(أرض فلسطين لن تكون آمنة في أي شبر فيها ما دامت المقاومة حاضرة وجاهزة وما دام الذي يدعم المقاومة حاضراً وجاهزاً) نعم وشعرت بسخرية القدر وبوقاحة المتآمرين وصفاقتهم وأنا أتابع هذا المشهد البطولي والمترافق مع مشاهد العربان المجتمعين في القاهرة واعترافهم أنهم نعاج، وما يسمى بإسرائيل الذئب على لسان تيس العربان!! إذ لا بد للنعاج من تيس رغم أنني أعلم أن وزارة الخارجية الأميركية ستعترض على إسباغ لقب التيس على سموه لسبب موضوعي، وهو أن التيس يحتفظ بشيء من الفحولة وهذا ما لم تلمسه الإدارة الأميركية بأصحاب السمو وما لا تريد أن تلمسه في المستقبل، لكن المهم هو ما قاله لي ولدي متسائلاً: (كيف وصلت الصواريخ والعتاد والغراد ورفاقه إلى غزة؟! ومن مول ودعم هذه الفصائل المقاومة البطلة؟!)، فأجبته: (إن جواب هذا السؤال برسم كل عربي حر، وبرسم كل من يختفظ ببقية ضمير.. بل إنه لمن العجيب والمثير للشجن أن تمضي صواريخ العزة صواريخ المقاومة في غزة إلى أهدافها في تل أبيب وهي تحمل البصمات السورية لتدك معاقل الصهاينة المجرمين وبنفس الوقت تضرب المؤامرة جيشنا ومؤسساتنا بصواريخ الغدر والخيانة بصواريخ وعتاد كتب عليه صراحة إنه من صنع إسرائيل) فعاود الولد السؤال: (وهل يعلم هؤلاء المجتمعون في القاهرة ذلك!!؟) فأجبته بالتساؤل مستنكراً: (وهل تدفع سورية بهذه المؤامرة إلا ثمن وقفتها مع المقاومة ودعمها للمقاومة؟! وهل تعتقد أن هؤلاء العربان المتآمرين سيقومون بأي فعل لدعم المقاومة، بل سوف تراهم يجتهدون في الضغط عليها لإيقاف صواريخها وترك كفاحها المسلح).
أغلقت التلفاز عندما انتقلت المحطة إلى القاهرة وسمعت بيان وزراء خارجية حكام الزور، فالوزراء رفضوا في الجلسة السرية حتى دعوة القادة العرب «مع التحفظ على عروبتهم» وانتهت الحكاية بالتأكيد على أن طريقة الخيانة عند عرب الربيع الدموي تختلف عن طريقة الخيانة عند عرب ما قبل هذا الربيع طبعاً، وهذا في غياب الموقف السوري المعروف في دعمه للمقاومة واحتضانه لها، وتذكرت ما قالته لي المرحومة عمتي تمرة يوماً عن ذاك الذي يتمرجل ويتمادى في غياب سيد المكان أو انشغاله وكان مفاد هذا المثل: (إذا غاب القط لعب الفار) والفار هنا جمع بلهجة العامة وهي بالأصل: (إذا غاب القط لعبت الفئران)، وهذا ما خطر ببالي وأنا أتابع ضراوة العدوان الصهيوني ووحشيته على إخوتنا في غزة، طيران يسرح ويمرح وصواريخ تهطل كالمطر على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ لنشهد بأم أعيننا ونسمع بملء آذاننا تمام المؤامرة على فلسطين قضية الوطن الأولى وعلى حاملي لواء المقاومة والتحرير فيها!! والواضح تماماً و بالتسلسل أن حرباً إعلامية واقتصادية وعسكرية بكل أشكالها تشن على إيران وسورية والمقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين.
ففي إيران الصهيونية والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا يشنون حرباً اقتصادية ونفسية على إيران تحت شعار (الملف النووي) وكأن الترسانة النووية الإسرائيلية غير موجودة وتواطأ عرب النفط مع عرب الذقون مع الصهاينة والأميركيين والأوروبيين لتظهر المنطقة وكأنها تحت خطر داهم وهو الخطر الإيراني، فإيران التي دعمت المقاومة بالمال والعتاد والمواقف، إيران التي أنزلت العلم الإسرائيلي عن سفارة إسرائيل في طهران الشاه رفعت العلم الفلسطيني وحولتها لأول سفارة فلسطينية في طهران الثورة طهران الخميني، إيران هذه تخيف عربان النفط بملفها النووي حقاً؟! في حين لم تخفهم الترسانة النووية للكيان الصهيوني الغاصب!! فالصهاينة الذين خاضوا عشرات الحروب المدمرة وآلاف الهجمات والاغتيالات والجرائم وعشرات الآلاف من الرؤوس النووية المدمرة، هؤلاء الصهاينة لم يخيفوا عربان النفط وعربان اللحى والذقون ولم يحركوا فيهم ساكناً، الصهاينة على أرض فلسطين هم الذين اغتصبوا الأرض ودنسوا العرض وانتهكوا مقدسات العرب والمسلمين لم يخيفوا عربان اللحى والنفط بل أخافتهم إيران بملفها النووي.
أما في سورية فلا شيء أخاف ويخيف الصهاينة والأميركيين والأوروبيين وأذنابهم من العربان منها أكثر من هذه الصواريخ التي انطلقت من غزة إلى العمق الآمن للكيان الصهيوني ولاشيء مستهدفاً عندهم أكثر من آخر معقل من معاقل الصمود في الوطن العربي، لذلك نشهد اليوم حرب الفئران على الفرسان، وها هو المشهد العربي دون سورية وفروسية سورية يتجلى باجتماع وزاري ترعاه الجامعة العربية يقر فيه المجتمعون أنهم نعاج! مجرد نعاج وعليه لم تفلح النعاج في دعوة التيوس لمؤتمر قمة طارئ، طبعاً اعتذر للقارئ عن هذا الإسفاف ولكن أليس هذا ما سمعناه ورأيناه في اجتماع الجامعة الوزاري؟! وعلى هذا تطل تلك الصورة المجرمة في شوارع وأزقة سورية الصامدة نماذج مفزعة تجوب على الجثث المنكل بها، هؤلاء الإرهابيون الذين خطفوا وقتلوا بالأمس يتنقلون بين جثث الضحايا ويدنسون دماء الشهداء كالشياطين ويصرخون بابتذال ودناءة محاولين مع تلك القنوات المجرمة الشريكة في القتل تزوير الحدث فيصبح القتلة ضحايا والضحايا هم القتلة، من يحتمل مشهد أولئك المجرمين الارهابيين وقد حلقوا رؤوسهم وأطالوا ذقونهم وهم يتنقلون بين جثث الضحايا كالشياطين يولولون ويكبرون ويصرخون، سيل من الإجرام يختبئ خلفه حكام النفط وأصحاب اللحى كالفئران التي نفثت مرض الطاعون في أوروبا منذ قرون، والنكتة أن هؤلاء الفئران يتهمون قادة وطنيين شهدت لهم الأرض والسماء بوطنيتهم وصمودهم، فهم يشككون ويخونون قادة دخلوا التاريخ، تابعوا قناتي الجزيرة والعربية ومن لف لفهم لتشاهدوا حملة الإساءة والتشويه لجمال عبد الناصر ولحافظ الأسد ولسماحة السيد حسن نصر الله وغيرهم فيظهرون كفئران تقارع الفرسان وصار على العربي أن يبيع عقله في المزاد كي يتمكن من تصديق هذا المشهد الجديد والذي أرادته الصهيونية وعملاؤها في العالم، والمشهد يقول: إن ثمة من خرج على سورية والسوريين بسلاح إسرائيلي وعتاد أوروبي أطلسي تركي ودعم سياسي ومالي أميركي ولكن بمال نفطي ولحية خليجية سلفية تكفيرية وبعد كل هذه المعطيات علينا أن نصدق بهذه المعطيات والمواصفات أن هذا الذي خرج على سورية والسوريين ما هو إلا ثائر يطالب بالحرية، وأن صاروخ (لاو) الصهيوني يجر عربة الحرية لسورية وأن نصدق أن الذين يعتبرون قيادة المرأة لسيارتها مشكلة شرعية عويصة وهم دعاة الحرية والتحرر، وأن الذي تابع بيع الغاز بسعره المنخفص للصهاينة وأغلق مئات الأنفاق بين غزة ومصر حريص على إرهاب المطالبين بالحرية النازفة من دماء السوريين المسفوحة والتي سيسألهم عنها رب العالمين!! للأسف هي الحرب الجديدة، الحرب التي تشنها الفئران على الفرسان وهيهات هيهات..