيا. حيث حصلت اعتداءات على سكان اللواء السوريين من قبل هؤلاء الارهابيين.